راسل القرشي - منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي بدأ النقاش الوحدوي يأخذ طابعاً جدياً، ورغم أنه لم يخلُ من المواجهة المسلحة لمرتين متتاليتين إلا أن هذا النقاش لم يهدأ، بل تواصل، رغم التحديات التي أدت إلى خلق صراع بين قيادتي الشطرين، والذي ارتدى العديد من الألبسة والأقنعة، منها ما كان معروفاً ومنها ما كان خفياً، رغم ذلك بدأت ملامح الصورة الوحدوية تتضح وتتجلى مع مرور السنوات وفي ظل إصرار غير عادي على توحيد الجغرافيا واستعادة التاريخ اليمني المسروق.
مضت الأيام والأشهر والسنوات في اتجاه العنوان الواحد والكبير لليمن.. وتقاربت وجهات النظر إلى أبعد مدى حتى كان الـ30 من نوفمبر 1989م، التاريخ المضيئ لليمن واليمنيين وفاتحة الكتاب اليماني التي أذنت بإزالة الثنائية الشطرية والإعلان عن استعادة اليمن واليمنيين جغرافيتهم وتاريخهم اليماني الواحد في الـ22 من مايو 1990م، وكل ذلك تم على رؤى واضحة تتجه للمستقبل وبنائه دون العودة مطلقاً إلى الوراء مهما كانت الظروف والتحديات.
تحققت الوحدة بإذن الله وإرادة قيادة الشطرين ومن حولها جماهير الشعب الوحدويين، ومضت اليمن في طريق كتابة تاريخها الجديد..
صحيح أنها حدثت اخطاء وخان هذا الانجاز الوحدوي العديد من السياسيين الذين وجدوا في الوحدة مبتغاهم للوصول للحكم والتمصلح على حساب حلم اليمنيين والوطن الواحد الكبير.. إلا أن التآمر العربي من بعض الانظمة ظل ينخر في جسد الوطن حتى اوصلته إلى ماهو عليه اليوم..
نعم.. شكل اعلان الوحدة صدمة حقيقية لبعض الأنظمة العربية والغربية..؛ ورغم ترحيب تلك الأنظمة بتحقيق هذا الحلم اليماني إلا انها ظلت تتآمر وتغذي الخلافات الناشبة حتى وصل الأمر الى ازمة العام 1993م عقب الانتخابات البرلمانية والتي قادت إلى إعلان الأمين العام للحزب الاشتراكي الاعتكاف في عدن ومن ثم اعلانه الانفصال في العام 1994م ونشوب حرب بين الحكومة اليمنية ودعاة الانفصال انتهت بانتصار الحكومة والحفاظ على الوحدة وهروب قيادات الانفصال خارج البلد وخاصة إلى بعض دول الخليج التي انحازت بعضها إلى جانب الحزب الاشتراكي وقدموا له دعماً مادياً وإعلامياً وسياسياً تأييداً لاعلانه وعودة الوطن إلى ما قبل 1990م..
تجلت المؤامرة على الوحدة اليمنية في تلك الأثناء بوضوح من قبل بعض الأنظمة الخليجية والتي قدمت الدعم الشامل والكامل لدعاة الانفصال وبدا اكثر وضوحا في الخطاب الإعلامي الذي تبنته وسائل إعلام تلك الأنظمة وتحريضها المتواصل باتجاه تفتيت اليمن وتبني وجهة نظر الانفصالية!!.
مثلت الوحدة اليمنية الحدث الكبير بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وعلى كافة المستويات، وجاءت في زمن التشظي العربي.. كما مثلت بادرة وحدوية تسهم في تعزيز ودعم التضامن والترابط العربي وهو ما لم يتقبله البعض..
ولأنها مثلت هذه الجزئية المهمة في سفر تاريخنا العربي ذهبت بعض الانظمة العربية الرافضة للتوجهات الوحدوية أكانت بين بلدين أو بين البلدان العربية قاطبة باتجاه تغذية الخلافات القائمة بين قيادات الدولة الوليدة آنذاك - صوب تقويضها بهدف إعادة اليمن الى ما قبل الـ22 من مايو 1990م..
بعد الانتصار على دعاة الانفصال تظاهرت تلك الأنظمة من خلال مواقفها أنها مع اليمن الواحد إلا إنها استمرت في تآمرها على الوحدة بشكل غير مباشر حتى وصلت اليمن إلى ما نحن عليه اليوم ؛ وتعرت وفضحت معها حقيقة تلك الأنظمة ومساعيها التفتيتية ليس في اليمن فحسب وانما في المنطقة العربية عموما!!
هكذا كانت مواقفهم من الوحدة اليمنية.. وانعكست تلك المواقف بوضوح في سنوات لاحقة منذ العام 1994م وحتى عامنا هذا ؛ وليس عنَّا ببعيد ما شهدته اليمن في العام 2011م وتداعياتها التي قادت لشن هذا العدوان التدميري الإجرامي الشامل بقيادة الأنظمة الخليجية نفسها التي دعمت الانفصال!!
لقد دعم النظام السعودي ومعه بعض الأنظمة الخليجية كل أعمال الفوضى والتخريب التي شهدتها اليمن، كما كانوا وراء إثارة الفتن المذهبية والطائفية في أكثر من مرحلة..، وهم من عملوا على تصدير الإرهابيين من القاعدة وغيرها إلى اليمن، بهدف خلخلة الأمن والاستقرار من جهة واستخدام هذه الجماعات كورقة ضغط على الحكومات اليمنية المتتابعة..
ليس في مصلحة النظام السعودي أن يرى اليمن بلداً مستقراً آمناً فطيلة السنوات الماضية كان هذا النظام يعمل كل ما بوسعه للتدخل في الشؤون اليمنية والتأثير على قراراتنا وتوجهاتنا أياً كانت..
الرحمة للشهيد الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام صانع الوحدة وحارسها الأمين.. ولكل الشرفاء الوحدويين الذين عملوا على حماية الوحدة وبقائها ومواجهة كل اشكال التآمر التي حيكت ضدها داخلياً وخارجياً..
|