أحمد الكبسي - لاشك أن القارئ للتاريخ الحديث والمعاصر لليمن يمكنه الاستفادة من الأحداث والتجارب رغم مايشوب كتابة التاريخ من تحريف أو إنتقاص للأدوار الوطنية للأفراد أو الجماعات والتنظيمات التي شكلت الحراك الثوري سواء في شمال الوطن او جنوبه.. اليوم ونحن نحتفل بذكرى 30 نوفمبر 1967م يوم الجلاء والاستقلال لجنوب الوطن من الاحتلال البريطاني الذي استمر 129عاما ،كتتويج لثورتي 26سبتمبر و14أكتوبر ونضالات الشعب اليمني ضد الاستبداد والاستعمار يجب الإدراك أن المستعمر الذي رحل بالأمس هاهو يعود عبر أدواته التي استثمرت تراكم الأخطاء والأحقاد التي ورثها الاحتلال حيث شهدت عدن حرباً طاحنة عقب الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر بين شركاء النضال بالأمس وتكللت تلك المعارك بسيطرة الجبهة القومية وملاحقة قيادات جبهة التحرير ولم يستقر الأمر للجبهة القومية فسرعان ما انقلب جناح من اليساريين والراغبين بنقل التجربة الماركسية إلى الدولة الوليدة فتم الإطاحة بالرئيس قحطان الشعبي عام 1969م وسجنه حتى وفاته عام 1981م.
فتعاقب الرفاق على السلطة وتآمر بعضهم على بعض فأُطيح بالرئيس سالم ربيع وعبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وكانت الأجندة الدولية حاضرة ومغذية للصراع بين رفاق النضال والسلاح وغابت أهداف الاستقلال وحُشر جنوب اليمن في دوامة صراعات فاقمت الانقسام واتسع الشرخ الاجتماعي والمناطقي الذي يمثل إرثاً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي قامت على أعقاب اتحاد بين 15سلطنة ومشيخة موالية للمستعمر البريطاني الذي عمد إلى سياسة فرق تسد وللأسف إن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990بين شطري اليمن لم تعمل على معالجة آثار مرحلة الاستعمار فالشطر المتحرر من الاستبداد لم يتمكن هو أيضا من الاستطباب مجتمعيا مما خلفه الحكم الإمامي والاستقلال من الهيمنة والوصاية الخارجية
فجاءت الوحدة وما أعقبها من أحداث لتتسع دائرة الخلافات الداخلية ويتعمق الشرخ الاجتماعي وتستمر الأطماع الخارجية في دعم وتغذية الفرقاء وهاهي اليوم تعود مشاريع التقسيم والانفصال بعناوين مختلفة مستغلة عدم نضج الحركات الثورية وقيادات النضال الوطني في التعاطي الواعي والعميق للأزمات والمشاكل الداخلية ،كما أننا اليوم نمر بمرحلة معقدة من العدوان وأطماع الاحتلال فإن تمكنا من الانتصار للإرادة الوطنية والتحرر من الهيمنة والوصاية الخارجية مستفيدين من تاريخنا المعاصر سنتمكن دون أدنى شك من معالجة مشاكلنا الداخلية وترميم البيت اليمني والتعايش والشراكة الحقيقية في دولة يسود فيها النظام والقانون والعدالة والمساواة .
|