د. عبدالعزيز الشعيبي - كان مقدم الوحدة اليمنية كنور بدد ظلمة الماضي الكئيب المتمثل في التشطير والتجزئة والصراعات المسلحة وغير المسلحة وفتح الطريق واسعا للتقدم والازدهار وكانت الديمقراطية احد مرتكزاتها ووسائلها للتغيير واستيعاب الجميع دون استثناء نحو البناء المتصاعد والخير والمشاركة الفعالة في بناء المستقبل ، فما كان حلماً قد اصبح حقيقة مع استمرار الكثير من الصعوبات التي اعترضت طريق الوحدة وأجلتها لفترة غير قصيرة من الزمن الا ان ذلك لم يثنِ اليمنيين عن عزمهم المتواصل وجعلها قضية مصيرية لابد من الوصول الى تحقيقها بكل الوسائل والطرق.. ذلك العزم الاكيد كان دائما الوقود المحرك لهذه القضية الكبرى ولم يعرف الشعب الوهن او الفتور بل قدم الكثير من التضحيات دون تردد في سبيل انتصار قضيته الراسخة في ضميره ووجدانه ولا غرابة في ذلك فقد عشق اليمنيون الوحدة منذ القدم وعشقوا التوحيد بالله الحق ليس لأن الحكام ارادوا ذلك كما يزعم البعض بل لانهم عرفوا الحق كمجتمع او كشعب متمثلة في قضية الوحدانية وتفردها لله الخالق وحده وذلك يدلل على الفطنة والحكمة وخلف هذا التفكير بالتسليم لوحدانيته سبحانه وتعالى تلتقي فكرة الوحدة كضرورة حياتية تقود الى الخير والسلام والامن والاستقرار، ذلك ما آمن به اليمنيون على الدوام وتحقق على يديهم انتصارات عظيمة للدولة الاسلامية في انحائها المختلفة وعم الاستقرار والرخاء في ظل التوحيد والايمان ذلك ما يوجب القول بأن هذا الترابط بين التوحد والتوحيد لدى اليمنيين واذا ما سلمنا بان اليمنيين هم اصل العرب ومادام قلب هذا الاصل في اليمن نابضا بعشق الوحدة فلا بد ان تصل مشاعر الوحدة وغاياتها السامية الى كل أجزائه وكل خلية من خلاياه.
ولقد عانى اليمن العديد من الصعوبات التي تواجه الوحدة اليمنية في مختلف العصور على المستويين الداخلي والخارجي ..
تمثلت هذه الصعوبات بمعارضة العديد من القوى السياسية في الداخل والتي كانت ترى ان مَقْدم الوحدة اليمنية يمكن ان يترتب عليه ضياع كثير من المصالح الخاصة بهذه الاطراف ولذلك وقفت بحزم امام قضية الوحدة اليمنية من ان لاتتم او تخرج الى النور كما ان التباين بين النظامين السياسيين السابقين على عملية الوحدة قد أثر الى حد كبير جدا في ايجاد رواسب كثيرة للدخول في عملية التوحد بل عمل على زيادة التباعد بين اليمنيين وكان كل نظام سياسي يضع مختلف الحواجز والسدود المنيعة لعدم إيجاد أي تقارب ولو كان محدوداً بين أبناء الوطن الواحد، ولعب التخلف والجهل دورا كبيرا ايضا في الابقاء على مسألة التشطير وعدم الاقتراب من التوحد بين ما كان يُعرف بالجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية..
أما العوامل الخارجية فكانت اشد وانكأ في لعب دور محوري في عدم التقارب بين الشطرين وذلك في ظل الحرب الباردة التي كانت دائرة بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الاشتراكي ووقفت حصنا منيعا امام اتمام عملية التوحد وساعد على ذلك ايضا وجود بعض الدول في الاطار الاقليمي عززت من هذا الدور الدولي يعدم التقارب بين شطري اليمن وكان ذلك امرا محظورا لا يجب الاقتراب منه الا بموافقة الدول الكبرى ناهيك عن ان هذه التجربة اليمنية لو نجحت فانها ستخلق وعيا جديدا في الذهنية العربية وهذا ما لا يرجوه بعض من قيادة النظم السياسية العربية..
وعلى الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تواجه الوحدة الا ان مقوماتها مازالت كثيرة وتلعب الدور الاساسي في بقائها واستمرارها واستمرارها وثباتها ..
ويفرض اليوم العدوان نفسه على حقيقة مؤكدة هي عدم ضرورة التعويل على الدور الخارجي في دعم اليمن في استقراره وتوجهاته المختلفة لان تحييد هذه العوامل واهمالها هو احد الموجبات الرئيسية والاساسية في حسابات الوحدة واستقرارها..
ودون الخوض في كثير من التفصيلات فيما يتعلق بالعوامل المختلفة لمواجهة التحديات التي تعترض الوحدة اليمنية سوف أتطرق للجانب الاقتصادي فقط لاهميته.
يلعب الاقتصاد دورا محوريا في اي تنمية محدودة او متوسطة او طويلة الاجل وتدرك الاطراف الخارجية مدى اهميه توافر العوامل الاقتصادية في الجمهورية اليمنية ولذلك تصب كل قوتها للابقاء على الاوضاع الاقتصادية المتردية كما هي عليه بل بل انها تعمل على زيادة مساحتها حتى لا تستطيع ان تقود الى اي نوع من انواع التنمية وتبقى اليمن اسيرة التخلف لتظل هذه الدول الاقليمية هي المتحكمة بالشأن اليمني نتيجة لعقدة النقص الموجودة لديها واعتقد اننا اليوم بحاجة للمشروع الاقتصادي الوطني الذي يخلص تبعية اليمن من من ويلات الاستحواذ الاقليمي والتدخلات الخارجية وهي فرصة عظيمة للاستفادة من كل المقومات الطبيعية والموارد المتاحة في البلاد لخدمة اغراض التنمية والتخلص من تلك التبعية القاتلة وما اكثر هذه المقومات الطبيعية الموجودة في الجمهورية اليمنية سواء على مستوى الثروات الطبيعية او على مستوى الانسان.. واستطيع ان اقول هنا ان إعمال هذه الوسائل المتاحة من الموارد الطبيعية الوطنية سيمكن اليمن باذن الله تعالى من استرداد مكانته التاريخية والحقيقية بين الأمم والشعوب التي حاول البعض عبثا من الذين لايملكون تاريخا ان يسرقوها.. وليس السارق كصاحب البيت.
|