نبيــــل حيـــــــدر -
❊ الحادثتان اللتان وقعتا الأسبوع قبل الماضي »الاعتداء على السياح في دوعن ونهب الموقع الأثري في السدة« أثارتا السخط في نفوس قطاع واسع من الناس قلَّما تلتفت إليه الأحزاب السياسية إلاّ في مواسم الانتخابات.. إنهم البسطاء الذين لا ينهمكون في طلب الكثير بقدر انشغالهم بقوت يومهم، يفتتحون مشوار توفيره بـ»يافتاح يا عليم يا رزاق يا كريم«. هذا الصنف من الناس لا يكترث كثيراً بالجدل السياسي الذي يدور أو قد يدور حولهم بين الأطراف السياسية المدعية حرصها على المواطن.. لكن هؤلاء البسطاء ترتفع درجة حرارة اهتمامهم عندما يقع حادث يصب زيته على رقعة الوطن.. هنا لا يصبرون عن تسجيل مواقف حقيقية وقوية لا تعرف الاسراف في الخطاب، ووضع الرؤى وأدلجة الأفكار.. في تلك الحادثتين عبروا عن رفضهم المطلق لكافة الافعال المضرة بالبلاد والعباد وأعلنوا استعدادهم للوقوف أمام تلك الأيادي الآثمة المسكونة بحبائل وشياطين العبث والتخريب. وحسابات البسطاء بسيطة مثلهم، ولعلهم لا يستخدمون أصابعهم لاحصاء الفوائد والخسائر عند وقوع مثل تلك الحوادث الجسيمة التي تحاول دق الأسافين في سفينة الوطن.. حِسبتهم واحدة ووحيدة.. حسبة تقول إن الوطن يخسر بتلك الأفعال، واذ خسر الوطن خسر ابناؤه. حقاً.. البساطة مثل القناعة.. كنز لا يفنى وهي الخط العملي الذي يطبق مبدأ القناعة ومبادئ أخرى أبرزها أن لا ضرر ولا ضرار وأن الزج بالبلاد في أتون الأفكار والأفعال والرغبات القاتلة مرفوض أجزاءً وإجمالاً. وتحت هذا المبدأ لا يمكن أن تجد قتلة السائحتين البلجيكيتين والمواطنين اليمنيين الآخرين يستقبلون الوفود المهنئة والمؤيدة لفعلتهم الشنعاء. وكذلك سارقي الموقع الأثري بمديرية السدة في إب لن تجد أحداً يرحب بنهبهم وجريمتهم.. وتلك هي قوة وشهامة البساطة والتي تتجلى أكثر وأكثر في مطالبة الأجهزة المعنية بالقيام بواجباتها في ضبط الجناة والتأكيد على أهمية انزال العقاب الرادع بهم بشكل ترتسم فيه هيبة الدولة. بسطاء الناس وهم القواعد لأي حزب أو تجمع لم ينتظروا اشارة من هذا أو ذاك.. أطلقوا مواقفهم المسموعة وكأنهم قيادات.. وهم هكذا في الحقيقة.. هم قيادات لا تشبه قيادات حزبية احتجبت عن التنديد بأيٍّ من الحادثين وكأن الأمر لا يعينها.. بل وكأن الخصومة مع من يحكم هي خصومة مع الوطن. في سجلات التاريخ تجد مواقف البسطاء تصنع مواقف النخبة.. وفي سجلات التاريخ ومن دفاتر اليوم تكتشف أن النخبة لا تصير نخبة إلاّ بمواقف الحق والسمو فوق كل خاص من أجل العام.. تكتشف أيضاً أن نخبنا السياسية مجرد نُخب من زجاج.