جمال الورد - قبل 52 عاماً ، وبعد سنوات من النضال والكفاح تمكن اليمنيين من إلحاق هزيمة أخرى للملكة التي "كانت" لا تغيب عنها الشمس، غادرت بريطانيا تجر أذيال الخيبة والهزيمة من عدن وكل محافظات جنوب اليمن الذي احتلته عام 1839م، حينها كان آخر عسكري بريطاني يخرج هو المقدم داي مورغان.. وفقاً لاتفاق دولي تم توقيعه في جنيف بين المفاوضون اليمنيون من الجبهة القومية وممثلوا الحكومة البريطانية نال بموجبه جنوب اليمن استقلاله عن بريطانيا، لتبدأ مسيرة أخرى من الكفاح والنضال لتطبيق الإستقلال الفعلي على الأرض واستكمال ما تبقى من أهداف ثورة 14 أكتوبر المجيدة.
لقد كان يوم 30 نوفمبر يوماً حاسماً وعظيماً بعظمة المنجز والتضحيات التي يمتلئ بها تاريخ الجنوب، وكان أيضاً يوم ميلاد جمهورية اليمن الديمقراطي، فهو اليوم المنتظر الذي توجت فيه تضحيات اليمنيين في ثورة 14 أكتوبر لعام 1963م، والتي تشارك فيها ثوار الشمال والجنوب حينها ليجعلوا من جبال ردفان الشموخ منطلقاً لها بقيادة الشهيد راجح غالب لبوزة وكل الأبطال الذين سطروا أسماءهم في سفر الشموخ والخلود والولاء للوطن والمبادئ والحرية والعدالة والإستقلال.
تمر علينا اليوم الذكرى الثانية والخمسون على يوم الاستقلال المجيد في 30 نوفمبر 1967،لتؤكد مرة أخرى إن عزيمة الشعوب وإصرارها وتوحدها حول هدفها الأساسي تصنع المستحيل، وتكسر أعتى الممالك والقوى مهما كان تأثيرها وقوتها وهيمنتها، كما أثبت شعبنا بكفاحه ونضاله أن المستعمرين وعملاءهم مهما كانت قوتهم وغطرستهم، لا يمكن أن يقهروا شعباً يستمد قوته من ثقته بالله وإيمانه به، واستعداده لمزيد من التضحية والبذل في سبيل تحقيق حريته وإنتزاع استقلاله واستعادة سيادته على أرضه, والدفاع عن كرامته وهويته الوطنية والقومية.
ومما لا شك فيه إن تلك الإرادة التي إمتلكها الأباء والأجداد كجينات طبيعية بل وخاصة باليمني، إنتقلت وتنتقل إلى جيل الأحفاد المؤمنيين بوطنهم وكرامتهم ورفضهم لأي صورة من صور الخنوع والإذلال، و سيعمل اليمنيين جميعاً على إرغام المستعمرين الجدد والغزاة الذين احتلوا ودنسوا الأرض اليمنية الطاهرة على الرحيل صاغرين، وسيرحل معهم عملاؤهم ومرتزقتهم الذين باعوا الوطن واستدعوا الأجانب لتدنيس تراب الوطن الذي سوف يتطهر حتما من كل غاز ومرتزق وعميل.
وكما كان يوم الثلاثين من نوفمبر يوماً للإستقلال وإستكمال لما قامت من أجله ثورتي الـ 26 سبتمبر 1962م و الـ 14 اكتوبر 1963م، فقد حاز أيضاً قيمة مهمة في تاريخ اليمن السياسي ، عندما تم التوقيع على دستور دولة الوحدة في الـ 30 من نوفمبر عام 1989م، وكان الشرفاء الأوفياء في الشمال والجنوب يعيشون زخم لحظة الانتصار بعد الانتظار الطويل وفي مقدمة الجميع الشهيد الزعيم علي عبدالله رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق - الذي سجل انتصارا وطنياً في الوفاء المخلص للوصول بالوطن الى يوم الـ 22 من مايو 1990م وتحقيق الهدف الاستراتيجي للثورتين الخالدتين وللاستقلال الحقيقي الذي ظل حلماً يراود كافة اليمنيين منذ زمن طويل.
|