راسل القرشي - الأربعاء الماضي دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش "الأطراف في اليمن إلى وقف الأعمال القتالية وبذل قصارى جهدهم لمواجهة الانتشار المحتمل لفيروس كورونا المستجد" .. مشدداً في السياق ذاته على أن "الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل شامل ومستديم للصراع في البلاد"..
دعوة غوتيريش هذه لم تكن الأولى حيث سبقتها دعوات عدة طيلة الخمس السنوات الماضية وخاصة عند انعقاد المشاورات المتبادلة في جنيف والكويت ومن ثم في ستوكهولم وكان الهدف منها انجاح المشاورات واعتبار تلك الدعوات كهدنة تقود إلى وقف العدوان وكل اشكال الصراعات القائمة والخروج بحلول ومعالجات تؤدي إلى تحقيق السلام في اليمن وعودة الحياة إلى طبيعتها..
القوى الوطنية في صنعاء المواجهة للعدوان وأدواته رحبت حينها بتلك الدعوات واعلنت التزامها الكلي بوقف الاعمال القتالية كبادرة حسن نية وكسعي منها لتحقيق السلام في اليمن .. إلا إنها قوبلت بتلاعب واضح من العدوان وقواه وأدواته ، حيث ذهب العدوان إلى الاستمرار في الأعمال العدائية ومواصلة شن الغارات الجوية على مختلف المناطق اليمنية إضافه للأعمال القتالية في مختلف الجبهات .. وهو ما كشف بالمطلق عدم الالتزام بتلك الدعوات وعدم سعي العدوان وقواه لوقف العدوان.. وهو ما كان سبباً في فشل تلك المشاورات وتصعيد اعمال القتال في مختلف الجبهات..
لنعد إلى الوراء قليلاً ونذكّر بالمبادرة التي اطلقها رئيس المجلس السياسي ،التي اكدت على ايقاف اطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة من قبل الجيش اليمني على الاراضي السعودية وكان آخرها ما اطلق على شركة ارامكو بمنطقة بقيق ؟..
كيف قابلها النظام السعودي وأدواته .. هل تفاعلوا معها؟!
طبعاً قوبلت تلك المبادرة بكبر وغرور وصلف كعادتهم ليؤكدوا استمرارهم في العدوان واستهدافهم المدنيين والاستخفاف بحياتهم..!!
قابل النظام السعودي مبادرة صنعاء بعنجهيته المعهودة وكل ذلك بأوامر من قبل من يسيّرونه ويوجهونه ..، كون النظام السعودي وحلفائه مجرد أدوات لتنفيذ الأجندة الأمريكية والبريطانية والغربية عموماً ..؛ كما هي مهمة من يسمون انفسهم "الشرعية" حيث يتم استخدامهم كأدوات من قبل النظامين السعودي والإماراتي لتحقيق اهدافهما واهداف سادتهم الغربيين..
رد النظام السعودي وحلفاؤه على مبادرة صنعاء باستمرار تسييره لطيرانه العسكري وقصف العديد من مناطق الجمهورية وفي مقدمتها محافظتي عمران والضالع حيث تم استهداف تجمعات سكنية ادت إلى استشهاد واصابة اكثر من ثلاثين مدنياً معظمهم اطفال ونساء..
غوتيريش عبر هذه الدعوة الأخيرة الاربعاء طالب كل الأطراف في اليمن بالعمل مع مبعوثه الخاص من أجل التوصل لخفض التصعيد على مستوى البلاد، وتحقيق تقدم في الإجراءات الاقتصادية والإنسانية التي من شأنها التخفيف من معاناة الشعب اليمني وتعزيز الإجراءات المعتملة لمواجهة فيروس كورونا.. وهي الدعوة التي قوبلت بترحيب كبير من صنعاء كما رحبت بها ما تسمى الشرعية وقوى التحالف العدواني.. ومع هذا الترحيب يبقى السؤال : هل يلتزم العدوان وأدواته بدعوة غوتيريش أم يستمرون في اعمالهم العدائية ويفشلون هذا التوجه للتخفيف من معاناة الشعب لاسيما والعالم كله يخوض حرباً ومواجهة شاملة مع فيروس كورونا القاتل والكارثي..؟!
نعم.. نحن جميعا في اليمن وفي السعودية بحاجة إلى تمثل قيم وثقافة الحوار والتصالح والتسامح وبناء الثقة والعمل جميعا من اجل مواجهة هذا الفيروس الذي إن وصل إلى اليمن فسيتسبب بكارثة إنسانية حقيقية في ظل الأوضاع الصحية والمعيشية المتردية التي يعيشها اليمن واليمنيون نتيجة العدوان والحصار منذ خمس سنوات مضت.. اليمنيون لم يعد بمقدورهم تحمل تبعات هذا العدوان وهذه الحرب إن استمرت وطالت، كونها أثرت على حياتهم في كافة مناحي الحياة وتسببت بتدمير كلي للبلاد واستشهاد عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين عموما، كما تسببت في تهجير ونزوح الملايين من المدنيين عن منازلهم ومدنهم، إضافة إلى حدوث أكبر كارثة إنسانية لم يشهد لها العالم مثيلاً ، وإن وصل فيروس كورونا إلى اليمن فسيتحمل قادة العدوان المسئولية الكاملة كونهم السبب الرئيسي في الوضع الكارثي الذي اوصل اليمن إلى ماهي عليه اليوم اقتصادياً وصحياً وسياسياً ومعيشياً ولن يكونوا في منأى عن تحمل المسئولية في هذا الاتجاه..
وضع كارثي أدى إلى تحذير المنظمات الدولية من تسيّده على الواقع وزيادة أوجاع اليمنيين في حال استمر العدوان والحصار واجتاح كورونا اليمن..، وعلى الأطراف اليمنية أن تضع في اعتبارها كل الأسباب والمسببات التي قادت إلى هذه الأوضاع الكارثية التي سادت اليمن وتعمل على إنهائها.
وهنا نقولها بكل الصدق والمسئولية نحن الآن أمام تحدً كبير وعلى كل الأطراف وفي مقدمتهم قادة العدوان ان تستشعر مسئولياتها وتنظر إلى هذا الفيروس الكارثي بعين المسئولية من جانب ، وإلى الواقع الوطني المزري بعد خمس سنوات من الدمار والخراب والقتل بمصداقية وتلتزم بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة بما يعود بالنفع على الوطن وأبنائه..
فهل تسهم وتقود دعوة غوتيريش هذه المرة إلى وقف العدوان وكل اشكال القتال القائمة والتفرغ لمواجهة "كورونا" أم يكون هذا الفيروس سبباً جديداً يؤدي إلى تصعيد أكبر وبما يضر باليمنيين أكثر وأكثر..؟!
|