راسل القرشي - أثارت الخطة أو المشروع الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ما اسماها صفقة القرن أو التسوية بين الفلسطينيين واسرائيل ردود أفعال غاضبة على المستويين الفلسطيني والعربي رافضة كلية هذه الصفقة كونها أولاً تميل بشدة نحو الموقف الإسرائيلي من القضايا الرئيسية، وثانياً أن هذا المشروع أو الخطة تضع القدس الشرقية التي يراها الفلسطينيون عاصمتهم المستقبلية تحت سيادة إسرائيل وعاصمة مشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين..
الخطة تعمل على تبادل الأراضي وإخراج سكان عرب الـ48 من شمال فلسطين إضافة إلى أن غور الأردن وشمال البحر الميت سيكون بيد الاحتلال والضفة الغربية سيتم تقسيمها لشمال ووسط وجنوب (ثلاث جزر) ، فيما القدس ستكون بالكامل بيد الاحتلال باستثناء أحياء صغيرة.. وتفاصيل أخرى تصب في مجملها في الصالح الإسرائيلي .. فكيف يمكن تسمية خطة ترامب بالخطة التي ستحقق السلام وتضمن للفلسطينيين حقوقهم وهدفها في الأساس تصفية المشروع الوطني الفلسطيني..؟!
خطة ترامب أكدت أن الكيان الصهيوني ليس سوى محتل للأراضي العربية الفلسطينية وكل ما تضمنته خطته يمنح هذا الكيان الأحقية في بناء دولته في أراضٍ محتلة لا يملك منها شبراً واحداً..!
إن ما تضمنته خطة ترامب ليس سوى تجاوز واضح وانتهاك فاضح لكل القرارات والمواثيق الدولية التي نصت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس ..كما تؤكد على سطحية الرؤية الامريكية لجوهر الصراع العربي الصهيوني وحق شعب فلسطين في تقرير مصيره وبناء دولته على ارضه المسلوبة..
وعلى الرغم من اجتزاء الكيان الصهيوني أراضي واسعة من دولة فلسطين قبل العام 1967م إلا إنها توسعت في هذا العام بعد النكسة واستولت على أراضٍ عربية مصرية وأردنية وسورية كما ضمت من الأراضي الفلسطينية الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة بمعنى أدق أن حدود 1967م هي المناطق الفلسطينية التي قامت عليها دولة الكيان المحتل في مايو العام 1948م..
ولهذا تؤكد القيادة الفلسطينية والأنظمة العربية على أن أي تسوية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والكيان المحتل يجب أن تقوم على حدود ما قبل النكسة في العام 1967م وهو ما يرفضه الكيان المحتل تحت مبررات حماية الأمن القومي وكون فلسطين هي أرض اسرائيل ولا حق للفلسطينيين فيها..!!
نعم هناك جزء من الإسرائيليين مع إقامة دولة إسرائيل وفقاً لحدود ما قبل العام 1967م إلا أن قادة الصهاينة يرفضون هذه الفكرة كلياً كون حرب 67 اكدت على ضرورة ضم تلك الأراضي لدولتهم بعد كشفهم لنقاط ضعف قد تُعرض ما يسمونه الأمن القومي الإسرائيلي لخطر بالغ..!!
إن تمسك القيادة الفلسطينية ببناء دولتهم الحرة والمستقلة على حدود ما قبل عام النكسة.- ورغم إنهم يتنازلون عن كل الأرض العربية الفلسطينية التي تقع تحت سلطة الاحتلال - هو الحل الضامن والشامل لتحقيق التسوية وبناء دولتين متجاورتين دون أي تدخل أو انتهاك لسيادة الدولتين من قبل أيٍ منهما..
اسرائيل دولة محتلة للأراضي الفلسطينية بدعم أمريكي بريطاني غربي..، والعالم كله يعي ويدرك ذلك إلا أن واشنطن وحلفاءها يقولون إن المحتلين هم الفلسطينيون وهم المعتدون وهم من يرتكبون جرائم بحق الشعب الإسرائيلي..!!
وفق هذا المنطق الغريب والعجيب لم يعد للفلسطينيين حق ولا أرض ولا دولة ولا ينبغي لهم المطالبة بأي حق كونهم دخلاء ويقطنون في أراضٍ ليست لهم ولا تربطهم بها أية علاقة وعندما تقدم الإدارة الأمريكية خططاً أو مشاريع لتحقيق التسوية الفلسطينية الإسرائيلية كما هي خطة ترامب سيئة الصيت فهي عبارة عن مكرمة للفلسلطينيين .. مكرمه لا ينبغي إعطاؤها إلا من أجل انهاء هذا الصراع الذي اثر كثيراً على سلامة وأمن إسرائيل..!!
إنه منطق الإدارة الأمريكية وسياستها المعلنة ..؛ فالفلسطينيون لا يحق لهم المطالبة بدولة ولا بالقدس ولا المطالبة بالعودة ولا يحق لهم الدفاع عن أراضيهم وعن أنفسهم والتوقف - كما قال ترامب - عن الأعمال الإرهابية التي ينفذونها تجاه إسرائيل..!!
لا غرابة في هذه المواقف الأمريكية، فأمريكا هي في الأساس إسرائيل والعكس صحيح ..؛ ولا غرابة أن نسمع بعض القيادات التي تسمى نفسها عربية وتدَّعي حرصها على القضية الفلسطينية وتتبنى مواقف سياسية في هذا الإطار - لا غرابة أن تعلن عن مباركتها خطة ترامب وتقول إنها الحل الافضل والضامن لبناء دولة فلسطين..!!
تلك "القيادات" اكدت بموقفها هذا على حق إسرائيل في الأراضي المحتلة ولا غرابة في ذلك كونهم أدوات أمريكية وتعمل لمصلحة الإدارة الأمريكية وحلفائها ومن ضمنهم إسرائيل..!!
السياسة الأمريكية سياسة عدوانية وما يحدث في فلسطين وفي سوريا واليمن والعراق وليبيا وفي كافة انحاء العالم واضح ولا يحتاج إلى شرح..
إسرائيل ومنذ كامب ديفيد كانت هي الأساس وهي الموجهة لكل ما تم إقراره في المنطقة العربية وهي وراء تمزيق الصف العربي وتقوية قبضتها في المنطقة العربية..
كما أن اللوبي الصهيوني الإسرائيلي هو من يُسيّر الإدارات الأمريكية المتلاحقة ولهذا التزمت الولايات المتحدة أخلاقياً وأيديولوجياً بحماية إسرائيل واستمرت - في الوقت نفسه - في الحصول على نفط عربي رخيص من منطقة الخليج دون أي اعتراض من قبل دول الخليج التي تزايد بالقضية الفلسطينية..!!
لم تعد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة الخارجية غير معروفة أو غير مفهومة وبالذات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فهي واضحة وجلية وأوضحها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بشكل أكثر.!!
ورغم كل تلك المواقف الأمريكية البعيدة عن الأخلاق فإن غضب الشعب الفلسطيني لم ولن يهدأ.. وحقه لن يضيع.. وأرضه ستعود كريمة شامخة..
قضية فلسطين هي قضية العرب والمسلمين جميعاً.. وهي الكلمة الموقف التي لم ولن يتجاوزها التاريخ أو تسقط من الذاكرة..
ستعود القدس مدينة السلام.. وتنتصر القضية، ويصحح التاريخ أحداثه التي شوهها المحتل المغتصب لا محالة..
فلسطين عروبتنا.. فلسطين إرادتنا.. فلسطين موقفنا الواضح الجلي الذي لم ولن يسرقه أو يشوهه ترامب أو غيره.
|