إبراهيم الحجاجي - خمسة أعوام هي حصيلة زمنية اسطورية ستسجل في أنصع صفحات التاريخ، لصمود الشعب اليمني أمام عدوان غاشم ضم عدداً من الدول المتحالفة وتأييد دولي (قابص ثمن هذا التأييد).
خمس سنوات استخدمت خلالها أحدث آلات الحرب، سواءً أكانت عسكرية أو اقتصادية او اعلامية أو لوجستية وغيرها في عدوان غير مبرر ومخالف لكل الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق الدولية، حرب شاركت فيه أحدث أنواع الطائرات الحربية سواء المقاتلة أو الاستطلاعية وغيرها، شاركت فيه احدث انواع البوارج والاسلحة البحرية وكذا الاسلحة البرية، الى جانب كل هذا.. حصار بري وبحري وجوي خانق، كل ذلك ضد الشعب اليمني ذو الامكانيات المتواضعة ولا وجه للمقارنة بأي شيء بإمكانيات الطرف المعتدي، شعب مسالم لم يعتدي على أحد ولا يوجد أي مبرر لهذا العدوان، سوى اطماع واهداف سنوضحها في السطور اللاحقة.
عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليمني كانوا ضحايا هذا العدوان بين شهيدٍ وجريح، معظمهم من النساء والاطفال والشيوخ، من خلال مئات الآلاف من قصف غارات الطيران التي استهدفت مقدرات الشعب اليمني ودمرت منازل فوق ساكنيها، استهدفت صالات ومخيمات الاعراس ومجالس العزاء، حتى مجالس عزاء النساء لم تسلم من ذلك، استهدفت الاسواق المكتظة بالمواطنين، استهدفت الطرق والجسور والمطارات والموانئ والملاعب والصالات الرياضية والمساجد وخزانات وشبكات المياه والكهرباء والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والجامعات والمواقع الأثرية، بطريقة لم يشهد التاريخ البشري مثل هذا الحقد الذي لم يراعي حتى ذرة لأخلاق الحروب وقوانينها.
خمس سنوات والشعب اليمني يعيش مرارات المعاناة نتيجة الحصار الجائر الذي فرضه تحالف العدوان، سبب في انقطاع المرتبات وتراجع دخل المواطن الى أدنى مستوى بل وانعدامه لدى الكثير، شحة وانعدام الكثير من الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الغذاء والدواء وانعدام المتطلبات الضرورية لعدد من مراكز علاج الامراض المزمنة، شحة المشتقات النفطية والغاز الي تقوم عليها الكثير من الخدمات مثل المستشفيات والنقل وحركة العديد من مؤسسات الدولة التي تمس حاجة وخدمة المواطن بشكل مباشر، انقطاع الكهرباء وشبكات المياه وغيرها من متطلبات الشعب اليمني.
ومما سبق.. كل ذلك حدث ولايزال منذ خمس سنوات أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، دون أن يتحرك ضمير انساني أو تتدخل أي من القوانين والمواثيق الدولية الزائفة، وشعوب مغلوب على أمرها لضغوط حكامها، إذْ أن دور القرارات الدولية والاقليمية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والجامعة العربية، أصبحت على ما يبدو من خلال صمتها المريب في جيوب ممالك النفط التي تحركها كيف تشاء وفق منهجية مصالح دول كبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية.
قبل خمس سنوات وتحديداً فجر 26 مارس 2015 دشن ما سمي بالتحالف العربي بقيادة النظام السعودي ومن واشنطن عبر سفيرها آنذاك الجبير ما سميت عملية عاصفة الحزم، بزعم استعادة الشرعية في اليمن، والتي كان الهدف منها تدمير اليمن بقواته العسكرية ومقدراته التي بناها اليمنيين عشرات السنين من عرق جبينهم طوبة طوبة، ومن ثم السيطرة على مواردها ومنافذها البحرية والاستراتيجية المهمة.
العالم أجمع وفي مقدمتهم تحالف العدوان ومرتزقته ظن تلك العملية مجرد نزهة، وأن السيطرة على اليمن وسيادتها وقرار أبنائها في متناول اليد، كيف لا والناطق باسم تحالف العدوان السابق اللواء أحمد عسيري صرح بعد مرور ساعات فقط من بدء عاصفة أنه تم تدمير 95٪ من قدرات الجيش اليمني، سواء كانت الجوية أو الاستراتيجية ممثلة بالصواريخ الباليستية، دون علمهم أن الشعب اليمني لا يمكن اطلاقاً كسره أو تطويعه حتى لو كان في أسوأ ظروفه وأحواله.
صمد الشعب اليمني وبهدوء تعامل مع جنون وأصوات غارات طيران العدوان التي لم تفرق بين أحياء سكنية ومصالح مدنية وأهداف عسكرية، وبفضل الله ثم بفضل قيادته الحكيمة وقيادات قواه الوطنية المخلصة، تم الرد على هذا العدوان بشكل تدريجي ومدروس دون ارتباك، حتى أن العدوان استنفد كل اوراقه ولم يعد لديه الا التخبط نحو أي مساحة أو قرار يخرجه من هذا المأزق، إذا كانت باكورة الرد والنصر اليماني بعد اكثر من اربعين يوم من بدء العدوان، وتحديداً عندما استهدف أول صاروخ باليستي يمني نوع سكود قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط، والذي التهم رئيس عمليات عاصفة الحزم وعدد من الضباط والخبراءالاجانب بينهم اسرائيليين، ومن ثم تصاعد الرد شيئاً فشيئا حتى تمكن أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية من اقتحام والتوغل في عمق المواقع العسكري للعدو السعودي، ومن ثم وصلت الصواريخ البالسيتية والطيران المسير الى عقر دار الحاكم السعودي في الرياض وعدد من القواعد العسكرية في جدة وأبها وينبع ونجران وجيزان وعسير والى أبو ظبي، أضف الى ذلك ضرب اهداف عسكرية لتحالف العدوان ومرتزقته بدقة عالية سواء في مارب أو باب المندب او عدن اوتعز وغيرها من الملاحم البطولية والعمليات العسكرية الكبرى، التي غيرت المعادلة وأصبح الجيش اليمني هو من يتحكم بالمسرح العملياتي وإدارة المعركة، بينما نفذت كل اوراق العدوان ومرتزقته وخارت قواه وتهاوت مآربه.
اليوم يحتفل الشعب اليمني بمرور خمسة أعوام من الصمود والنصر الاسطوريين في وجه أعتى وأضخم تحالف عدواني بعدته وأحدث عتاده، ويحق له بكل فخر وشموخ عاليين أن يحتفل، كيف لا وهو من أدهش العالم بملاحم بطولية اسطورية سيعجز التاريخ عن إيجاد مفردات تليق بمقام هذا الرصيد العظيم.
المؤتمر الشعبي العام ومنذ اللحظة الاولى انطلاقاً من مبدئه الوطني الراسخ والثابت، أعلن وعبر قيادته ممثلة بالزعيم علي عبدالله صالح رحمه الله الصمود والوقوف ضد العدوان الى جانب شركاء الصمود والنصر أنصار الله وبقية القوى الوطنية، الى أن جائت احداث ديسمبر 2017 المؤلمة ظن الكثير أن ذلك الصمود سيتراجع وأن العدوان ومرتزقته سيحقق شيء من اهدافه، إلا أن المناظل الوطني الجسور الشيخ صادق بن أمين ابو راس حمل رأية المؤتمر الشعبي العام في أصعب ظرف واجهه في تاريخه، ليكمل مسيرته الوطنية، والانتصار لقضايا الوطن وفي مقدمتها مواجهة العدوان حتى يتحقق النصر المؤزر بإذن الله.
وفي ظل احتفال اليمنيين بيوم الصمود وبذكرى مرور خمسة اعوام من هذا الصمود والنصر العظيمين، يتزامن مع ارتباك العالم بشكل لم يشهد له التاريخ مثيل، والمتمثل بمرض فيروس كورونا الذي يجتاح معظم دول العالم، أدى الى شل الحركة في كل مفاصلها، وهي فرصة لدول وشعوب العالم مراجعة حساباتها، ماذا يعني اغلاق مطار وميناء ومدرسة وجامعة وسوق وملعب وحديقة وملهى وغيرها من مصالح الشعوب، وهي التي يعاني منها الشعب اليمني منذ خمس سنوات، بالمقابل يجب أن تتحرك الجهات المختصة والمعنية ومعها تجاوب وتفاعل شعبي لمواجهة هذه الجائحة من جانب، ومواجهة العدوان من جانب آخر.
|