أحمد ناصر الشريف -
❊ الفرصة التي أتيحت لنا نحن اليمنيين في أن نجعل الشعب اليمني يحكم نفسه بنفسه لو استغلت الاستغلال الأمثل بعيداً عن التشنج والانفعالات لاستطعنا أن نحقق مكاسب كبيرة تسير بنا نحو اللحاق بمسيرة الركب الحضاري والخروج من تلك الحلقة المفرغة التي تحشر بعض الشعوب نفسها فيها وخاصة في دول العالم الثالث الأمر الذي يجعل الدول الكبرى تتحكم في مصائرها بحجج وذرائع واهية فتصبح مقدراتها رهناً للغير لأنها لا تمتلك السيادة الوطنية للتحكم فيها.. وهذا في غالب الأحوال يحدث حينما تكون الشعوب في وادٍ وقياداتها في وادٍ آخر.
ومن هنا يتضح أن المشاركة الفاعلة أثناء ممارسة المواطن لحقه الدستوري والقانوني لاسيما ما يتعلق بانتخاب من يمثله في الحكم عبر صناديق الاقتراع في عملية تنافسية جادة ونزيهة من خلالها يمكن للقيادة والشعب أن يسيرا في اتجاه واحد وتسخر كل الجهود لخدمة القضايا الوطنية وتحقيق المزيد من المكاسب والانجازات وإعلاء شأن الوطن بين الأمم.. اضافة الى ترسيخ قواعد المشاركة الشعبية وتوثيق الايمان بالحرية والديمقراطية.. وإن كان مثل هذا التوجه يتطلب بذل جهود كبيرة من كافة السلطات والجهات والمؤسسات داخل الدولة وخارجها حتى تكون العملية تكاملية تصب في النهاية لخدمة المصلحة الوطنية العليا.
ولأن الديمقراطية ممارسة وليست مجرد شعار عام فإن الشعوب المتحضرة تحرص دائماً على أن تبقى الديمقراطية وممارستها عملياً على أرض الواقع مرهونة بالسلوك الحضاري للمواطن فيها وهذا هو سر تفوق وتقدم تلك الشعوب في العديد من سبقتنا في هذا المجال لو حاولنا أن نتعامل مع الحرية والديمقراطية التي أتيحت لنا منذ قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 90م بوعي وسلوك حضاري والاستفادة من تجارب الآخرين وبحيث نضرب أروع الأمثلة في المنطقة التي نعيش فيها انطلاقاً من تعميق مشاعر الحب والولاء للوطن اليمني الواحد.. كما أن الاحتكام للدستور والقانون يعد خطوة ايجابية فاعلة نحو تطوير الممارسة الديمقراطية وإحلال المفاهيم الراقية محل تلك الموروثات التي عفى عليها الزمن.
لكن مع الأسف الشديد فقد أصبحت نظرة الاحباط وعدم التفاؤل هي الروح السائدة لدى الكثير من القوى السياسية في بلادنا وخاصة في صفوف المعارضة التي يفترض فيها أن تشكل حكومة الظل لتبصير الحكومة بأخطائها لا أن تستغل الحرية والديمقراطية لتجعل منها معولاً للهدم والتشكيك في كل شيء.. وذلك ليس تقييماً عادلاً للأوضاع بقدر ما يمثل محاولة لحجب الحقائق عن الشعب وفي نفس الوقت لا يخدم أبداً توجه المعارضة لكسب ثقة المواطنين والوقوف الى صفها وهو الذي يعبر عنها ويجعل منها معارضة حقيقية يثق فيها المواطن وتحسب لها الحكومة ألف حساب.. واذا ما استمرت المعارضة على نهجها الحالي تحرث في البحر.. ففي هذه الحالة سيظل الشعب هو الضحية ومصالحه هي المتضررة بالدرجة الأولى لأنه أصبح يعيش بين أخطاء الحكومة وأخطاء المعارضة..
وفي ظل حالة الفعل وردة الفعل من الاتهامات المتبادلة سوف ينعكس كل شيء سلباً على المواطن نفسه ويضيع الوقت هدراً دون استغلاله وتسخيره لمعالجة القضايا ذات الأولوية، وخاصة تلك المتعلقة بمعيشة الناس التي أصبحت كل جهة تتخذ منها ما لا يجب أن يستمر فعلى الحكومة أن تترجم أقوالها الى أفعال على أرض الواقع وعلى المعارضة أن تعترف بما تحقق من ايجابيات وتنقد السلبيات بموضوعية بعيداً عن استغلال الديمقراطية للمكايدات!!