د. عبدالوهاب الروحاني -
سؤال يداهمني كلما هممت بالكتابة في موضوع ما.. لكني لا اتوقف عنده كثيرا.
لا ادري، هي حالة منفردة أم أن هناك غيري من صناع الكلمة يجول بخاطرهم سؤال كهذا !!!
ربما هو الشعور بالاحباط في زمن اشتعال الحرائق وتمزيق الأوصال والقتل والتجويع..!!
وربما هي القناعة بأن الكلمة أصبحت ركيكة ولم يعد لها معنى عند جيل الشباب في زمن الموت والغبار !!
التاريخ يحدثنا أن الكلمة التي مصدرها العقل تلعب دورا مهما في إشعال الحروب أو ايقافها .. لكن السؤال الأهم هنا هو، لماذا لم يعد اليمنيون يرون الحل الا في البندقية وفوهة المدفع..؟!
أسئلة تجرنا إلى البحث في العقلية اليمنية .. ومصدر "الحكمة" التي يحلو لنا التحدث عنها كثيرا ..
كنت ذات يوم في مقيل، وكان بيننا شخص مسئول وقائد كبير يدعي المعرفة والإحاطة بعلوم الكون (كما هو حال المسئولين في بلادنا)، وكانت له -حينها- "حنة وطنة"..!!
فجأة تفجر غضبا من قول أحد "المخزنين" ان حديث "الحكمة اليمانية" مكذوب .. فزأر ولجج، وثناثر القات من فمه وهو يرمي الرجل بتهم شتى أهونها التنكر للسنة والكذب على الرسول.. حاولت التهدئة من هيجان صاحبنا،
وقلت له: لا تنزعج يا صاحبي، الرجل قال رأيه ولم يخطئ، ثم هناك آلاف الأحاديث فيها الصحيح، وفيها الحسن، وفيها الضعيف، وفيها المكذوب ايضا.
قال منفعلا، والشرر يتطاير من عينيه وقبعه يكاد يسقط من على رأسه: اليمن أصل الايمان والحكمة
قلت مبتسما:
وليكن هو أصل كل شيء .. المهم الهدوء يا ( ... )
فهدأ صاحبنا، وغرق المقيل في التفاصيل، وأحاديث فضل أهل اليمن وحكمتهم وعذوبة لسانهم، وعاش الجميع لحظات من الزهو والانتشاء..
وكان المهم -ولايزال- هو أننا اليمنيين نفاخر دوما ونقول "الايمان يمان والحكمة يمانية".. برغم أننا بلا ايمان وليس بنا عقل ولا حكمة .. !!
ذلك ببساطة، لأننا قوم إذا اختلفنا تقاتلنا .. ومضينا ندمر ونقتل ونشرد وننهب، فقط لأننا اختلفنا، ولانه لا وجود لايمان يردعنا، ولا لحكمة توقف جنوننا ..
المشكلة يا اصدقاء، هي مشكلة الوعي، الذي هو أساس التفكير والمعرفة .. حيث المسافة بيننا وبينه لا تزال بعيدة جدا من نقطة البداية .. واذن، لمن نكتب والحكمة اليمانية قد فاض كيلها فينا ؟!
اصدقاء وزملاء يمتهنون الحرف يرون أن القلم يجب أن لا يتوقف .. ويجب أن يكتب:
- للتاريخ، ولعامة الناس
- لمن يثق بما يكتب، ويريد أن يفهم
- ليكشف غطرسة القوة والنفط والمال
يجب أن يكتب ليبرئ الذمة، وللفائدة والمتابعة، ثم للضمير وللوطن نكتب.
لكل هذا سنكتب، للضمير ..
نعم للضمير وللوطن الذي نعشق ..
لمن يريد أن يفهم ولمن لا يريد أن يفهم ..
سننقش الحروف في جدار الموت .. لنزرع الامل، ولتعبر حروفنا متارسهم، وتتجاوز نارهم التي تحرق كل جميل في وطننا..
وحتما ستصل ..
| 
لمن نكتب؟!