عبدالعزيز الهياجم -
هل يمثل تكتل اللقاء المشترك اطاراً لتنسيق شبيه بما هو حاصل مثلاً في لبنان بالنسبة لقوى المعارضة »قوى الثامن من آذار« أو تحالف الموالاة »قوى الرابع عشر من آذار«؟
ربما يكون شبيهاً بالأول كونه معارضة، وشبيهاً بالثاني كونه ينسق مع سفراء الدول الغربية في كثير من تحركاته ومبادراته، غير أن هناك فرقاً كبيراً وشاسعاً في مسألة التماهي والتأثير المتبادل بين مكوناته.
ففي تحالفات القوى السياسية اللبنانية حتى لو أصبح أعداء الأمس أصدقاء اليوم فإن ذلك لا يمثل خطراً على الشخصية المستقلة لكل حزب أو تيار سياسي كون كل منها يقوم على بناء طائفي يشكل هويته ويمثل سياجاً حامياً له من الذوبان أو التماهي في اطار التحالف الجماعي.
وعلى سبيل المثال فإن التيار الوطني الحر الذي يتزعمه العماد ميشال عون هو اطار لتكتل سياسي مسيحي ماروني يلتقي مع حزب الله وحركة أمل وتيارات معارضة أخرى في تحالف استراتيجي لتحقيق أهداف معينة، ولكن في النهاية مهما انعكس ذلك على تقارب قواعده مع القواعد التابعة لحلفائه فإن ذلك له سقف معين تدركه القيادة والقاعدة، ولا يمكن لأيٍّ من أنصار التيار الوطني الحر أن يشعر بالحيرة والارتباك أو أن يقول كيف نتحول من مسيحيين مارونيين الى شيعة مثلاً.. لا يمكن أن يحدث ذلك التحول أو الارتباك على الاطلاق.
^ أما في حالة تكتل »اللقاء المشترك« فإن مكونات هذا التحالف أو بعضاً منها تخسر الكثير دون أن تشعر.. وأبرز الخاسرين هو التجمع اليمني للاصلاح الذي لا نلومه على أنه استطاع أن يتحول من حزب حليف للمؤتمر الشعبي العام والرئيس علي عبدالله صالح، الى حزب له رجل في السلطة ورجل في المعارضة، ومن ثم أصبح حزباً معارضاً خالصاً.. كانت تلك خطوة ايجابية على قاعدة »تأبى العصي إذا اجتمعن تكسراً«.وعلى مفهوم وجود معارضة قوية لها صوت واحد وموقف واحد ومنافس واحد.. ومن البدهي عندما نسأل قيادياً اصلاحياً عن تحول أعداء وخصوم الأمس -من الاشتراكيين الملحدين والناصريين قتلة سيد قطب واتحاد القوى الشعبية خصومهم الاسلاميين مذهبياً- الى حلفاء؟ سيقول لك: في السياسة ليس هناك صديق دائم أو عدو دائم؟
^ وهذا صحيح في السياسة نعم.. ولكن عليك أن تشتغل سياسة من الأول وحتى الآخر.. وليس وفق قاعدة »الضرورات تبيح المحظورات« وبالتالي فليس من باب المكايدة أو »دق إسفين« القول إن »الاصلاح« يخسر أكثر مما يكسب من هذا التحالف.. لسبب بسيط هو أن قواعده التي رباها دينياً وعقائدياً وليس سياسياً بهوية دينية معاصرة، تتشكل لديها صدمة وانفصام في التفكير ازاء ما يحدث.وعليه فإن أخطر مسألة لم يتعاطَ معها حزب الاصلاح بشجاعة وواقعية هي أنه لم يحدد أولاً موقفه من القضايا الرئيسية المتعلقة بالديمقراطية كخيار استراتيجي وليس تكتيكياً وقضية الحريات وحقوق المرأة قبل أن يحدد موقفه من التحالف مع خصوم وأعداء الأمس والايديولوجيا.
والناس اليوم يريدون حزباً عصرياً بهوية دينية كما هو شأن حزب العدالة والتنمية في تركيا، وليس حزباً »انفصامياً« يتجَّرع خصومَه لأن عدو عدوه صديقه وفي داخل أعضائه وقواعده لا يستطيع الاصلاح مثلاً أن يقنع قطاعه النسائي بأن لا ضير من التقارب والالتقاء مع نساء الاشتراكي والناصري في الوقت الذي يعد فيه صوت »المرأة الاصلاحية« عورة ووجه المرأة الاشتراكية »سفوراً«. ولذلك فإنه مثلما حدثت ظاهرة الاصلاحيين »المستنيرين« الذين تجاوزوا جمهور منظريهم المتشددين وتم تصنيفهم على أنهم خسروا دينهم.. يمكن أن ينتج من هذا الازدواج بروز ظاهرة »الاصلاحيات المستنيرات« اللواتي لا يمكن لهن أن يبقين مجرد »عورة« في الوقت الذي يصرح فيه قياديون اصلاحيون بأنهم مع منح المرأة حقوقها السياسية كاملة.