حاوره/ عبدالرحمن الشيباني - قال الأستاذ هاشم سعد السقطري إن اليمن يمر بمرحلة خطيرة تستوجب على كل الشرفاء الاصطفاف حول المشروع الوطني الجامع الذي يجب أن يصطف حوله اليمنيون ألا وهو الوطن.
مؤكداً أن المخططات التي يقوم بها العدوان وادواته لن يُكتب لها النجاح، مؤكداً أن الوحدة باقية في يصطف كل اليمنيين ولا يمكن بأي حال من الأحوال التفريط بهذا المنجز الوطني الكبير الذي طالما راود احلام اليمنيين وأصبح حقيقة ماثلة للعيان.. كل ذلك وأكثر بين دفتي هذه السطور..
< ظلت السعودية تعمل على عدم توحيد اليمن منذ وقت مبكر ووقفت أمام تحقيق حلم الوحدة الذي راود اليمنيين طويلاً ووقفت بكل امكاناتها ضد ذلك فهي لا تريد يمناً قوىاً موحداً ، لكن استطاع اليمنيون إعادة تحقيق الوحدة في الـ 22 من مايو1990م.. وبعد 3 عقود من إعادة تحقيقها .. هل ترون أنها مازالت في خطر على ضوء المتغيرات والاحداث التي نشهدها اليوم؟
- المعروف عن السعودية انها لاتريد لليمن الاستقرار وظلت تعمل على ذلك قبل الوحدة المباركة وبعدها.. لقد توحدت القلوب جنبها وعادت اللحمة اليمنية ، ولكن السعودية بقيت من وراء الستار تحاول زعزعة استقرار اليمن وزرع الفتن بين الأخوة بعد ان خابت مراميها، جاءت أزمة 2011م وظهر الدور القبيح في هذه الأزمة ولعبت دوراً في شحن الاطراف لعدم الوصول إلى اتفاقية واضحة تنهي حالة الاضطراب وما نجم عن ذلك من تداعيات خطيرة على بلادنا مازلنا نجترها حتى يومنا هذا..
< الموقع الاستراتيجي لجزيرة سقطرى من الناحية الجيوسياسية جعلها محل اطماع قوى كبرى في المنطقة .. ما السبل الكفيلة من وجهة نظركم لاستثمار هذا الموقع الحيوي لصالح اليمن؟
-دعونا تكن صريحين في هذا الشأن.. كانت سقطرى قبل إعادة تحقيق الوحدة جزيرة مهملة وكأنها سجن كبير ومغبة عن اليمن والعالم وعندما جاءت الوحدة ظهرت الأهمية الاستراتيجية للجزيرة .. هذا لا يعني ان الجزيرة كانت بعيدة عن الاطماع الخارجية والتي كانت تتحين الفرصة لتحقيق أهدافها .. وبعد الوحدة شهدت الجزيرة تغيرات كبيرة من حيث المشاريع التي جرى انشاؤها من رصف الطرق وبناء الوحدات الصحية والمدارس وابتعاث الطلاب السقطريين للدراسة في الخارج.. بدأت تتغير ملامح هذه الارض المهجورة ودبت فيها الحياة بعدها زادت الأهمية الاستراتيجية وتقدمت قوى كبرى لإقامة قواعد عسكرية فيها خصوصاً أمريكا التي تقدمت بطلب للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح من أجل إقامه هذه القاعدة وعلى حد علمي رفض علي عبدالله صالح حينها ذلك الطلب نظراً لما يمثل ذلك من انتهاك للسيادة الوطنية إضافة إلى ان ذلك سيترتب عليه اشياء كثيرة خصوصاً وان هناك قوى عدة كانت تريد اقامة قواعد عسكرية لها وهذا سيعرض الجزيرة واليمن بل والمنطقة لمخاطر كبيرة، لذلك يدور هذا الصراع اليوم وهو امتداد المخططات سابقة لكن هذه المرة بأدوات ممثلة بالسعودية والإمارات اللتين أصبحتا مطية بيد هذه القوى لخدمة مصالحها بالرغم من أنهما ليس لهما أي ثقل سياسي وبشري وعسكري للعب هذا الدور فهما يلعبان على التناقضات والاختلافات والانقسام البيني بين اليمنيين لكي تسهل مهمتهما ، الجميع يعرف ان سقطرى ادرجت ضمن التراث العالمي في العام 2008م لانها تزخر بتنوع بيئي طبيعي نادر لا يوجد مثله في أي مكان في العالم فهناك نباتات لا تنمو إلا في هذه الجزيرة فقط، انها منحة ربانية لايوجد لها نظير في العالم لذلك قامت الدولتان الطارئان على الخريطة والجغرافيا باستهداف الجزيرة خاصة واليمن عامة بهدف تغيير هذا التنوع حيث عملت الإمارات على تجريف بحري واسع في الجزيرة مستهدفة الاحياء البحرية فيها من شعب مرجانية واسماك وكذلك قيامها بشراء اراضي المواطنين السقطريين تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وبأسعار خيالية بهدف احداث تغيير ديمغرافي فيها.. بالطبع هذا العمل غير قانوني لأنها دولة محتلة وفق القانون الدولي، إذاً هذا البيع والشراء غير قانوني مطلقاً.. هناك تباين واضح بين هاتين الدولتين ويظهر هذا التباين والاختلاف كثيراً على السطح بتحريك هؤلاء لادواتهما لخوض صراع.. وما نشهده اليوم في سقطرى من احداث وفي عدن والجنوب عموماً هو نتاج هذا التباين والحسابات السياسية.
< ألا ترى أن هذا صراع ليس بمعزل عن صراع عالمي على الممرات المائية والمنافذ خصوصاً وأن الصين لديها مشروع كبير »طريق الحرير« الذي تعتزم تنفيذه؟
- صحيح.. وهذا ما كنت سوف اتطرق إليه والجميع يعرف أن هذا المشروع الاقتصادي العملاق الذي تعتزم الصين اقامته وان نجح لأن أمريكا منزعجة بشدة من ذلك وتريد اعاقته وان تم تنفيذـه فإن موانئ الامارات »ميناء دبي، جبل علي« ستموت على اعتبار أن ميناء عدن افضلها برصيفه القاري وموقعه المتميز اذا ما جرى تطويره سيكون الأفضل حيث يعتبر من أفضل موانئ العالم على الاطلاق وكذلك الممرات والمنافذ المائية الأخرى كمضيق باب المندب والجزر.. هذا الطريق سيمر عبر هذه المرافئ والممرات المائية وسيكون مردوده كبيراً جداً لتقوية الاقتصاد واستعادة دوره التاريخي على طريق التجارة العالمية لذلك تعمل هذه القوى الطامعة على عدم تمكين اليمن من استغلال هذه المواقع الحساسة وبسط سيطرة اليمن على سيادة بلدهم وتسخيرها لمصالحهم، وفي خضم هذا الصراع المحموم بين هذه القوى وأدواتها في الداخل يبدو أن الاتراك دخلوا في هذا السباق المحموم وهناك تحركات بهذا الشأن يقوم بها الاصلاح »الاخوان المسلمون« فهناك اطراف سياسية محسوبة على هذا الحزب بدأت تمهد لذلك من خلال التصريحات لهؤلاء بدعوة تركيا للتدخل في اليمن تحت غطاء الدعم الانساني تماماً كما تفعل السعودية والامارات.
< تشهد محافظات الجنوب المحتل من قبل السعودية والامارات مواجهات شاملة بين أدواتها.. الى أين سيصل هذا الصراع وكيف تفسر تصريحات السعودية بأن ما يجري في الجنوب هو شأن داخلي؟
- أنا لا أحبذ هذا المصطلح الذي استخدمته.. وبرأيي أفضّل مصطلح المحافظات اليمنية، لا يوجد شيء اسمه المحافظات الجنوبية بل اليمنية الهوية الجامعة لنا كيمنيين وتلك تسميات شطرية على غرار الجنوب العربي في حقبة الاستعمار البريطاني الذي للأسف هناك من يريد تكرار ما حصل سابقاً اليوم بوعي وبدون وعي، اليمن الطبيعي التاريخي كيان سياسي واجتماعي وحضاري بالرغم من التشظي السياسي كان هذا الكيان موحداً حضارياً طبيعياً يحمل هذا المسمى الشامل لهذه الرقعة الجغرافية الكبيرة التي تُسمى اليمن، والذي لم يختلف عليه أحد لذلك أي تسميات أخرى في هذا الشأن تشتيت للوعي التاريخي الأزلي والدخول في متاهة نحن في غنى عنها، هذا الصراع الذي تقول عنه ليس وليد اللحظة بل هو امتداد لسياسات قديمة بدأتها بريطانيا في السابق وها هي اليوم تعود من جديد بمخالب وأدوات محلية جديدة أيضاً مازال الحلم البريطاني بالعودة قائماً وهي من أكثر الأمبراطوريات في العالم دهاءً وخسة، ولعل سياستها في الدول التي احتلتها خير دليل واليمن واحدة منها، بريطانيا لها دراية كبيرة بطبيعة المجتمع اليمني وتداخلاته لذلك فهي تستغل هذا التداخل والخصوصيات والتباين في حبك المؤامرات وتكريس الشقاق في المجتمع وتعميق التجزئة على قاعدة »فرّق تسد« المعروفة للجميع، بريطانيا أوكلت هذه المهمة لـ»الامارات، السعودية« للعب هذا الدور الوظيفي ولا يمكن أن يمر هذا المخطط إلا بمزيد من الاحتراب الداخلي، وما نراه اليوم في المحافظات اليمنية الواقعة تحت نير هذا الاحتلال خير دليل على أن هذا الصراع سيستمر طالما وأن هناك حاجة له، وهذا يأتي على حساب المواطنين وحاجاتهم الخدمية المعيشية.. انظر الى المجلس الانتقالي الذي هو مكون سياسي مصطنع يرفع شعارات يُراد بها دغدغة المشعر مثل القضية الجنوبية وغيرها والأيام اثبتت أيضاً أن المجلس الانتقالي بعيد عن الناس وتطلعاتهم وما ممارساته المناطقية والجهوية والبطش بالمعارضين له إلا خير دليل وهو مثله مثل ما تُسمى بالشرعية ولا يقل فساداً وبؤساً عنها.. المواجهات الدائرة بين »الشرعية - الانتقالي« ووصف السعودية ذلك بالشأن الداخلي هو عهر سياسي واضح وصلت اليه السعودية .. ولن يكون هناك أمل يلوح في الأفق بالنسبة لأبناء عدن والمحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرة هؤلاء.
< استاذ هاشم ما طرحته سابقاً يقودنا الى سؤال ما الذي حققه المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ خصوصاً وأن هناك انتقادات واسعة لأداء الحكومة؟
- لا يمكن مقارنة ما يحدث في صنعاء وبقية المحافظات التي تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ ببقية المحافظات اليمنية التي تخضع لسيطرة الانتقالي أو ما يُسمى بالشرعية، التي هي اخوانية بامتياز، صحيح أن هناك قصوراً في هذا الجانب وأنت تعرف الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا من حصار وعدوان بالطبع هذا يؤثر بشكل كبير والحكومة تعمل على تلافي هذا القصور ومعالجة التجاوزات، ولنكن منصفين أيضاً كل المحافظات والمناطق التي تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ تشهد استقراراً واضحاً خدمياً وأمنياً وهناك مؤسسات الدولة تعمل بشكل جيد الى حدٍ ما يشعر المواطن أن هناك سلطة وحكومة ومجلساً يمارس مهامه على نطاق واسع وفي ظل ظروف صعبة جداً وهذا بحد ذاته يُعد انجازاً يحسب لحكومة الانقاذ الفارق كبير بين وجود معنى للدولة حاضرة، وبين ميليشيات تتصارع وتتقاتل فيما بينها من أجل أن يرضى عنها الممول والراعي لها.
< ما الذي يجب فعله من قبل ابناء المحافظات الجنوبية تجاه هذا الاحتلال الذي يقعون تحت طائلته؟
- أرى هنا وجوب أن يأتي دور حكومة صنعاء في هذا الجانب وليس أي جهة أخرى ، يجب أن يكون هناك دعم لمحافظي المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال المتواجدين بصنعاء لكي يؤدوا دورهم بشكل جيد مما يجعلنا نسأل حكومة الانقاذ الوطني ما الذي قدمته لأبناء تلك المحافظات، هناك نخب سياسية واكاديميون وعسكريون ومثقفون يجب عليها تتواصل معهم ليقوموا بالدور المطلوب منهم.. هناك تحرك بالطبع ونحن على تواصل ولدينا قنوات لذلك وبشكل دوري وحتى المحافظين المعينين من قبل ما يسمى بالشرعية ونحن ننظر هنا الى البعد والهم الوطني ومن أجل مصلحة البلد العليا، كذلك نتواصل مع مشائخ ووجهاء.. الوضع مهيأ في تلك المحافظات للمزيد من التواصل معهم لأنهم وصلوا الى قناعة تامة بعدم جدوى الاحتلال وهم الآن يطالبونهم بالرحيل ولعل ما جرى في عدن من أصوات صادحة تندد بممارسات الاحتلال وادواته خير دليل على ذلك.
< هناك من يرى أن من أهم أهداف العدوان اغراق اليمن في الفوضى ليتسنى لهم بعد ذلك التفرد بكل مقدراته وتسخيرها لمصالحهم ومصالح دول اقليمية ودول كبرى.. ما تعليقكم؟
- لا تريد دول العدوان أي استقرار في المنطقة والعالم وبالذات في اليمن هناك مخططات غربية تقوم على ايجاد جغرافية مضطربة تقوم دول نفطية بتغذية هذه الصراعات والاضطرابات، هناك ليبيا وسوريا ولعراق وأخيراً اليمن التي تحاول هذه القوى تعميق هذه الانقسامات وابقاءها، سمعنا من بعض وسائل الاعلام مؤخراً عن محاورات تركية لجر تونس للمسمتنقع الليبي هذه ليست سياسات عفوية وإنما مرتب لها، لعل ذلك اليمن عبر تاريخهم الطويل في وئام مع كل جيرانهم، وكذلك الشعوب الأخرى التي وصل اليها اليمنيون وليس لديهم أي اطماع وتوسعات على حساب الآخرين كما نراه اليوم للأسف من قبل البعض.. هذه الأموال التي تذكي الحروب والتناحر بين الشعوب العربية للأسف ممولة من المال العربي الذي يُهدر في هذه الصراعات العبثية بدلاً من توجيهها الى التنمية والبحث العلمي ومساعدة الدول الفقيرة وتحسين ظروف ومعيشة ابنائها لكن ما يحز في النفس أن هذا لم يحدث.
< تحالف العدوان يقول إنه جاء من أجل اعادة ما تسمى الشرعية وتحت غطائها شن هذه الحرب على اليمن وجراء ذلك شهدت اليمن أكبر كارثة انسانية .. أليس المفترض بما تُسمى الشرعية أن تنخرط في حوار مباشر مع انصار الله وحلفائهم من أجل انهاء العدوان خصوصاً وأن هناك دعاوى للسلام أطلقت من صنعاء؟
- ليس هناك شرعية والانتخابات التي تمت بانتخاب هادي اشبه بمسرحية مرشح واحد فقط لاعطائه شرعية انتهت هذه الشرعية بالتجديد له كل ذلك كان خطأ.. هذه الشرعية جلبت الدمار لليمن وادخلته في حروب أتت على مقومات بلد كامل لكن مع كل ذلك كانت هناك مبادرات سلام وحوار تأتي من صنعاء تقابَل بتلكؤ وعدم الجدية، ليس هناك شعور بالمسئولية، هؤلاء قرارهم ليس بيدهم كيف يمكن أن تحكم وانت تقبع في فندق ومع كل ذلك باب الحوار مازال مفتوحاً على أي حال.
< باعتباركم من أبناء محافظة سقطرى ماذا قدمتم لهذه المحافظة؟
- نحن نعمل هنا في صنعاء من أجل سقطرى وأبنائها ونتواصل بشكل منتظم مع المشائخ والشخصيات الاجتماعية وكذلك مع المكاتب التنفيذية من أجل تذليل كل الصعوبات وحققنا اشياء جيدة، والحمد لله أبناء سقطرى وحدويون حتى النخاع وخرجوا رافعين علم الجمهورية اليمنية ضد ممارسات الاحتلال هناك.. لم نكن نريد أن نرى سقطرى بهذا الوضع وهذا يؤلمنا كثيراً لكن إرادة أبناء سقطرى وشجاعتهم تنتصر في النهاية فهم يقفون مع الوطن الواحد يجمعهم مشروع كبير اسمه الوطن »اليمن« فسقطرى عصية على كل الطامعين وادواتهم الرخيصة.. وارجو وأناشد رئيس الوزراء عبر صحيفة »الميثاق« أن يكون هناك جلسة شهرية لمجلس الوزراء لمناقشة أوضاع هذه المحافظة وبقية المحافظات الأخرى فحكومة الانقاذ الوطني معنية بكل ابناء الوطن من صعدة حتى المهرة.
< كلمة أخيرة تودون قولها؟
- عبركم أحيي الجيش اليمني ولجانه الشعبية المرابطين في جبهات العزة والشرف المدافعين عن حياض الوطن وكذلك أحيي اعضاء المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ الوطني وكافة أبناء الشعب اليمني قاطبة خصوصاً ونحن في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل، ولصحيفة »الميثاق« الذي أنا سعيداً جداً أن أحل ضيفاً عليها وشكراً لكم.
|