أ/عثمان عبدالله عبدالسلام عثمان - تمر بنا ذكرى عيد الاستقلال برحيل آخر جندي بريطاني عن الجنوب اليمني والذي ظل محتلا قرابة 129 سنة.
عاث فيها المحتلون ومرتزقته الفساد، والظلم، والقهر ، والاستبداد ، وتعرض أهلنا في الجنوب اليمني لكل أنواع الاضطهاد السياسي من سجن، وتنكيل ، وتشريد، وترحيل، ونهب للثروات.
هكذا هو ديدن الاستعمار قديما وحديثا ، وما يشيعه المستعمرون والغزاة قديما وحديثا من شعارات المدنية والتحرر، فهو من باب ذر الرماد على العيون وهذا معروف في تاريخ الغزاة والمحتلين سواء القدامى أو الجدد.
سيظل الرابع عشر من اكتوبر ذكرى خالدة في نفوسنا .تحرر فيها الانسان من الاستعمار بكافة اشكالة وانبثق عهد جديد تجسدت فيه اسمى معاني القيم الانسانية وانشئت دولة وليدة في جنوب اليمن اتسمت بالازدهار والرقي المجتمعي وكانت تمثل منارة واشراقة جديدة في جنوب الجزيرة العربية واصبحت رائدة في البناء والتنمية نمت معها روح الانسان وازدهرت فيها قيم الحياة بمعانيها السامية وكانت تمثل عاصمة الجنوب عدن آنذاك ملهما وفنارا لكل الشعوب المحيطة وستظل ذكرى اكتوبر المجيد شاهدةً حية على كيفية الاصرار في صناعة المجد وكانت الوطنية وحب الوطن هي عنوان الاصالة في الانتماء ذابت معها كل الفوارق والامتيازات الطبقية التي كانت سائدة آنذاك نتاج صناعة استعمارية الهدف منها هو البقاء والديمومة في اطالة امد الاستعار
عفوا اكتوبر المجيد عفوا شهداء اكتوبر لقد تركتم وراء ظهوركم دولة ذات سيادة لها صولات وجولات في معترك حياة الشعوب وهانحن اليوم نحتفل على اطلال ذكرى غالية يشوبها كثير من المآسي والآلام نظير فقداننا تلك الكرامة والشموخ التي سلمتموها لرفاقكم ولم يكونوا عند حسن ظنكم وامنيات اجيالكم نحتفل اليوم على اطلال ذكراكم المجيدة والوطن الجنوبي مسلوب الارادة فاقد للانتماء فجأة وبدون سابق انذار صحونا على وطن ضائع وهوية ذائبة في هوية بعيدة عن هويتنا وهانحن اليوم نجري ونلهث باحثين عن وطن اضاعه رفاقكم بطريقة مبهمة لانعرفها حتى اليوم اضاعوه في غفلة من الزمن تاركين اجيالكم يتخبطون في دهاليز المتاهة ولايعرفون ماهو المصير المنتظر.. سنحتفل في اكتوبر وقلوبنا تنفطر ألماً لاننا لانعرف ماهي نتيجة الاحتفال بالذكرى بسبب فقداننا للوطن الذي تركتموه في عز مجده وعنفوانه.. سجل ايها التاريخ انهم اضاعوا وطناً وهاهم اليوم تلك الانفس بأقنعتهم المختلفة يضيعون الوطن مرات ومرات وكلها بسبب اختلافاتهم وعقولهم المركبة المحشوة بفكر أعمى عاجزة عن النهوض من جديد لتصنع فجراً جديداً يتطلع له جميع ابناء الشعب.. سجل ايها التاريخ انهم غارقون في غبائهم ووقاحاتهم يتربصون بأي باكورة نجاح يحاولون اجهاضها وهي في المهد لن يتعافى الجنوب ولن يولد وطن حال استمرار تلك الوجوه الشاحبة تتصدر المشهد ويعتبرون صناع الفجر الجديد ان بوابة العبور لن تتم الا عبر تلك الاجساد المحنطة ..نحتفل بذكرى الاستقلال الاول للوقوف على اطلال تلك الحقبة فقط وفي حقيقة الامر نحن منتظرون بفارغ الصبر الذكرى الثانية للاستقلال الثاني لانها ستكون ذكرى ابدية وخالدة حقاً بسبب الفارق الاستعماري بين الاثنين الاستعمار الاول بناء الانسان وصنع الحضارة المعاصرة تاركا خلفه دولة تحمل فكراً حضارياً وثقافياً لا محدوداً بينما الاستعمار الجديد لم يترك فينا سوى الانكسار والتخلف والظلم والقهر استبداد ليس له مثيل في تاريخ البشرية.. فحقا سيكون الاحتفال بالاستقلال الثاني الاروع والاجمل والاعظم ونحن منتظرون حتى يتم تحقيق الحلم الموعود وطرد المحتل الحالي ...
شعبنا الصامد يعشق الحرية ، والاستقلال، والسلام، ويتخذ السلاح هيئة وملبسا لن يرضخ للاستعمار والاحتلال مهما طال أمده.
أبارك لشعبنا اليمني العظيم ذكرى الاستقلال والتحرير وأخص اخواننا من ابناء المحافظات الجنوبية الذين أجبروا الاحتلال البريطاني على الرحيل من أرض اليمن الطاهرة..
|