توفيق الشرعبي - المقابلة التي اجرتها قناة الجزيرة مع السفير البريطاني في اليمن بالعاصمة الاردنية عمان -الاسبوع الماضي -تحتاج الى الوقوف امامها كثيرا وقراءة ومعرفة ماوراء حديث سعادة السفير مايكل ارون فيما يخص عدوان التحالف السعودي المستمر على اليمن والذي سيدخل عامه الخامس قريبا والذي تعد بريطانيا جزءا منه وهي حقيقة لم يحاول السفير مواربتها او تمويهها..
فكلام السفير بالمعاني المباشرة والمضامين المتوارية خلف لغته الدبلوماسية توحي لمن تابع المقابلة ان بريطانيا تتجاوز مفهوم الحليف للسعودية والامارات وتتعداها الى انها هي المعنية بأهداف العدوان على اليمن، واذا ما ربطنا ماقاله السفير بالدور الذي لعبته وتلعبه بريطانيا الحالمة باستعادة مجدها الاستعماري الامبراطوري للمنطقة في ضوء المتغيرات التي تشهدها ويشهدها الوضع الدولي ندرك الدور البريطاني في وضع الحل السياسي في اليمن ليتضح انها المعني به منذ تعيين مواطنها الدبلوماسي الاممي مارتين جريفيث، وندرك ايضا لماذا اختير الجنرال الهولندي كامريت ليرأس لجنة المراقبين في الحديدة، ولماذا يجري الحديث على استبداله بجنرال دانماركي وكلتا الدولتين أوروبية تاريخيا كانتا قريبتين من بريطانيا..
الاخطر في مقابلة السفير آرون حديثه الذي حمل تلميحات حول وضع مايسمى بالحراك الجنوبي الانتقالي التابع لدويلة الامارات وكذلك الاحتلال السعودي للمهرة والاماراتي لسقطرى وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية والجزر في باب المندب والبحر الاحمر المطلة على الممر المائي المؤدي اليه والتي يمكن القول عما سرده السفير حول هذه المواضيع أنها اجابة مطاطية وتوحي بحقيقة الدور البريطاني في العدوان على اليمن والاسباب التي تجعل بريطانيا هي الممسكة بالملف اليمني في الامم المتحدة والذي لايعود فقط الى ان بريطانيا هي الاكثر فهماً للمنطقة بحكم ماضيها الاستعماري بل والى طموحها في ضوء الانكفاء الامريكي عن الشرق الاوسط والذي يتبدى وكأن الاخلاء الامريكي يعيدها لملء الفراغ في المنطقة.. وعدن وباب المندب والبحران العربي والاحمر لهما اهمية محورية بالنسبة لاستراتيجية بريطانيا لاستعادة دورها في المنطقة وإن بشكل جديد..
ويبقى الاكثر خطرا حديث السفير حول مشاورات ستوكهولم وأهميتها في مسارات السلام في اليمن بشكل عام وموضوع الحديدة بشكل خاص.
فقد اشار في حديثه الى ان هذا الاتفاق لم يتضمن وقف اطلاق النار وانما اعادة انتشار للقوات وكأنه يقول انه بالإمكان اعادة انتشار القوات دون وقف اطلاق النار وبالتالي ليس هناك خروقات من أصله..وهذا الكلام هو ما يجب توقف القوى الوطنية أمامه طويلا لاستيعابه بعمق لفهم عدم جدية هذه المشاورات وما اُتفق عليه لاسيما وان واقع الامور منذ توقيع هذه الاتفاقية لم يتغير بل واستتبع ذلك عودة طيران تحالف العدوان لقصف الحديدة بصورة مكثفة بعد مقابلة السفير، والوقوف على السيناريوهات القادمة في الحديدة وتوقع أسوأ الاحتمالات لاسيما وان المتحدث هو سفير الدولة التي ترعى - كما تدعي - عملية السلام في اليمن من موقع الشريك العسكري والسياسي للعدوان .
|