طه العامري -
،،يبدو مسارنا بكل تداعياته وأزماته أسيرا لغياب منظومة القيم الاجتماعية وغياب الشعور بقيم الهوية والانتماء ومع هذا وذاك غياب منظومة التكافل والترابط الاجتماعيين والوطنيين على ضوء منظومة القيم العابرة التي جاءت لتنسف كل مكونات المجتمع تحت شعار فلسفة العولمة والمتغيرات والتحولات الدولية التي يتطلب التعاطي معها قدرا من الوعي الوطني بصورة لا تفقدنا توازننا ولا تجعلنا نتنكر لقيمنا الاجتماعية الأصيلة وهويتنا وتكافلنا وأخلاقياتنا التي نستمدها من ديننا ومن ثقافتنا العربية الإسلامية وتراثنا الوطني الضارب جذوره في أعماق التاريخ وتجاويف الذاكرة الوطنية الحاضنة لأصالة الانتماء والهوية والسلوك الأخلاقي والحضاري.
كل هذا الغياب لمنظومة القيم الاجتماعية الوطنية أفرزت حالة من التنافر والتنكر وضاعف من هذا الغياب تخلي الفعاليات عن دورها في تجذير ثقافة الهوية والانتماء وتحولها إلى فعاليات نمطية تسعى لتحقيق مصالحها دون التفكير بالمصلحة وبكل ما يعزز قيم الانتماء والتكافل والتكامل الاجتماعي ويخلق شراكة وطنية حضارية متقدمة أخذة بكل قيم وعوامل التطور الحضاري والإنساني دون أن تفرط أو تتخلى عن منظومة القيم الوطنية والاجتماعية التي على قاعدتها تتشكل الهوية الوطنية والثقافة ومكونات الشعور الوطني والغيرة على الوطن وأمنة وسيادته والحرص على سكينته الاجتماعية بعيدا عن ثقافة النزوع المذهبي والطائفي والمناطقي والنوازع الحزبية الضيقة والقاصرة، وكذلك النوازع القبلية أيضا والتي برزت في سياق هذا الحراك العبثي وهو حراك إذا ما تأملنا تداعياته سنجد أن كل هذا الحراك لا يخدم ليس السلم الاجتماعي وقيمه وموروثاته الثقافية والفكرية وتقاليده بل لا يخدم هذا الحراك اطرافه ودعاته وأنصاره والمتشيعين له من البعض الذين يعبرون بمثل تصرفاتهم هذه عن حالة ضياع وتخبط وفقدان رؤية ومنهجية بل وفقدان كل مقومات السلوك الحضاري والإنساني ناهيكم أن هؤلاء بما يمارسونه يكونون بوجودهم هذا وممارساتهم يتناقضون مع كل قيم التطور الإنساني وبالتالي ليس بمقدور أمثال هؤلاء تقديم أي فائدة أو مصلحة للوطن والشعب في الحاضر والمستقبل إذ أن كل من يتخذ من أي من هذه المفاهيم القاصرة عنواناً وهوية فإنه يكون غير قادر على التفاعل الوطني الخلاق مع التحولات الاجتماعية والحضارية لأن دعاة الطائفية والمذهبية والقبلية وعبدت الأفكار والأيدلوجيات الجامدة كل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا أدوات لأي بناء حضاري وطني بل أن هؤلاء لن يقدموا شيئا يذكر للمفاهيم التي ينادوا بهاء وبالتالي ليس بمقدور الطائفي أن يخدم طائفته ولا المذهبي أن يخدم مذهبه ولا صاحب الأفكار والأيدلوجيات الجامدة قادرا على تطوير ما يتمسك به وعليه فإن منطق التطور والتحولات الحضارية والتاريخية يقف ضد أمثال هؤلاء وضد طروحاتهم وأفكارهم وتصرفاتهم وسلوكياتهم ومواقفهم لأن بناء الأوطان والشعوب وتقدمهما وتطورهما لا يتم ولن يتحقق من خلال تسويق هذه المفاهيم ولم يعرف التاريخ شعبا أو مجتمعا تقدم عبر النزوع الطائفي والمناطقي والمذهبي أو القبلي ولكن التقدم والتطور تحققهما رؤى وطنية جامعة وموحدة ومؤمنة بقيم وهوية المجتمع وثقافته وخصائصه الحضارية ومن خلال شراكة وطنية جامعة لكل طاقات المجتمع ومن خلال رؤى ومفاهيم ثقافية تكرس في مفرداتها مفاهيم الانتماء والهوية وواحدية المسار الوطني والمصير.
إن النزوع أو الانحياز لأي من هذه المفاهيم هو فعل من خيانة وعمل تآمري ليس ضد الوطن والمجتمع بل ضد من يتخندق في دائرة هذه المفاهيم المتخلفة هذا أولا وثانيا يتعرض هذا النزوع مع حقيقة الإنسان الذي بكل ما لهذا الإنسان من قيم ومفاهيم وأفكار وهي أن لم تكون في خدمة الفرد والمجتمع وعنوان للسكينة وأداء للتوحد الذاتي والموضوعي فلا قيمة لها ومن العار أن يصبح الفرد أيا كان عبدها وأسير مفاهيمها مهما بلغت هذه المفاهيم من القداسة لا تساوي شيئا لأن الوطن في الأخير هو أغلى بكل ما فيه من تناقضات اجتماعية يظل الحاضن لتطورنا وقيمنا والشاهد على وحدة الهوية والانتماء والمصير.
إن الوطن يظل الحقيقة الراسخة والمطلقة ويظل هو من يجب التضحية في سبيله وفي سبيل نهضته وتقدمه وتطوره الاجتماعي ومن أجل الوطن وأهدافه يعمل كل شرفاء الوطن لكن من يعمل هذا العمل من أجل الوطن هو من تحرر من كل قيم العبودية لمذهب أو طائفة أو قبيلة ويصبح الوطن بكل ظواهره الجمعية وتراثه الحضاري وتطلعاته هو الغاية التي تعمل من أجلها وفي سبيلها الأوفياء والتحرر الذاتي من كل هذه النوازع المريضة شكل من أشكال الوفاء وعمل وطني عظيم .. لكنا وحتى نصل إلى هذه المرحلة الحضارية من السلوك والوعي ونقتدي بفخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله - هذا الزعيم الوحدوي الذي حقق لنا وللوطن والتاريخ الكثير من المنجزات وأبرزها الوحدة اليمنية واستقرار السكينة الاجتماعية إضافة لهذا تمكنا في عهد وعصر فخامة الأخ الرئيس من التحكم بسيادتنا الوطنية وامتلاك قرارنا السيادي الوطني وغادرنا معه وتحت قيادته وزعامته دائرة الوصاية أيا كان شكلها ومصدرها وما كان لفخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح القدرة ولا الامكانية في تحقيق كل هذه المنجزات والمكاسب والوصول بنا والوطن إلى هذه المرحلة الحضارية المتقدمة لو أن فخامته كان مجبولا ببعض من هذه العاهات التي يعاني منها البعض.
نعم لو كان الرئيس علي عبدالله صالح طائفي أو مناطقي أو سلالي أو متعصب لقبيلة أو متمسك بأيدلوجية جامدة لو في هذا الزعيم والقائد شيئا من هذه العاهات هل كان بمقدوره أن يحقق كل هذه المنجزات ؟؟ هل كان له أن يصل بنا والوطن إلى هذه المرحلة الحضارية المتقدمة لو أن فيه ذرة من هذه القيم القاصرة تستوطنه قطعا ولأنه زعيما نقيا ووحدويا صادقا ووطنيا راسخا يدرك حقيقة وطنه ومتطلباته وأهدافه ولهذا أوصلنا إلى هذه المرحلة الوطنية بوعي وحكمة وحصافة ولكل هذا مكنه الله والوطن والشعب أن يكون في هذه المكانة التاريخية وأن يحقق لنا والوطن كل مقومات الحياة الحضارية.
بيد أن كل هذا يجب أن نأخذه بعيداً عن بعض الظواهر السلبية التي من الطبيعي أن تحدث وهي موجودة في كل بلدان العالم الغنية منها والفقيرة المتقدمة منها والمتخلفة وجميع هذه الشعوب والمجتمعات تعاني من الظواهر السلبية والمنغصات الاجتماعية ولكن كل هذه الظواهر يتم معالجتها بمقدار ما لدى أفراد المجتمع من قيم الولاء والانتماء والشعور بالهوية الوطنية وكذا بما يحمل أفراد المجتمع من الوعي الاجتماعي والرغبة في الانتصار الوطني وهذا الشعور أي شعور الانتماء الوطني هو ما يجب أن يعمل الجميع عليه فالتطهر من أجل الوطن واجب والتسلح بالقيم الوطنية والاجتماعية هو عنوان النجاح الوطني وحسب.
ameritaha @ gmaiI.com
نقلا عن الثورة