بقلم / الشيخ جابر عبدالله غالب - يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م يحمل معاني ومضامين تحررية ودلالات وأبعاداً وطنية يمنية وقومية عربية وانسانية لأنه ارتبط بكل هذا..
فهو يوم وطنياً يمنياً لأن هزيمة الاستعمار البريطاني ما كان له أن يتحقق لولا توحد الإرادة اليمنية شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا بتلاحم نضالي موحد هدفه طرد المستعمر البريطاني .. وما كان لهذا أن يكون لولا قيام ثورة الـ 26 من سبتمبر التي اوجدت الأرضية الصلبة لانطلاقة ثورة الـ 14 من اكتوبر التي لم يكن انخراط ابناء المحافظات الجنوبية في معركة الدفاع عنها من ايامها الأولى إلا مؤشراً يؤكد أن الثورة اليمنية الأكتوبرية ضد المستعمر قد بدأت تتشكل ولن تحتاج الى وقت طويل لتعلن عن نفسها من قمم جبال ردفان ، لتكون تعز السبتمبرية هي القاعدة الثورية التي منها انطلق الثوار نحو الكفاح المسلح الذي لا هوادة فيه ضد مستعمر متجبر استطاع أن يهيمن على جنوب الوطن عبر استخدام المناطقية التي تجسدت في ذلك التشرذم الذي مزق الوطن وأضعف الهوية اليمنية في تلك الأجزاء من يمننا الحبيب فيما كان يسمى بالسلطنات والإمارات والمشيخيات التي اعطاها تسميات هدف من خلالها إلى طمس الهوية اليمنية معتقداً أنه بذلك سيؤبد احتلاله، غير مستوعب أن اليمن اكبر من أن يُطمس بتلك المسميات التي يريد غزاة اليوم العودة إليها، غير مستوعبين دروس التاريخ وعظمة هذا الشعب..
اليوم نحتفل بالذكرى الـ 52 للاستقلال المجيد وهناك من يحاول أن يلوي عنق التاريخ ويعيدنا إلى الخلف مع أن التاريخ لا يكرر نفسه مرتين إلا مرة كمأساة ومرة كملهاة ، والمأساة مررنا بها وانتصرنا عليها في الـ 30 من نوفمبر 1967م ..، أما الملهاة فتتجسد في العدوان المستمر على وطننا وشعبنا للعام الخامس على التوالي ، والذي يحاول من خلال مسميات أدواته الجديدة إعادة المحافظات الجنوبية إلى نوع من السيطرة والهيمنة والوصاية التي كان عليها المستعمر القديم ، وهم بذلك لا يعون أن ما يقومون به سيكون له ارتدادات ماحقة عليهم وأن اليمانيين لم ولن يقبلوا بتكرار ذلك الماضي البغيض الذي دفعت اثمانه باهظة للخلاص منه ؛ وأن تضحيات شعبنا لانتصار الثورة الاكتوبرية في هذا اليوم الخالد الـ 30 من نوفمبر لن تذهب هدراً .. ولن يسمح هذا الشعب العظيم بأن يأتي اليوم من يسيئ إلى الشهداء العظماء الذين سقطوا على دروب الحرية وهم يواجهون أعتى امبراطورية استعمارية عرفها التاريخ ولطالما فاخرت بأن الشمس لا تغيب عنها..
ولهذا نقول إن يوم الاستقلال ليس ذكرى عابرة في تاريخ هذا الشعب إنما هو صيرورة لا تتوقف ما دام هناك نبض دم في الجسد اليمني، ومع وجود خير وشر .. احرار وغزاة ومستعمرين طامعين ..،ستظل امجادنا أكثر حضوراً وفاعلية وبإيمان قوي لانظير له وعزيمة لاتلين معززة بنصر من الله عز وجل لقهر وطرد كل متكبر متجبر معتدٍ طامع ومن حسن حظ هذا الشعب الحضاري العريق والعظيم أن من يتطاول عليه اليوم هم متطفلون على التاريخ ولن يستمروا طويلاً .. فاليمن الوطن والشعب لا يقبل إلا أن يكون موحداً وحراً ومستقلاً يحيا على ارضه بشرف وعزة وكرامة ولن ترى الدنيا على ارضه وصياً.
ولايفوتني بهذه المناسبة العظيمة أن أُحيي رجال الرجال الصامدين في جبهات القتال للجهاد المقدس ضد العدوان المحتل لبعض المحافظات من الوطن مقدمين ارواحهم وأنهاراً من دمائهم للذود عن حياض الوطن واستقلاله من أجل كرامة وحرية وشرف شعبنا وأمنه واستقراره وسلامة ووحدة أراضيه.. المجد والخلود للشهداء الأبرار.. الشفاء للجرحى.. الخلاص للأسرى والمفقودين .
وكل عام والوطن وأبناؤه بعًّز وخير
* الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام
|