تحقيق : فائز البخاري - على إثر فضيحة نهب آثار مدينة السدة بمحافظة إب التي تم اكتشافها الاسبوع الماضي وسرقت اليوم الثاني للاكتشاف عقب الاعلان الرسمي عنها وعن قيمتها التاريخية الكبرى، ناهيك عن القيمة المادية للذهب الذي حوته تلك الآثار.. أقر مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير احالة عدد من المسئولين الضالعين والمتورطين في هذه القضية للتحقيق وهو ما عده البعض بادرة أمل لحماية الآثار مستقبلاً وان كانت قد جاءت متأخرة.
»الميثاق« خلال هذا التحقيق تسلط الضوء على مجمل أبعاد هذه القضية وما تمثله بالنسبة للآثار اليمنية بشكل عام.
❊ في البداية تحدث الاخ مبخوت مهتم - مدير فرع الهيئة العامة للآثار بمحافظة مأرب استاذ الآثار في كلية الآداب، مأرب- قائلاً :
- هذا القرار الذي اصدره مجلس الوزراء بشأن التحقيق في قضية نهب آثار مديرية السدة محافظة إب يجسد اهتمام الدولة الفعلي بالآثار ويعكس مدى التفاعل الحي والجاد معها للحد من العبث بالموروث الحضاري وإلغاء النظرة الساذجة للمعنى الحقيقي للآثار.
ومما يؤسف له ان ما وجد من آثار في مديرية السدة وأثار اهتمام الصحافة والاعلام لم يبرز اعلامياً إلاّ بالوجه السيئ او السلبي وكان من المفترض ان يبرز بطريقة ايجابية اما هذه الصورة فقد أسالت لعاب الكثيرين من سماسرة الآثار للسطو على مثل هذه الكنوز الوطنية التاريخية الكبرى، وهذا ما سيؤثر سلباً على كل مواقع الآثار في اليمن.
يجب ان نفهم ان بلادنا لاتزال بكراً وتحوي الكثير من اسرار الحضارة اليمنية، لذلك نتطلع الى المزيد من الاجراءات والقرارات المهمة التي تصب في خدمة التراث الانساني، ومن أهم الأمور في هذا الشأن العمل على حماية الآثار وفقاً لمنظومة مشتركة ومتكاملة.. ومن الصعب ان تعمل الدولة على اصدار القرارات وسن التشريعات في ظل عدم وجود عناصر متجاوبة ومتفاعلة مع تنفيذ هذه القرارات.
فرق مؤهلة
مع الاسف الشديد ان الهيئة العامة للآثار لاتلبي الحاجة ولاندري هل لديها معوقات ام انها المعوق الرئيسي.. ولذا علينا -وفق آلية مشتركة- ان نرحب بقرار مجلس الوزراء ونعمل على ان يتم العمل على ايجاد آلية لتنفيذه، وكذا دعمه من خلال التوعية ورفع مستوى التدني في الشعور بالمسئولية تجاه حماية الموروث الحضاري، والعمل على فرض هيبة السلطة الأثرية وتهيئة المناخ الملائم لتسهيل كل المعوقات والصعوبات التي تواجهها اضافة الى العمل على ابراز ونشر كل الآثار التي تم اكتشافها والكشف عنها، وايجاد فرق مؤهلة تأهيلاً علمياً صحيحاً لتقوم بواجبها على أتم وجه.
ويجب على الخبراء ان يكونوا أمناء في عملهم واكتشافاتهم وما تحويه من اسرار وكنوز تاريخية عظيمة فمواقع الآثار بنوك لاتفلس واذا لم تكن محروسة ومؤمَّنة ولم يعمل فيها امناء فسوف تنهب وتغيب عن الوطن.
ما تقوم به محافظة مأرب ممثلة بالمحافظ القدير الاخ عارف عوض الزوكا يعتبر نموذجاً يجب ان يحتذى به في بقية المحافظات، حيث يولي جل اهتمامه ورعايته بالآثار من منطلق ايمانه المطلق بالأهمية القصوى التي تمثلها الآثار التاريخية للبلاد عامة.
هيئة فاشلة
❊ من جانبه تحدث الاستاذ علي السنباني - مدير عام الهيئة العامة للآثار بمحافظة ذمار بالقول :
- قرار مجلس الوزراء بمثابة الصحوة المتأخرة والهيئة العامة للآثار كانت في حالة سبات عميق بل في حالة سقوط رأسي من الأعلى الى الأسفل، وليس في حالة سقوط تدريجي او انحداري والامر اذا أُوكل الى غير أهله توقع أي قصور.
القرار جاء نتيجة لقصور حصل من قبل قيادة السلطة المحلية في مديرية السدة ومحافظة إب والهيئة العامة للآثار وتهريب ونهب الآثار المتكرر يأتي نتيجة لهذا القصور.. الآثار ملك للوطن واي مُستخرَج من باطن الارض ملك عام وحمايته واجب الجميع، ولكن للاسف لم نستطع مواكبة العمل الاثري بالشكل المطلوب واكثر المسوحات والاعمال الميدانية تتم عبر الاجانب، فيما اكثر الباحثين اليمنيين بلا توظيف، وهو ما يجب ان تسارع لتلافيه وزارة الخدمة المدنية والهيئة العامة للآثار وفروعها في المحافظات.
الاجانب يقومون بتوظيف وتجيير ما يتم اكتشافه عبرهم لمصلحتهم في المحافل والمؤتمرات الدولية، فلماذا لا نتنبه لذلك ونعمل على التنقيب عن آثارنا نحن؟
وذلك يحتاج الى ميزانية خاصة وخطة مرسومة بدقة من قبل الحكومة واهتمام خاص من القيادة السياسية مالم فالامور ستظل كما هي..
لقد عدمنا كنزاً تاريخياً في مديرية السدة- إب كان بالإمكان له ان يمثل طفرة تاريخية كبيرة، وهذا ما يبعث على الأسى والحزن، واعتقد ان الآثار الاخرى لم تكن تضاهيها.. ما يجب ان يعرفه الجميع ان القيمة التاريخية والمعنوية للآثار هي اضعاف اضعاف ما نتخيله من قيمتها المادية، ولذا قد تكون عملية ترميم تمثال ذهب مثلاً تفوق قيمة الذهب الذي صنع منه التمثال.
قطع مكدسة
❊ من ناحيته تحدث الاستاذ احمد الصويل - رئيس لجنة الثقافة والاعلام والسياحة بمجلس النواب قائلاً :
- اولاً هذا القرار يأتي في الاتجاه الصحيح بعد غفوة طويلة من الجهات المسئولة في الدولة تجاه قضية الآثار التي تشكل مصدر فخر واعتزاز لكل اليمنيين.
وبتقديري ان مجلس الوزراء اتخذ اجراء عملياً بعد مطالبات عدة تقدمت بها اللجنة ونحن كلجنة ثقافة واعلام وسياحة يندرج في اطار مهامنا واختصاصاتنا كل ما يتعلق بالآثار، واللجنة لديها تقرير كان المفترض ان يقدم نهاية عام 2007م ولكن لظروف مناقشة الموازنة العامة تم تأجيل ذلك.. والتقرير يتعلق بالآثار ونهبها وتدميرها، وبصورة خاصة في محافظتي مأرب والجوف، حيث نزل فريق في اكتوبر الماضي وتم عقد لقاءات مع المسئولين هناك والهيئة العامة للآثار ووزير الثقافة وللاسف الشديد الجهات الرسمية لاتعطي ولاتولي قضية الآثار ما تستحقه من اهتمام وعناية حيث فوجئت اللجنة بحجم العبث والدمار الذي يلحق بالآثار نتيجة لدعم توافر ابسط وسائل الحماية وكذلك الحراسات وضعف الوعي لدى المواطنين.. ونحن في اطار سعينا في اللجنة وبالتنسيق مع الهيئة العامة للآثار سنعمل على اعادة صياغة قانون الآثار، بحيث يتم تحديد الاختصاصات والوقوف بقوة في وجه مهربي الآثار ومن يعمل على تدميرها.
للاسف ان الهيئة العامة للآثار موجودة لكن عند الوقوف على الميزانية المخصصة لها نجدها ضعيفة جداً ولاتلبي الطموحات ولا حتى تمكنها من أداء مهامها الاساسية، لكن ذلك ليس معناه اعفاءها هي والجهات المسئولة من مسئوليتها.
في تقديرنا نحن ان الآثار هي الكنز الذي تفاخر به اليمن والذي تتميز به عن دول المنطقة ولذا يجب ان تتوافر لها كل الامكانات لحمايتها والحفاظ عليها، حتى فيما يتعلق في تأهيل الكادر البشري القادر على صيانة وعرض هذه القطع الاثرية بشكل جيد.
علماً انه يوجد الكثير من الآثار اليمنية خارج حدود الوطن والمطلوب هو المطالبة الحكومية الجادة لاعادتها.
قرار مجلس الوزراء يصب في الاتجاه الصحيح.. وعلى الاجهزة الامنية والسلطة المحلية العمل على استرجاع هذا الكنز والحماية الكاملة لمختلف المواقع الاثرية سواء في مأرب ام الجوف ام شبوة او حضرموت او في اية محافظة اخرى، وتوفير الحماية للمتاحف إذ يلاحظ الزائر لها ان القطع الاثرية التي تمثل تاريخ الامة لمئات السنين لاتتوافر لها الحماية وصالات العرض المناسبة وبعض القطع الاثرية ذات القيمة التاريخية الكبيرة مكدسة في المخازن بين الأتربة.
اننا نتوجه للحكومة والرأي العام للاستيقاظ والتنبه لهذه الكارثة الوطنية المتمثلة بنهب تاريخنا وتراثنا.. وعلى منظمات المجتمع المدني والقطاعات الخاصة والمعلمين التوعية بأهمية هذه الآثار، والابلاغ عمَّن تسول له نفسه العبث بها كونها كنزاً وطنياً عاماً.
|