أحمد غالب الرهوي - يأتي انعقاد اللجنة الدائمة في ظروف بالغة الدقة والتعقيد لم تحصل في تاريخ اليمن, في ظل عدوان غاشم تكالبت علينا فيه كل القوى الاستخبارية وعملائها الأذلاء .. في عدوان لم يشهد له العالم مثيلاً ووصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم وصمت عالمي مطبق .. واقع كله تناقضات وثغرات تسربت عبرها إرهابهم وأدواتهم لتدمير ونهب اليمن وتمزيقه وإزكاء الخلافات .
تأتي هذه الخطوة كممارسة للديمقراطية مستمدة من تاريخ شعبنا اليمني العظيم وانتمائه الديني والوطني والقومي واستهداء بحصيلة تجاربه وتحقيقا لطموحاته في التطور والتقدم والازدهار .
وبهذه الممارسة الديمقراطية تكمن عظمة المؤتمر الشعبي العام بجهود فئاته الوطنية الاجتماعية الجماعية الموحدة كنهج ديموقراطي أوصلنا للوحدة اليمنية بوصفها قضية محورية تمثل قدرنا ومصدر قوتنا كشعب واحد منذ الأزل .
ونحرص اليوم كل الحرص على الاضطلاع والدفع قدما وبخطى حثيثة لتصحيح المسار الوطني وتعزيز الصمود مع كل القوى الوطنية الخيرة .
كما أن انعقاد اللجنة الدائمة في ظل العدوان الغاشم يتيح للمؤتمر الشعبي العام الوقوف بمسؤولية أمام المستجدات والتطورات بعد أربع سنوات من العدوان المستمر لمواكبة المستجدات في ضوء ما يحدث متمسكين بوسطيتنا وعراقة تاريخنا وحصانة عقيدتنا ونهجنا الديمقراطي الواضح الذي أصبح جزءا من حياة الناس يعيشونه ويمارسونه على أرض الواقع ليتقدم شعبنا إلى الأمام بتعاون كل القوى الوطنية الشريفة بحماس وقوة وإخلاص بكل الوسائل المتاحة لاستعادة المكانة الحضارية والتاريخية لليمن تعزيزا للصمود وصولا للنصر العظيم والتحرر من الاستعمار الجديد بشتى الطرق والوسائل لنصل إلى علاقات متوازنة ومتكافئة وندية مع كل دول العالم بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين ونجعل من أدوارنا مع المنظمات الإقليمية والدولية نصرة لقضايانا العادلة .
لقد سببت لنا المؤامرات الخارجية والداخلية الكثير من المصاعب والمآسي والنتائج الكارثية , ولكن في الوقت نفسه خلقت في شعبنا روح التحدي بوعي وصمود أذهل العالم .. شعبنا المسالم المستعد للسلام لا الاستسلام، وهذه دعوة للعدوان وأدواته بسرعة وقف العدوان على اليمن وجلاء المستعمر ويكفي ما حصل من قتل وتدمير لليمن أرضا وإنسانا وتاريخ .
اليمن لم يعتدي على أحد .. يكفي هدماً .. يكفي هدراً لمقدرات المنطقة وشعوبها .. يكفي استهتاراً بأرواح الأبرياء .. يكفي تكبراً ومكابرة فلا حضارة بدون سلام وأمن واستقرار فقد أثبتت كل الأحداث التاريخية الدامية والتعصب الأعمى بأنها لا تثمر إلا الشر والخراب وأن المحاولات المتعصبة للقضاء على الآخرين أو إخضاعهم بالقوة فشلت عبر التاريخ بل وكانت تنتهي بالكوارث والجميع تابع وشاهد كل ما يحدث ودفع أثمانا باهظة من دمه ومقدراته .
وهنا أقول مؤكدا أن الحوار والحوار الواعي هو الوسيلة لتحقيق حياة أفضل للجميع , فشعبنا يرفض كل أشكال الظلم والاستغلال والعدوان مهما كانت أصوله ومصادره ، ويؤكد في نفس الوقت حرصه على السلام والأمن والاستقرار , فنحن نملك الوسيلة ووضوح الهدف بتطبيق الشراكة الحقيقية في الحكم , وبدون الشراكة الحقيقية يبقى النظام مسخا وشكلا بلا محتوى وجسدا بلا روح وفوق كل هذا وذاك معاناة شعبنا بكافة فئاته ويصبح بلدنا لقمة سائغة للطامعين والعابثين والمتربصين , ولهذا نحن مندفعون بوعي وبكل مصداقية لانتشال الوطن من أزماته بمسؤولية ملتزمين بالدستور والقوانين واللوائح التي تنظم صحة المسار والخروج من النفق المظلم مستوعبين منجزات الحضارة الإنسانية ومتمسكين بديننا ومبادئنا وقيمنا الأخلاقية وضمير شعبنا الذي يستحيل تجاهله أو استبداله بضمير آخر ، وذلك أن النظرة الإسلامية للكون والإنسان تتميز بالشمول لكل جوانب الحياة المادية والروحية , وهذا الشمول هو جوهر الإسلام السمح ، وهو شمول مرن لا يصب الحياة في قوالب جامدة متحجرة ضيقة , ولكنه يضعها في إطار سماوي يترك للعقل في هذا الإطار حرية الانطلاق والاجتهاد والاستنباط ، واستحداث النظم والأساليب وتغييرها انطلاقا من منهجنا الإسلامي السمح الشامل لتتلاءم مع ظروف الحياة المتطورة .
لقد فهم آباؤنا اليمنيون الإسلام بهذا الشمول فاعتنقوه وارتبط تاريخنا بتاريخه وآمالنا بروحه وعندما أصبنا بالبلاء ظل وعي شعبنا المرتكز على الإسلام هو القوة التي تواجه كل جبروت العالم وطغيانه .
نحن بحمد الله شعب مسلم موحد العقيدة ارتضينا الإسلام شرعا ومنهاجا للحياة ومن ثم فإن الحوار الواعي والشراكة الحقيقية هي السبيل الوحيد للخروج من المآزق التي نعيشها اليوم محافظين بذلك على وحدتنا الوطنية مبتعدين عن التعصب الذي يمزق الوحدة الوطنية بأنواعه ويضر بمصلحة الوطن والمواطن .
الوحدة الوطنية هي القوة التي نواجه بها كل المخاطر التي تهدد كياننا واستقرارنا وسيادتنا الوطنية , فبلادنا تمر بأصعب مراحلها الأمر الذي يقتضي منا ضرورة توحيد الجبهة الداخلية في موقف موحد وصادق يقوم على أسس محددة المعالم ويتطلب منا التجرد الكامل من كل الطموحات الذاتية المنحرفة ونتحمل مسؤوليتنا في جميع مناحي الحياة وبهذا تختفي التناقضات وتضمحل الصراعات ليطغى على الموقف هدف واحد هو توفير الضمانات الضرورية لحماية اليمن أرضاً وإنساناً وتاريخاً .
إن الاتفاق على القضايا الأساسية عبر حوار واعِ حقيقي هو الوسيلة الوحيدة للنجاة والتغلب على كل الظروف التي تؤدي إلى تباين المفاهيم واختلاف التصورات وتعدد المواقف , مما يؤدي إلى تناقض أساليب التحرك لمواجهة الأخطار التي تهدد الجميع.
هذا التلاحم يوجب انطلاق الجميع في إطار المصلحة العليا للوطن ومعالجة أي خلافات أو تناقضات بالطرق السلمية والديمقراطية , فوحدتنا الوطنية هي قدر شعبنا وضرورة حتمية لتكامل نموه وتطوره وضمانة لقدرته على حماية كيانه وأداء دور فعال وإيجابي على المستوى الإقليمي والدولي.
ونأسف كل الأسف لمن كانوا في المؤتمر ويعملون اليوم من الخارج بدعم السعودية والإمارات على تمزيق المؤتمر ومن هرولوا لعقد جلسة مسرحية برلمانية غير قانونية في سيئون كانت أشبه بمؤتمر صحفي دعا إليها رئيس غير شرعي بترتيب ودعم مالي وعسكري من مملكة العدوان بينما الأحزاب والقوى الوطنية الحقيقية على أرضها ومنهم من يتحدث باسم المؤتمر الشعبي العام وهم لا يمثلو إلا أنفسهم فإذا كانوا حقا كما يدعون تمثيل المؤتمر فلماذا لا يدعون إلى عقد مؤتمر أو يأتون إلى صنعاء ويدعون لعقد مؤتمر ولهذا كل ما يفعلونه يؤكد أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، ووفقاً للدستور والقانون فهم في أقفاص الخيانة .. والحقيقة الساطعة هي أن للمؤتمر قيادة واحدة على أرض الوطن في عاصمة الوطن صنعاء متمثلة في الشهيد الحي صادق بن أمين أبو راس ومعه كل مؤتمرية ومؤتمري حر سطروا أروع أمثلة الصبر والوطنية .
وفي الأخير النصر لليمن والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى .. لن ترى الدنيا على أرضي وصياً.
* عضو اللجنة العامة
عضو المجلس السياسي الأعلى
|