د عبدالرحمن الصعفاني* - إنكار الوحي ومصدره الإلهي والذّهاب إلى أن ما يأتي به الأنبياء عليهم السلام إنما هو نتاج تأمّلهم العميق والخاص الذي يستغرق فكر النبيّ فيدخل في حالة التباس عقلي فيتهيأ له أن ما يأتيه وحي من الله وما هو بوحي، بل هو ثمرة عصفه الذهني وترقّيه التأملي الخاص، هذا الإنكار - ساقط على الحقيقة - شكلا ومضمونا وهو تصوّر قديم تبنّاه عدد من مفكري الغرب ومستشرقيه، ولعل أهم من نظّر لهذا التصور وبسط القول فيه المستشرق الألماني (تيودور نولدكه) في كتابه الضخم الصفحات الذي سماه (تاريخ القرآن) ..
ونولدك في تصوره عن النبوة والوحي جاء تصوراً عاماً لم يقصره على النبي محمد صلى اللَّه عَلَيْهِ وآله وسلم وحده والقرآن الكريم دون سواه بل جعله تصوراً يشمل كل الأنبياء وكل ما صدر عنهم وظنوه - كما يرى ويتخيل - وحيًا من الله.
وخلاصة القول إن ما يردده كثير من هؤلاء المفسبكين اليوم من مثل هذه الأفكار لا يعدو عن كونه تقليدا ومحاكاة فليس من بنات أفكارهم ولا اجتهاداتهم بحال بل هو تقوّل غث وترداد ببغاوي لمقولات (نولدكه) وغيره دون تبصّر أو إعمال فكر.
والمثير للشفقة أنهم إذ يردّدون أقوال غيرهم إنما يطرحونها بزهو باذخ لكأنهم بذلك قد أتوا بما لم تستطعه الأوائل أو أن مثل هذه الترهات السطحية من التنوير أو أنها بوابة امتلاك الوعي والخلاص من كل مآسي الإنسانية ومعيقات الحضارة والإبداع الخارق والمتجاوز ..
* من حسابه بالفيس
|