إبراهيم ناصر الجرفي - من المعلوم بأن حزب المؤتمر، هو الحزب الحاكم للجمهورية اليمنية، قبل نكبة 2011م، عن طريق صناديق الاقتراع، ووفقاً للدستور اليمني، وللأنظمة والقوانين النافذة..!!
طبعاً.....
التجربة الديمقراطية اليمنية، تجربة ديمقراطية وليدة، كانت لا تزال في مرحلة النشأة، لم يتجاوز عمرها العشرون عاماً، وما تم انجازه في مجال العمل الديمقراطي، مقارنة بعمر التجربة الديمقراطية، يعتبر في مقاييس العلوم السياسية، انجاز كبير، حيث أن الرئيس اليمني قبل النكبة كان منتخباً، ومجلس النواب قبل النكبة كان منتخباً، والمجالس المحلية قبل النكبة كانت منتخبة..!!
نعم.....
لن أبالغ إذا قلت بأن اليمن قبل نكبة 2011م، كانت بمثابة واحة غناء بالديمقراطية والمشاركة السياسية، وحرية الرأي والتعبير، والحقوق والحريات، لكنها للأسف الشديد كانت واحة وسط صحراء قاحلة، حيث كانت تحيط بها الصحاري المجدبة من كل جانب، صحاري مليئة بأشواك الأفكار الديكتاتورية والملكية والاستبدادية، صحاري لا حياة فيها، ولا حقوق ولا حريات، فتكالبت تلك الصحاري القاحلة والمجدبة على الواحة الغناء، فشوهت معالمها، ودمرت أشجارها الوارفة..!!
نعم.....
لم تستطع القوى التقليدية والرجعية والمتظرفة والإرهابية والمتشددة، الصبر كثيراً، وهي تشاهد تجربة ديمقراطية في نطاقها الجغرافي، وهي تنجح وتزدهر، ولم تستطع صبراً، وهي تشاهد الشعب اليمني، وهو يمارس حقوقه وحرياته السياسية والمدنية، وهو ينعم بأجواء الحرية والديمقراطية..!!
فكانت ثورات الربيع العربي، بمثابة الفرصة المناسبة للقوى التقليدية والرجعية والمتشددة، للقضاء والإجهاز على التجربة الديمقراطية اليمنية، وكانت أحزاب المعارضة هي الأداة المناسبة للقيام بتلك المهمة، عن طريق رفع الشعارات المطالبة بالدولة المدنية الحديثة..!!
طبعاً......
وقع الكثير من أبناء الشعب اليمني، مثلهم مثل غيرهم من أبناء الدول العربية، ضحية التغرير الإعلامي، وانخرطوا في ذلك المشروع الهدام، الذي ظاهره فيه المدنية والرفاهية، وباطنه فيه الخراب والدمار والويل والثبور، والتخلف والرجعية، وكان ما كان..!!
وإذا بالأيام والأحداث تكشف اللثام، لتظهر الوجه القبيح لذلك المشروع التدميري الهدام، وإذا بالشعوب العربية المستهدفة، ومنها الشعب اليمني، يفقد تجربته الديمقراطية الرائدة، ويفقد حياته الدستورية، ويفقد حقوقه وحرياته، ويفقد كل شيء جميل في حياته، وإذا بتلك الواحة الغناء، تتحول إلى أرض مجدبة قاحلة، يحيط بها الموت والقتل والدمار والخراب من كل جانب..!!
وإذا بتلك الوعود البراقة، بالرفاهية والمدنية والتقدم، تتحول إلى كوابيس مرعبة ومخيفة، حولت حياة الشعب اليمني، إلى جحيم لا يطاق، وإذا بأصحاب تلك الوعود والأماني، قد خلعوا الأقنعة التي كانوا يخفون خلفها وجوههم القبيحة، وإذا بالأجندات والشعارات الوطنية التي كانوا يرفعونها للتغرير والتضليل، تتلاشى على مرأى ومسمع من الشعب اليمني، لتظهر أجندات العمالة والخيانة والتبعية للخارج..!!
وإذا بدعاة المدنية والحداثة والعدالة، يتحولوا إلى جلادين وظلمة وقتلة، ومستبدين، وإذا بدعاة الوطنية والإستقلال والسيادة، يحولون أرض الوطن إلى ساحة حرب لتصفية الحسابات الإقليمية والمذهبية والدولية، على حساب تدمير الوطن وقتل أبناء الشعب اليمني..!!
طبعاً.....
الكثيرون سوف يتساءلون، ويقولون ماهو دور حزب المؤتمر، في كل ما حدث بعد نكبة 2011م المشئومة..؟؟
حزب المؤتمر بعد خروج احزاب المعارضة للاعتصام في الساحات، وبعد أن شاهد الشعارات التي كانت ترفعها هذه الأحزاب، شعرت قيادته العليا، بتأنيب الضمير، وشعرت بالتقصير تجاه الشعب، رغم أنها كانت تعلم علم اليقين، أنها قد بذلت كل ما في وسعها، في مجال البناء والتنمية، وبذلت كل جهدها في سبيل إنجاح التجربة الديمقراطية، وفي السير باليمن نحو الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ورغم أنها كانت تعلم علم اليقين، بأن آحزاب وجماعات الساحات، والقوى التقليدية والمتشددة والمناطقية، كانوا حجر العثرة أمام مشروع الدولة المدنية الحديثة، وأنهم من كانوا يصنعون العراقيل والعقبات أمام هذا المشروع الوطني..!!
إلا أن القيادة العليا لحزب المؤتمر، قررت أن تترك الساحة لأحزاب وجماعات الساحات، لعلها تحقق للشعب اليمني ما عجزت هي عن تحقيقه، لعلها تحمل في جعبتها مشاريع، وخطط، وبرامج حضارية، يمكن من خلالها التسريع في تحقيق طموحات الشعب اليمني، في دولة مدنية وديمقراطية حديثة..!!
وبتسليم حزب المؤتمر للسلطة، انتقلت الكرة إلى ملعب أحزاب وجماعات الساحات، وبدأت هذه الأحزاب في تنفيذ مشاريعها المدنية، من هيكلة للجيش، إلى الحوار الوطني، وصولاً إلى مشاريع الأقلمة وتقسيم اليمن، إلى أقاليم، وخلال تلك الفترة تطورت الخلافات بين أحزاب وجماعات الساحات، من الطابع السياسي، إلى الطابع العسكري المسلح..!!
طبعاً......
حزب المؤتمر خلال كل تلك الأحداث، كان ولا يزال ينتظر رؤية المشاريع المدنية والحضارية، التي تحملها آحزاب وجماعات الساحات، وكان ينتظر قدوم الدولة المدنية الحديثة، التي كانت تبشر بها تلك الأحزاب والجماعات، وفي كل منعطف من منعطفات الصراع بين احزاب وجماعات الساحات، كان ينأى حزب المؤتمر بنفسه عن كل ما يحدث، مكتفياً بموقف المراقب..!!
وكانت قيادات حزب المؤتمر، تقول لعل تلك الخلافات والصراعات بين اطراف المعارضة، ما هي إلا الارهاصات والمقدمات الأولى لمشروع الدولة المدنية الحديثة، وتسارعت الأحداث، وإذا بحلم الدولة المدنية الحديثة يتآكل وينهار، تحت وطأة الخلافات والصراعات والحروب، وتحت وطآة عمالة وتبعية أحزاب الساحات للخارج..!!
والآن.......
وبعد دخول الحرب للعام الخامس، وفي ظل استمرار اطراف الصراع في السير بالوطن نحو الهاوية ونحو المزيد من الحروب والصراعات، وبعد أن أصبح من مصلحة طرفي الصراع، عدم إيقاف الحرب، وإفشال كل مساعي السلام، وبعد أن توضح للشعب اليمني ماهية المشروع المدني والحضاري لآحزاب وجماعات الساحات، الذي هو عبارة عن مشروع للحروب والصراعات والموت، والدمار والخراب، والتراجع والتخلف، والعمالة والتبعية، والظلم والتسلط، والقضاء على معالم الدولة المدنية الحديثة، التي كان يرفع لواءها حزب المؤتمر، قبل نكبة 2011م المشئومة..!!
هل.....
من الصواب استمرار حزب المؤتمر في حالة الصمت، وترك أحزاب وجماعات الساحات، يعبثون بأمن واستقرار وسيادة ووحدة الوطن، ودستوره وأنظمته وقوانينه، نعم حزب المؤتمر اليوم لم يعد يمتلك القوة ولا السلطة، فقد بات كل ذلك بيد أحزاب وجماعات الساحات، لكنه يمتلك القاعدة الشعبية الواسعة، ويمتلك المشروع والمنهج الحضاري المدني والسلمي، ويمتلك القيادات السياسية والعسكرية والمدنية القادرة على تغيير الأوضاع نحو الإيجابية..؟؟؟؟؟؟
أم أن الواجب الديني والوطني وال?نساني، يتطلب من حزب المؤتمر، التوقف عن حالة الصمت والترقب تجاه ما يحدث في الوطن، واستعادة دوره الوطني والريادي، وتلبية مطالب وطموحات وآمال الشعب اليمني، الذي بات ينظر إلى حزب المؤتمر، وقياداته الوطنية، بمثابة الأمل بعد الله تعالى، لإخراجهم من مستنقع الحرب والقتل والموت والدمار والخراب والعمالة والتبعية، الذي قادتهم إليه مشاريع أحزاب وجماعات الساحات، والعودة بهم إلى حياتهم الدستورية والتشريعية والديمقراطية والمدنية، التي كانوا يعيشون تحت ظلالها الوارفة، بالأمن والأمان والحرية والديمقراطية والكرامة قبل نكبة 2011م..!!!!!
|