السبت, 26-يناير-2008
الميثاق نت -   محمد حسين العيدروس -
ليست المرة الأولى التي يداهم فيها الإرهاب بلادنا ويسفك دماء سياح أجانب، ومع هذا فإن الجدل الذي نتداوله في ما بيننا البين لا يتعدى حدود المشكلة الأمنية وإلقاء اللوم على هذه الجهة أو تلك دونما تفكير بموقعنا - نحن المواطنين - مما يحدث في بلادنا وفي ما إذا كنا ما زلنا جزءاً من تفاعلات الواقع أم لنا شأننا الذي يعنينا، و"للبيت رب يحميه"!!
لا شك أن هناك اتفاقاً عاماً على خطورة المشكلة التي تتعرض لها الصناعة السياحية إذا ما واصل الإرهاب استهداف السياح الأجانب كما أن هناك شبه اجماع على أن الإرهاب هو أحد مظاهر الانتاج الثقافي السلبي الذي يتم تعبئة بعض الافراد به.. لكننا نشك أن هناك أي اتفاق على برنامج معين لدى المجتمع المدني حول آلية مواجهة الظاهرة الإرهابية! مثلما نحن متيقنون أن هناك من يعتبر الأمر مجرد مشكلة بين الدولة والجماعات الإرهابية..!
فالمجتمع المدني بكل مكوناته من منظمات ومجتمعات ومراكز واتحادات ونقابات وإن كان متحمساً لخوض المعركة ضد الإرهاب لكنه مازال يقف بعيداً يصدر البيانات الخجولة التي يدين بها الفعل دون ان ينتقل إلى الميدان الذي يجب ان يضع نسفه فيه أسوة بما تفعل بعض المنظمات والمراكز النشطة في حين يسجل الوسط الثقافي والإعلامي الفراغ الاكبر في المواجهة مكتفياً ببعض الكتابات والتصريحات عن بعد والتي لا تكاد تختلف عن البيانات البروتوكولية التي تصدرها الدول في المناسبات المماثلة، ومع هذا فإننا جميعاً ما زلنا مصرِّين على القول بأن المشكلة ثقافية..!!
اليوم نقف امام حقيقة خطيرة وهي أن السنوات الماضية من عمر مواجهة الدولة للارهاب مازالت غير كافية لتحمي اقتصادنا السياحي من خطر الهجمات الدموية التي تنفذها العناصر المتطرفة، فيا ترى لماذا ما دامت الدولة تسخّر كل امكانياتها المادية والبشرية وعلاقاتها الدولية من أجل تجفيف منابع الإرهاب!؟
أعتقد ان السبب غير غامض لدى الكثيرين وهو لأن الدولة تواجه الإرهاب مع الشرفاء دون تحالف واسع وكبير من قبل المجتمع المدني والقوى السياسية والمؤسسات الثقافية والإعلامية ورغم ان أي نجاح يحرزه الإرهابيون في بلوغ اهدافهم الدموية سيعني هزيمة للقوى المدنية والثقافية في المجتمع قبل ان يشكل أي انتكاسة أمنية، وذلك لأن المواجهة هي في الأساس ليست مواجهة قوى عسكرية أو مؤسسات حربية وإنما هي مواجهة فكرية وثقافية وإنها حرب بين أفكار تبيح القتل والتخريب والعدوان وبين افكار تدعو إلى الأمن والسلام وإعمار الأوطان..!!
يجب على مؤسساتنا الثقافية والإعلامية ان تعي هذه الحقيقة جيداً وتنطلق منها في قراءة الظاهرة الإرهابية التي تتعرض لها اليمن، فإن بقاء واستمرار التنظيمات الإرهابية في نشاطها وظهور خلايا جديدة إنما هو مؤشر خطير على حجم الفراغ الذي خلفه المثقف والإعلامي والخطيب المناطة بهم مسؤولية تنوير المجتمع وغرس ثقافة سمحة ومستنيرة لدى أبنائه كما أنه يمثل مؤشراً على ضعف أدوار المؤسسات التربوية في تنمية الثقافة السلمية في المجتمع.
وهناك أمر مهمّ جداً لا يجب ان نغفله وهو أن بعض القوى السياسية التي نعول عليها القيام بدور ايجابي قد أسهمت في تنمية اليأس في النفوس بخطابات مأزومة وأفكار ومعلومات زائفة تحرص على إشاعتها بين الناس بقصد النيل من سمعة الحكومة والنظام في الوقت الذي تعلم فيه أنها بعملها ذلك إنما تضع الجميع بين فكّي سرطانات حاقدة لن تمنح أحداً فرصة إشهار بطاقته الحزبية لإثبات انتمائه قبل ان تطلق الرصاص عليه..!
فالإرهابيون لم يسألوا سائقي ومترجمي سياح القافلة البلجيكية عن انتماءاتهم الحزبية قبل إطلاق النار عليهم، وهكذا يجري الأمر في كل مرة.. وهكذا ينبغي أن نستلهم أدوارنا مما يحدث ونعرف أن الوطن يخوض معركة لا يمكن كسبها بالسلاح - مهما بلغت قوته- وإنما بالثقافة والتعبئة المضادة التي تشيع المحبة والسلام بين الناس.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5673.htm