جمال الورد - خمس سنوات من الدمار والخراب والإرهاب جراء العدوان السعودي الغاشم الذي استهدف اليمن أرضاً وإنساناً، وكل مقدراته وبنيته التحتية بدون استثناء، على مرمى ومسمع من العالم الذي أصم أذنه وغض بصره على جرائم الإبادة الوحشية والممنهجة المرتكبة ضد شعبنا مقابل حصوله على إتاوات وصفقات وعوائد مادية على حساب القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية التي طالما تشدق بها المجتمع الدولي على مدى عقود.
خمس سنوات من العدوان، قابلها صمود أسطوري من أبناء الشعب اليمني بشكل عام وشبابه بشكل خاص، ليذهل العالم أجمع بهذا الصمود الذي لم يشهد له التاريخ مثيل، فلا انكسار ولا تراجع أو ركوع أمام المعتدين وعملائهم، بل استبسال وتضحية لأجل الوطن، ونظامه الجمهوري، وحريته وكرامته التي عُرف بها اليمني من ستة آلاف عام، -أي منذ كان دول الخليج جميعها مجرد حبات رمل عالقة في حوافر جياد اليمنيين.
بعد سنوات العدوان المستمر إلى اليوم على بلادنا، نتذكر كلام المحللين والكتاب السياسيين، في بداية الحرب، عندما لم يكن أكثر المتفائلين منهم يتوقع أن يصمد اليمني بضعة أشهر، ولن يستطيع أكثر مما هو متوقع من ضربات محدودة على الحدود، وبعدها تخور قوى اليمنيين ويركعون أمام إرهاب بني سعود وآلة الحرب الخليجية - العسكرية - المالية - وقوى النفوذ التابعة لهم -، إلا أن شعبنا وجيشنا وكل رجال اليمن الأوفياء من مجاهدين وقبائل وكل مكونات الشعب، قلبوا موازين القوى، وأعادوا تشكيل واقع لم يتوقعه أكثر المتشائمين من خبراء بني سعود ومستشاريهم.
ومما لا شك فيه أن المعتدين يعرفون مغبة ما أقدموا عليه وعواقب ما أرتكبوه، فمطاراتهم ضربت ومواقعهم الاستراتيجية استهدفت، وعملاؤهم ومعسكراتهم سحقت، وخارت قواهم أمام بأس اليمنيين، وما شاهدناها في الحدود ونهم والجوف وميدي إلا دليل واضحاً على تقهقر العملاء، وتضعضع صفهم، وتخلي مموليهم عنهم، فكانوا في خزي وقبح لا مثيل له، وكانت نهايتهم مأساوية لا يتمناها أحد.
كنا نناشد العالم أن يوقف العدوان الفاشي على وطننا، فظنوا أننا تراجعنا وجبنا عن الدفاع عن بلادنا، واليوم يناشد المعتدين العالم بأسره أن يُدين دفاع اليمنيين على أنفسهم، وكل يوم يتعالى صراخهم وتزهق أرواح جندهم وتدمر معداتهم الحديثة التي جلبها لهم سيدهم في "البيت الأبيض" أو الإليزية، وذهل الخبراء والمخطيين الذين أرسلتهم ملكة باكنغهام، أمام عبقرية المقاتل اليمني وصمود وشموخ شعبنا الذي طوع كل ما لديه وطور كل ما يمتلكه لحماية وطنه.
وكما كان يقول الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، سيؤكد شعبنا للعالم أجمع، أن إصراره على مواجهة العدوان، وإستعداده لمقاومته بكل الوسائل خيار لا تراجع عنه، ويمثل مسئولية أخلاقية ووطنية ودينية مقدّسة يتحمّلها كل يمني حُرّ شريف، وأن اليمانيين الأحرار سيظلون متمسكين بخيار التصدّي والمواجهة والمقاومة طالما ظل تحالف العدوان مستمراً في غيّه وغطرسته وفي عدوانه على بلادنا، وتمسّكه بخيار الحرب، وفي نفس الوقت فإن شعبنا يدرك أن السلام وإستعادة الأمن والإستقرار ووقف العدوان وإنهاء الحصار هو الخيار الوطني الذي لا بديل عنه لحل أي خلافات بين اليمنيين والوصول عبر الحوار المباشر والمسئول وبدون أي شروط مسبقة، إلى تسوية سياسية شاملة وعادلة تضمن حق الجميع في شراكة وطنية حقيقية، وتزيل مخاوف كل الأطراف، بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات أو وصاية من أية جهة خارجية مهما كانت، وبما يحفظ ويحقّق لليمن وحدتها وسيادتها وإستقلالها الوطني الكامل.
في نهاية العام الخامس للعدوان، بدأ الواهمون يعودن لرشدهم بعد فهموا ولو متأخراً كذبة ما تُسمى "الشرعية" وضعفها، وخيانتها وخذلانها، وأنها بكافة أشخاصها بداية بهادي ونهاية بأصغر مسؤول منهم ليسوا سوى تجار حرب ومستثمري مآسي، يهمهم الفندق أكثر من الوطن، والرصيد البنكي أكثر من الرصيد الوطني، لذا وجب أن ينفضوا عن "شرعية" الإرتزاق، وأن يحاولوا الوصول لتفاهمات يمنية - يمنية يتوبوا فيها عن ما أرتكبوه بحق الوطن والشعب، ويعودوا مواطنيين آمنيين في ظل قرار العفو العام، خصوصاً في ظل تخلي المعتدين عنهم، وضربهم في أكثر من منطقة تحت مبرر "ضربات خاطئة". فالعدوان منتتهٍ، واليمن باقٍ، وشعبه منتصر، وشهداؤه أحياء عند ربهم وفي ضمير كل حُر.
|