أحمد أمين باشا - الصراع القائم حالياً في المنطقة منذ العام 2011 بما يسمى بالربيع العربي ماهو إلا بداية لما يسمى في الحقيقة بالمشروع الكبير الذي تتجاوز غايته الحقيقية منطقة الشرق الأوسط ولكنها تمثل مرحلة أولى ضمن ثلاث مراحل قام عليها المشروع الكبير الذي تتبناة أمريكا مرحلياً في مشروعها والذي يستهدف في مرحلته النهائية الصين كهدف استراتيجي قام عليه هذا المشروع .
وتتكون المراحل الأساسية الثلاث من الآتي :
1- المرحلة الأولى (الربيع العربي) والتي كانت نقطة الانطلاقة الفعلية للمشروع الكبير القائمة على إسقاط بعض الأنظمة العربية وتمكين الإسلاميين التي رأت واشنطن أنهم سيكونون عوناً لها في تنفيذ مشروعها الكبير لتوجيههم فيما بعد لصراع مسلح مع إيران بعد أن تكون قد اكتملت عند القائمين على المشروع ثلاثية النجاح في المرحلة الأولى إسرائيل - الأنظمة الإسلاموية - المال الخليجي كفريق موحد قادر على مواجهة إيران والتوغل إلى عمقها خدمة لهذا المشروع .
وهنا نذكر بالتحديد اربع دول عربية شملتهم احداث الربيع العربي وهي سوريا والعراق واللتان تعدان حليفتين قويتين لإيران الشيعية وكذلك مصر التي سيكون لها وجهة نظر خاصة بها في أي صراع مسلح مع إيران قد يضر بمصالحها وأمنها القومي وفق قناعات المؤسسة العسكرية فيها . واما الدولة الرابعة فهي اليمن نظراً لحساسية موقعها الجغرافي المطل على مضيق باب المندب والذي ترى امريكا أنه من الضرورة السيطرة عليه لاستكمال التحكم بالمضائق البحرية الدولية وخصوصاً باب المندب لقطع أي محاولات روسية لدعم إيران عسكرياً عبر أساطيلها المنتشرة في البحر الاسود والبحر المتوسط إذا ما بدأت الحرب مع إيران . ولكون الصين تدرك أبعاد ذلك المشروع فقد زادت بكين من تواجدها في باب المندب وقامت ببناء قواعد عسكرية لها في بعض دول القرن الأفريقي تحسباً لذلك .
2- المرحلة الثانية إيران »هضبة آسيا الوسطى«: حيث تشكل إيران البوابة الدفاعية الأولى للصين نظراً لديموغرافيتها الحساسة فهي تاريخياً كانت تشكل العمق التاريخي لما يسمى بطريق الحرير الذي ربط حضارات الشرق بالغرب ولذلك فإن إيران تمثل البداية المثلى للصراع بين الشرق والغرب كما تراه امريكا . وإلى جانب كون إيران تمثل خط الدفاع الامامي للصين فهي كذلك تؤثر على الأمن القومي الروسي كون إيران وروسيا يطلان على بحر قزوين الغني بالثروات الطبيعية الهائلة .. بمعنى آخر فإن نجاح امريكا في السيطرة على إيران إن تحقق ستكون روسيا حينه في خطر عند حدودها الجنوبية وستتمكن حينها واشنطن على الأقل من محاصرة او تحييد روسيا في صراعها مع الصين بشكل كبير..
3- المرحلة الثالثة والنهائية »الصي«: فالغرب الممثل بأمريكا يدرك ان الخطر الحقيقي والمستقبلي الذي يواجهها هو الصين وما تمثله من قوة اقتصادية وعسكرية هائلة ومتنامية باستمرار مما سيؤثر على مكانة ونفوذ أمريكا في المحيطين الهندي والهادي .
فالصين آخذة في اكتساح الاسواق العالمية بشكل متزايد والاسواق الامريكية بشكل خاص مما يمهد مستقبلاً لأن تتبوأ الصدارة للاقتصاد العالمي بحلول العقدين القادمين .
ولذلك فإن أمريكا تجد نفسها مضطرة لتقليم أظافر الصين كنوع من أنواع الحرب الاستباقية لوقف تصاعد اقتصاد الصين أو وقفه عند حدود معينة إن امكن ..
أمريكا بوضعها للصين كمرحلة ثالثة استراتيجية لا يعني انها لو تمكنت -أي أمريكا- من تحقيق المرحلتين الاولى والثانية بنجاح فهذا لا يعني اجتياح الصين عسكرياً لأنه أمر بالغ الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً بالمطلق ولكن تواجد أمريكا على حدود الصين وغلق ممراتها الاقتصادية والتحكم بها أمريكياً وإسقاط حلفائها الاستراتيجيين سيمثل غاية المشروع الكبير في تحقيق أهدافه.
- ولذلك نجد مثلاً أن الصين وروسيا تقفان حائط صد منيع أمام المشاريع الامريكية والغربية في مجلس الأمن وترفع الفيتو مراراً ضد أي مشاريع قرارات تستهدف إيران وسوريا نظراً لإدراكهما أي - روسيا والصين - الأبعاد الحقيقية والجيوسياسية الهادفة للسيطرة على العالم لصالح المشروع الكبير الذي تقوده أمريكا والذي فيما يبدو أنه يواجه صعوبات جمة في تنفيذ هذا المشروع بمراحله الثلاث .
فالربيع العربي فشل فشلاً ذريعاً وإيران تزداد قوة يوماً بعد آخر مما يجعل المشروع الكبير الامريكي يفقد البوصلة تماماً متجهاً إلى طريق المجهول.
|