عبدالعزيز البكير - نريد إيقاف الحرب بصورة نهائية، لا نريد تهدئة تجمع فيها القوى إمكاناتها لتعود من جديد، نريد حواراً وحلاً سلمياً يحضره الشعب لا حوارات فاشلة كسابقاتها.
الحرب سهلة على المتفرجين لكنها في واقعها آفةٌ تدمر الحياة وتضيق أحوال الناس وأخلاقهم ومعاشهم ومعيشتهم وتخلف الأرامل والأيتام والفقر وضيق الصدر والجوع والعوز والحاجة والبغض والكراهية وتمزق وتفقد الثقة وذهب بالحلم والرجاحة والصواب والحكمة من أطراف الحرب الذين يعملون كخصوم لا حل عندهم لتحقيق مطلب كل طرف إلا الحرب والحسم بالقوة وقد يفرض عليك الحرب فرضاً مجبر لا يبطل في سبيل الدفاع عن حق أو أرض أو عرض أو دين أو كرامة، وذلك حق مشروع جاء به الشرع الشريف والدين الحنيف للدفاع عن النفس وحق الحياة والعيش والكرامة.. والحرب لها تبعاتها وتكاليفها فهي تخلق اوضاعاً استثنائية طارئة تنتقص من حرية الإنسان وأمنه المعيشي والاقتصادي والصحي والتعليمي والغذائي والأمن الشخصي والأمن الاجتماعي.
فالحرب قتال ومواجهة وخصومة يعني عيش حالة استثائية يدفع ثمنها المخلص لها والمعارض والساكت عن نصرتها والمناصر لها -الكل يدفع ثمنها- تبدأ بالحماس والفضاضة والشطحات والقوة وتنتهي بالكلام العاقل وبالتروي وقوة تعقل وبالعقل والمنطق والصدق والحكمة والتفاهمات والحوارات التي تصنع السلام..
إن الفرق في العيش والحياة في الأوضاع الاستثنائية في حالة الحرب وبالعيش والحياة في الأوضاع الطبيعية كالمرض والعافية فحالة الحرب كالمريض يطبب ويعالج ويمنع عنه بعض الاطعمة ويسمح له ببعض منها وتحدد جرعة العلاج وعوامل الرعاية الطبية يعني حالة مرضية استثنائية تعطل فيها القوانين.
وإن قيل هنا وهناك على انه يجب تطبيق القوانين واللوائح والعمل بها فإن واقع الحرب ووقائع الأوضاع العسكرية وعوامل النصر من الخسارة هي التي تفرض رسم السياسة العامة لمختلف الأوضاع والجوانب والقضايا السياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية والتعليمية، ومختلف مطالب الحياة اليومية التي تتعامل مع واقع الحرب ومتغيرات الحياة، وهي من تفرض وتحدد المسار العام للدولة والحكومة، ولا تستطيع الدولة والحومة اخضاعها لسياستها الطبيعية التي هي كما قلنا كالإنسان الذي يعيش في كامل الصحة والعافية لأنه مريض والمرض هو الحرب والحالة الإستثنائية التي لا تستطيع الدولة السير والإدارة وفق خططها الاستراتيجية السياسية والعسكرية، بل إن الحرب بنتائجها هي من تفرض سياساتها على الدولة والحكومة والشعب ، فالحرب كالمرض يصيب مختلف الجسد بالسهر والحمى، وكما يُقال: "مرض يوم يأخذ عافية سنة"
فحرب العدوان وحصاره وقطع المرتبات الذي يدخل عامه السادس -أخذ عافية واستقرار خمسين سنة- ونعود إلى قضية بناء الحرب هي التي ترسم استراتيجيتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، ومثالاً على ذلك "حرب العدوان على بلادنا بقيادة النظامين السعودي والإمارتي" ، كان المرسوم والمتوقع لدى دول العدوان بما لديهم من قوات وعتاد ضخم ومتطور وحديث وإمكانات مالية وبشرية ودعم سياسي وإعلامي إقليمي ودولي تجتمع فيها الدول الصناعية والعسكرية العظمى والدول المالية والنفطية الأكثر ثراء وترفاً في المحيط الإقليمي والدولي، كانت تتوقع مع اليمن وإمكاناته العسكرية والاقتصادية وخيانة أيديه وقيادة يمنية بأن مهمة دول العدوان للحسم العسكري في اليمن أسابيع لا أشهر!!، وتنتهي مهمتها بالقبض على القيادات السياسية والعسكرية ومحاكمتهم وإعدامهم على غِرار ماتم في العراق على يد قوات الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، ويأتون بناظرة تحكم اليمن من الرياض ، لكن فشلت كل تلك الخطط السياسية والعسكرية بكل إمكاناتها بفضل الله ثم بفضل صمود شعبنا في خلق متغير ومعادلة سياسية وعسكرية لصالح شعبنا اليمني، والذي جعل بلادنا وهي تدخل العام السادس من العدوان والحصار تطرح شروط المنتصر على العدوان لإيقاف العملية العسكرية والحرب، ومنها أن تكون عملية الاتفاقية على إيقاف العمليات العسكرية بصورة نهائية والتحول إلى الحوار السياسي اليمني اليمني بحضور إقليمي ودولي تحضره مصر والجزائر وتونس والصين وروسيا ، تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة، ولا يكون الاتفاق وفق مرجعيات سياسية كالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار، لأن تلك المرجعيات قد اختِلت بعدم حيادية أصحاب المبادرة الخليجية الذي ثبت عدوانهم وعدم حياديتهم للحل السلمي من خلال قيادتهم للعدوان العسكري، وفرض حرب شاملة وظهور أطماعها في احتلال أجزاء من الأرضي والجزر اليمنية ودعم وتمويل الصراعات وعوامل الاقتتال بين اليمنيين، والسعي لإفشال كل عوامل التوافق والحل اليمني اليمني،،
هذه خاطرة حول تصريح عضو المجلس السياسي الأعلى رئيس اللجنة الثورية السيد/ محمد علي الحوثي خلال الأيام الماضية، نُرحب بتلك المبادرة الهادفة الحريصة على السلام الحقيقي من خلال الشروط التي تقصد إيقاف الحرب بصورة نهائية والعودة إلى حوار يمني يمني بإشراف الأمم المتحدة وشهادة تلك الدول الإقليمية والدولية وحسب المراجع والثوابت الوطنية وليس إيقاف الحرب وتأجيلها مؤقتًا إلى الوقت الذي تجمع فيه دول العدوان شتاتها وتعيد حربها العبثية من جديد..
إننا مع الحل السلمي والسلام والتعايش بين جميع اليمنيين جميعاً من خلال الحوار والتفاهم وحل القضايا الخلافية التي لن يحلها إلا اليمنيون أنفسهم، واليمن تتسع للجميع والحوارات السابقة وآليتها -غير الصادقة- قد أعلنت فشلها وإن إعادة تكرارها وبنفس الطرق والآليات يعني إطالة أمد الحرب وزيادة معاناة الشعب، فأي حل لا بد أن يكون بإشراف دولي وإقليمي تحت إشراف الأمم المتحدة كما طرحه عضو المجلس السياسي الأعلى رئيس اللجنة الثورية العليا كما أشرنا..
فما نقوله من آراء حرة وصادقة نحن الصامدين على أرض الوطن من يعانون من آلام وتبعات العدوان والحرب والحصار من ندعو للسلام ونرغب في الحل السلمي الحقيقي لنخرج كل الشعب من جحيم العدوان والحرب والحصار، فالوقت ملائم والفرصة سانحة إلى أن يمد اليمنيون أيديهم إلى بعضهم البعض لصنع السلام الحقيقي، الشجاع، الصادق، الوفي، الأمين البعيد عن المزايدة السياسية، والإعلامية، والحرية والديمقراطية والوطنية الزائفة التي هي كلمات للإستهلاك ملَّها الشعب من فرط تكرارها وترديدها من الوحدة إلى الحرب والعدوان، حوارات فاشلة ولقاءات خائبة، كل عملية حوارية تنتهي بحرب وكارثة لغياب التوجه الحقيقي للبحث عن الحلول وتبييت سوء النية السياسية، فلا نريد إعادة تجارب ما فشلنا به، بل نريد حلولاً عملية وصادقة، فكفى شعبنا مآسي، وقتلاً، وتجويعاً، وتشريداً..
ألم يحن الوقت ونحن في عامنا السادس من الحرب والعدوان أن تجتمع أيادي سبأ وتسلم بالحل وإيقاف الحرب وإلى الأبد إن شاء الله؟
|