د. عبدالوهاب الروحاني - مشكلة اليمن تكمن في وجود مجموعة من الكوابح التي تمنع بناء الدولة والمجتمع المدني، وتقف حاجزا بينها وبين تطلعات الشباب.. نعم تطلعات الشباب الذين نعول عليهم ونراهن على حماسهم ورغبتهم في حياة كريمة يسودها العدل والمساواة ويحكمها النظام والقانون، وليس شيئا غير النظام والقانون.
هذه الكوابح، منها ما هو موروث، ومنها ما هو معاصر (مصطنع)..
والمهم سنبدأ بما هو أقرب منا الى حبل الوريد.."القبيلة".
(القبيلة): تمثل القبيلة في الذاكرة اليمنية صورتين متناقضتين، فهي في نظر البعض "رمز للعزة والنجدة والشهامة"، وفي نظر آخرين هي مجرد رمز للعصبية والتخلف.. وكلاهما يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ أيضا.
واذاً، هل القبيلة قادرة على التعايش مع دولة مدنية يحكمها القانون ويسودها العدل؟!!!
ونقول أولاً، لا توجد في الدول والمجتمعات المتحضرة "قبائل"، وان وجدت في قواميسها فهي ليست أكثر من رمز للفوضى والتقطع والمداهمات وغياب النظام..
وثانياً، نحن - لا شك - كلنا "شعوب وقبائل "، لكننا شعوب وقبائل غير متجانسة ولا متعارفة، استوطنت فيها الكراهية والفرقة والشتات، وتوارثت العصبية، والظلم، والاستبداد، والفساد..
وبالتالي، عوامل كهذه لا يمكن ان تحفز القبيلة على المساعدة في بناء مجتمع يحتكم للدولة والنظام بقدرما تحفزه للانفلات والفوضى.
وقبيلتنا اليمنية خلال نصف قرن من عمر الثورة ومحاولات التحديث لم تتأثر بالعصر، بل لم تقبل به.. وظلت متمسكة بعوامل بقائها السابقة.. اي انه كلما تقدم بنا الزمن خطوة الى الامام ارجعتنا خطوات الى الخلف.
ما يعني ان هناك (بالضرورة) تنافراً بين القبيلة والدولة، فهما ضدان لا يلتقيان..
والتاريخ اليمني مليئ بالعبر والشواهد التي تحدثنا عن حروب وقلب مواقف، ونقض عهود، وغزوات، وخراب، وسلب، ونهب، وفيد، واحداث كارثية لا تنتهي.
ان اردتم مزيدا من التثبت مما نقول فعودوا الى التاريخ القديم.. عودوا الى انهيار دولة المرابطين وحروب ملوك الطوائف في الاندلس، وعودوا الى دور القبيلة في صراعات كل بلدان ومجاهل المشرق العربي ومغربه.
ومع كل هذا، فوضع القبيلة الذي هو - بالتأكيد- لا يسر، يمكن له ان يصلح، لكنه لا يمكن ان يصلح الا بالدولة، وأن تكون القبيلة جزءاً مكملاً للنظام وليس معطلا له.
|