الميثاق نت -

الإثنين, 20-مايو-2019
راسل‮ ‬القرشي -
تابعت كما تابع الكثيرون مقاطع الفيديوهات التي تناقلتها بعض شبكات التواصل الاجتماعي حول اعتذار الداعية السعودي عائض القرني عن الأفكار المتشددة والمتطرفة التي ظل يروج لها هو ودعاة الفكر الوهابي طيلة الثلاثين سنة الماضية، والتي كانت سبباً في ظهور الممارسات والجرائم الإرهابية في أكثر من بلد عربي وإسلامي وعالمي..، كما دفعت الغرب إلى إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين وظهور الأفعال والاعمال العنصرية ضد المسلمين في أكثر من بلد آسيوي وأوروبي وأمريكي.. وليست جريمة جامعي سيرلانكا الأخيرة عنا ببعيد..!!
استغربت كثيراً من البعض الذي ذهب يمدح القرني واعتذاره عن تلك السنوات التي كان فيها واحداً من دعاة الفكر الوهابي المتشدد والمتطرف، وكأن هذا الاعتذار سيبرئه من تلك الأقوال والخطابات المدانة والمدوّنة على "اليوتيوب" واشرطة الكاست، وعلى الكثير من وسائل الاعلام‮ ‬العربية‮ ‬والغربية‮..!!‬
القرني ودعاة "الدين الجديد" - الذين بدأوا بالتبشير له وفقاً لمنهجية محمد بن سلمان و"الاعتذار" عما اقترفوه طيلة الثلاثين سنة الماضية - تناسوا أن الدين الإسلامي الوسطي والمعتدل والمستنير ليس دين بن سلمان وانما دين محمد بن عبدالله الذي جاء بلسان مبين واضح ينبذ‮ ‬التطرف‮ ‬والغلو‮ ‬كما‮ ‬ينبذ‮ ‬العصبية‮ ‬أياً‮ ‬كان‮ ‬شكلها‮ ‬أو‮ ‬لونها‮ ‬ويدعو‮ ‬للتسامح‮ ‬والمحبة‮ ‬والإخاء‮ ‬لا‮ ‬لقتل‮ ‬المسلم‮ ‬أخاه‮ ‬المسلم‮ ‬بحجة‮ ‬الاختلاف‮ ‬في‮ ‬الرأي‮ ‬ولا‮ ‬يحرض‮ ‬على‮ ‬الكراهية‮ ‬والأحقاد‮..‬
ما الذي سيفعله القرني وامثاله بهذا الاعتذار بعد كل تلك التصنيفات البشعة التي ظل يروج لها طيلة مسيرته الدعوية المتطرفة وراح ضحيتها الكثير من المثقفين والمناوئين للنظام السعودي وغيرهم من العرب والمسلمين..!!
هل الدين في نظرهم لعبة ويتم تغييره وفقاً لما يريد ولي نعمتهم بن سلمان أو غيره..، أم أن الدين وتعاليمه وسلوكياته وأخلاقه وقيمه الحية ومضامينه العادلة تتغير من حين لآخر وفقاً لرغبات السلاطين والأمراء والحكام كأمثال تاجر الدين والحرب في آن محمد بن سلمان..؟!!
ومن‮ ‬ثم‮ ‬ما‮ ‬رأي‮ ‬هذا‮ ‬القرني‮ ‬وأمثاله‮ "‬المعتذرين‮" ‬في‮ ‬جرائم‮ ‬الإبادة‮ ‬التي‮ ‬يرتكبها‮ "‬نبيّهم‮" ‬وصاحب‮ ‬الدين‮ ‬الجديد‮ ‬محمد‮ ‬بن‮ ‬سلمان‮ ‬منذ‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬اربع‮ ‬سنوات‮ ‬ضد‮ ‬اليمنيين‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتهم‮ ‬الأطفال‮ ‬والنساء‮..‬؟‮!‬
وما‮ ‬رأيهم‮ ‬في‮ ‬دعمه‮ ‬وأمراء‮ ‬الحروب‮ ‬امثاله‮ ‬للإرهاب‮ ‬وجماعاته‮ ‬وسدنة‮ ‬القتل‮ ‬والإجرام‮ ‬في‮ ‬سوريا‮ ‬والعراق‮ ‬وليبيا‮ ‬واليمن‮ ‬وفي‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬بلد‮ ‬عربي‮ ‬وغربي‮..‬؟‮!‬
‮ ‬ما‮ ‬بال‮ ‬القرني‮ ‬وغيره‮ ‬من‮ ‬دعاة‮ ‬الإرهاب‮ ‬الوهابي‮ ‬وهم‮ ‬يتسابقون‮ ‬لطي‮ ‬صفحة‮ ‬ماضيهم‮ ‬البائس‮ ‬والعقيم‮ ‬باعتذارات‮ ‬لا‮ ‬تسمن‮ ‬ولا‮ ‬تغني‮ ‬من‮ ‬جوع‮..‬؟‮!‬
دعاة لا يؤمنون بدين الله ونبيه محمد بن عبدالله وانما يؤمنون بدين ولاتهم وحكامهم المليئ بالتحريض ضد المخالفين لوهابيتهم والمناوئين لنظامهم الإرهابي المعروف ولتوجهاته في ادعاء الحقيقة المطلقة والسخرية من غيرهم في بقية الاقطار العربية..!!
اعتذار القرني وغيره من تجار الدين كشف عن حقيقة دعاة الفكر الوهابي وتناقضهم في الأقوال والأفعال معاً، وأظهر الفرق الكبير والشاسع بين منهجية الوهابية ومنهجية محمد بن عبدالله الذي لم يأتِ ليقتل الملايين من العرب والمسلمين بحجج واهية ما انزل الله بها من سلطان.‮. ‬وإنما‮ ‬جاء‮ ‬هادياً‮ ‬للحق‮ ‬وحاملاً‮ ‬دين‮ ‬اليسر‮ ‬والرحمة‮ ‬والعدل‮ ‬والمساواة‮ ‬والأخلاق‮.. ‬
فأين‮ ‬القرني‮ ‬ونبيه‮ ‬محمد‮ ‬بن‮ ‬سلمان‮ ‬من‮ ‬هذا‮ ‬الدين‮ ‬المحمدي‮ ‬الجامع‮ ‬والشامل‮.. ‬الموحد‮ ‬لا‮ ‬المفرق‮.. ‬الباني‮ ‬لا‮ ‬الهادم‮ ‬والمدمر‮..‬؟‮!‬
هؤلاء‮ ‬الدعاة‮ ‬هم‮ ‬من‮ ‬اساءوا‮ ‬للاسلام‮ ‬والمسلمين‮ ‬طيلة‮ ‬العقود‮ ‬الماضية‮ ‬؛‮ ‬ويسيئون‮ ‬له‮ ‬اليوم‮ ‬بأحاديثهم‮ ‬عن‮ ‬الصحوة‮ ‬الدينية‮ ‬والتصحيحية‮ ‬التي‮ ‬يقودها‮ ‬محمد‮ ‬بن‮ ‬سلمان‮ ‬دون‮ ‬خجل‮ ‬أو‮ ‬وجل‮..!!!‬
والأدهى‮ ‬والأمر‮ ‬من‮ ‬اعتذار‮ ‬القرني‮ ‬ترحيب‮ ‬مرصد‮ ‬الفتاوى‮ ‬التكفيرية‮ ‬والآراء‮ ‬المتشددة‮ ‬التابع‮ ‬لدار‮ ‬الإفتاء‮ ‬المصرية‮ ‬باعتذار‮ ‬هذا‮ ‬الداعية‮ ‬عن‮ ‬الأفكار‮ ‬المتشددة‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يدعو‮ ‬إليها‮..!‬
ترحيب هذا الجهاز الإفتائي سياسي أكثر من كونه دينياً.. ومن يريد أن يعرف ما قاله وكيف اتجه صوب مدح القرني والإطراء عليه أن يعود لذلك الخبر المنشور من قبلهم ويتعرف عن مفهوم الدين لديهم.. وحسبنا الله عليهم جميعاً.!!
هذا‮ ‬هو‮ ‬عائض‮ ‬القرني‮ ‬وأمثاله‮ ‬من‮ ‬دعاة‮ ‬الوهابية‮ ‬يكيّفون‮ ‬الدين‮ ‬وفقاً‮ ‬لرغبات‮ ‬وليهم‮ ‬وسلطانهم‮ ‬ونبيهم‮ ‬الجديد‮ ‬محمد‮ ‬بن‮ ‬سلمان‮..‬
أفعال وأقوال مضحكة يروّج لها القرني اليوم بعد اعتذاره المليئ بالسخرية تماشياً مع ما يريده محمد بن سلمان وتحت مسميات التجديد والانفتاح والاعتدال والوسطية التي ظلت طيلة الفترة الماضية من عمر نظام آل سعود وما زالت منعدمة وغير معترف بها كمفاهيم وقيم يحثنا ديننا‮ ‬الحنيف‮ ‬على‮ ‬الالتزام‮ ‬بها‮ ‬ونبذ‮ ‬كل‮ ‬أشكال‮ ‬وصور‮ ‬التطرف‮ ‬والتشدد‮ ‬والغلو‮..‬
فهل‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬يثق‮ ‬أو‮ ‬يستند‮ ‬العامة‮ ‬لما‮ ‬يقوله‮ ‬ويروّج‮ ‬له‮ ‬القرني‮ ‬واشباهه‮ ‬من‮ ‬دعاة‮ ‬التشدد‮ "‬بالأمس‮" ‬والصحوة‮ ‬والتصحيح‮ ‬والدين‮ ‬المعتدل‮ "‬اليوم‮"..‬؟‮!‬
وهل‮ ‬ينبغي‮ ‬التلاعب‮ ‬بالدين‮ ‬ونصوصه‮ ‬وفقاً‮ ‬ورغبات‮ ‬سلطانهم‮ ‬وولي‮ ‬أمرهم‮ ‬ووقت‮ ‬ما‮ ‬يشاء‮ ‬ومتى‮ ‬ما‮ ‬أراد‮ ‬ذلك‮..‬؟‮!!‬

اللهم‮ ‬إني‮ ‬صائم‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:12 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-55840.htm