أحمد الزبيري - التغيير مسار تاريخي لا يتوقف وأي محاولات بإعاقته وعرقلته عن المضي قدماً يتحول الى احتقانات اجتماعية سرعان ما تتحول الى فيضان يتخذ شكل الثورة التي ترتد على ما اعتقدوا أن بإمكانهم تأبيد انظمتهم من خلال تسكين الواقع اعتقاداً عن وعي أو غير وعي أنهم قادرون على ايقاف حركة التاريخ للإمام.
هذا هو حال القوى الاجتماعية التي تعتقد أن نهاية التغيير توقف عندها أو أنها قادرة على التلاعب بحركته وتفاجأ بالثورات عليها والتي هي تراكم لاحتمالات التناقضات داخل المجتمعات.
هذا هو الخيار الذي ينبغي على أساسه فهم قيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م ضد الاستبداد والتخلف الذي مثله نظام الإمامة الملكي والثورة اليمنية 14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني الذي فرض على شعبنا هيمنة تقوم على التشرذم والتمزيق فكان الرد الوطني على الجمود ومبدأ فرق تسد يتجاوز واقعهما المريض المفروض على شعبنا بثوابت التحرر من الاستبداد والاستعمار واستبدالهما بنظام وطني جمهوري ديمقراطي يحقق وحدة الأرض والانسان اليمني والتوجه نحو بناء دولة وطنية حرة ومستقلة تحقق التغيير الذي يعوض الشعب اليمني عما فاته من البناء والتنمية والتطور الذي اتخذ طريقاً امتلأت دروبها بالمنعرجات والانحدارات والانعطافات التاريخية التي كانت في كثير من الأحيان مؤلمة بالصراعات والحروب التي كان حاضراً فيها العامل الخارجي الاقليمي والدولي بقوة.
لكن كل هذا لم يستطع تجاوز ثوابت الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
نعم انتصرت الثورة اليمنية 26 سبتمبر في معركة الدفاع عن بقائها ضد القوى المتمسكة بالنظام القديم وانتصرت الثورة اليمنية 14 أكتوبر لنيل الاستقلال الناجز وطرد المستعمر وانتصر النظام الجمهوري لكن بقي الأهم في الثوابت الوطنية مؤجلاً وبقي بنفس الوقت عدم قدرة القوى السياسية على تجاوز هذه الثوابت بسبب بقاء التدخلات الخارجية التي تمظهرت في الجوار الاقليمي المتمثل بنظام آل سعود وبعض دول الخليج النفطية والتي كانت حركتها ليست بمعزل عن الصراع الدولي الأشمل الذي حاولت القوى السياسية المنبثقة من رحم الثورة والجمهورية أن تواجهه وفقاً لرؤى وتصورات عاكسة لطبيعة انتماءاتها الاجتماعية لتتقا؛ع جميعها بادعاء التمسك بالثوابت الوطنية التي أريد تكثيفها في اطار جامع وطني يمني هو المؤتمر الشعبي العام في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ليكون بناء جمع التنوع في الساحة السياسية الوطنية بمختلف خياراتها واتجاهاتها وألوان طيفها السياسي تحت مظلة واحدة نقطة التقاء الجميع هذه الثوابت للثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
ولأن الجمهورية اصبحت واقعاً في النظامين اليمنيين الشطريين حينها عمل المؤتمر على توجيه النضال السياسي والثقافي نحو هدف اعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو 1990 ليثمر ذلك تحقيق انجازها العظيم الذي ارتبط وتلازم مع منجز الديمقراطية الكبير ليضاعف ذلك حجم التآمر السعودي منطلقاً من نظرته الخاطئة بأن وجود يمن موحد وديمقراطي ومستقر خطر عليه فكانت الصعوبات والتحديات الناجمة عن المؤامرة الخارجية التي اتخذت اشكالاً من الصراع السياسي والمسلح والحروب والأزمات التي لم يفوتها النظام السعودي لابقاء اليمن مشطراً ومقسماً تحت وصايته وتتحول الى مطامع أراد ومن معه ومن يقف خلفه تحقيقها بالعدوان الذي يشنه للعام الخامس على التوالي دون أن يحقق أهدافه التي لم ولن تتحقق وسينتصر الشعب اليمني بثوابته بالجمهورية والوحدة والديمقراطية المتحررة وبناء وطن يمني على أساس هذه الثوابت.. دولة موحدة ومستقلة كاملة السيادة تجسد إرادة اليمنيين وتضحياتهم انتصاراً لثورتهم وثوابتها الوطنية التي في اطارها يتحرك التغيير نحو تطور يرتقي الى حقيقة شعب حضاري عريق وعظيم.
|