عبدالرحمن الرياني * - خلال العقود الزمنية الماضية اعتاد المواطن العربي أن يستمع إلى خبر دأبت القناة الرسمية السعودية على بثه هذا الخبر يتكرر بصورة دائمة كل عام وفي توقيت معيّن من العام
يتضمن الخبر قيام الحكومة السعودية بتقديم منحة معونة سنوية إلى اليمن الشقيق تُقدر بستمائة مليون ريال لدعم التنمية في اليمن ، اليمنيون وتحديداً المغتربين منهم الذين كانوا يحظون بامتيازات خاصة في الإقامة كانوا يستقبلون الخبر بالترحاب ،هذا كان يحدث في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي ،يوم كان سكان اليمن الشمالي في الحد الأعلى لا يزيد عن عشرة ملايين نسمة مع وجود قرابة مليون ونصف المليون منهم يعملون في السعودية ، في ذلك الحين تراوحت عائدات البنوك اليمنية من المغتربين ما بين 3- 4 مليارات دولار سنويًا وبلغت مكاسب البنوك الحكومية السعودية التي تستقطع نسبة كبيرة من عائدات المغتربين المرسلة لذويهم في اليمن وهذه النسبة هي 20٪ تتراوح ما بين 600 إلى 800 مليون دولار كانت المملكة تقوم بدفع جزءً منها كمساعدات سنوية أو منحة للشعب اليمني ، الزعيم اليمني الوحيد الذي عرف أهمية الدور المهم للمغترب اليمني هو الرئيس الشاب ابراهيم الحمدي فما أن اعلنت السعودية قرارها منتصف السبعينيات من القرن الماضي حتى اقلع بلا تنسيق وبلا بروتكول الى جدة ليلتقي الملك خالد ويؤكد له رفضه للقرار السعودي وضرورة الغائه فوراً مالم فإنه سيقوم بإعادة المغتربين اليمنيين إلى وطنهم خلال فترة زمنية لا تتجاوز الشهر ،طريقة تعاطي الرئيس الشاب مع القرار السعودي أربكت المسؤولين في المملكة لقد كان الحمدي يعي جيداً أن المغتربين اليمنيين مصدر دخل مهم وحيوي للاقتصاد السعودي ، وانه يمكن استيعابهم في بلدهم لتحقيق التنمية والنهوض بوطنهم ، حاليًا ومنذ شهر مارس 2015م تشن السعودية حرباً على اليمن وخلال الخمس سنوات تجاوزت الطلعات الحربية والغارات الجوية لسلاح الجو السعودي الثلاثمائة الف غارة.. في الأيام الأولى للحرب خرج العديد من اليمنيين يحملون صورة الملك السعودي مذيلة بعبارة شكراً سلمان نكاية في الميليشيات الحوثية الزاحفة نحو الجنوب والتي اسقطت المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى ، لا يمكن لأي دولة أن تدخل في حرب طويلة مالم يكن لديها أدواتها الخاصة بتمويل تلك الحرب وهنا سأتطرق إلى مسألة غائبة عن كثير من اليمنيين البسطاء منهم والساسة المغفلين السذج ، السعودية ومنذ خمسة عشر عامًا سبقت الحرب وتحديداً منذ مجيئ الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى اليمن ومشاهدة العرض العسكري الضخم في الذكرى الأربعين لثورة 26 سبتمبر اليمنية قامت بتأسيس صندوق سري ضمن المصروفات الخاصة الهدف منه في البداية هو تحريك بعض القوى المناوئة للحكم في اليمن ،بهدف إضعاف الجيش اليمني ، حتى لا تتكرر معها نفس المشكلة التي حدثت مع الجيش العراقي زمن صدام حسين وتتم عملية استنزاف الموارد والعائدات المالية الضخمة الناجمة عن عائدات النفط كما حدث في حرب الخليج الثانية وحرب احتلال العراق فقرر السعوديون اعتباراً من العام 2000 وبتوجيهات من الملك عبدالله بن عبدالعزيز تأسيس صندوق للحرب على اليمن حيث ان الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو صاحب فكرة الحرب على اليمن وليس الملك سلمان بن عبدالعزيز ، الغريب هو ليست طريقة تشكيل الصندوق السري بل مصادر التمويل والضخ لذلك الصندوق الذي سيصبح بعد عشر سنوات لديه القدرة على تمويل وتحمل أعباء الحرب الطويلة على اليمن دون المساس بالميزانية السعودية ، أما المصادر فهي تعتمد بنسبة 90٪ على اليمنيين أنفسهم وتحديداً اليمنيين المقيمين في السعودية الذين يزيد عددهم على الميلونين نسمة وهنا حتى لا نذهب بعيداً ونتهم بالمبالغات علينا ان نحذف مليوناً ونبقي فقط على المليون الآخر سنتعامل مع العدد على كونه مليوناً فقط ،اليكم آلية التمويل وأدواتها:
عدد اليمنيين الذين يقومون بتجديد اقاماتهم السنوية مليون شخص الرقم التقريبي لكل اقامة هي سبعة آلاف ريال المبلغ السنوي الذي يتم ادخاله الى صندوق الحرب هو سبعة مليارات ريال سعودي سنويًا.
رسوم كفالة من ثمانية آلاف على كل يمني مغترب تحصل الدولة السعودية على ستة آلاف ريال ، المبلغ السنوي لذلك هو ستة مليارات ريال سنويًا تذهب للصندوق .
تجديد اقامة مبلغ خمسة آلاف ريال سنويًا الاجمالي خمسة مليارات ريال سعودي .
رسوم نقل كفالة لنسبة 30٪ لنقل 300 الف المبلغ هو عشرة آلاف ريال كمتوسط ،المبلغ ثلاثة مليارات ريال سعودي
تجديد رخص القيادة لعدد 280000 الف يمني يمتلكون مركبات سبعة آلاف ريال للفرد الواحد الاجمالي مليار وتسعمائة وستة وتسعون مليون ريال سعودي .
هذه فقط في عشر سنوات يمكن الخروج بالمبلغ الآتي في العام الواحد وهي ارقام تقديرية في حدها الادنى عشرين مليار ريال سعودي وبعد اضافة مبالغ خاصة بأداء الحج والعمرة يصل المبلغ إلى خمسة وعشرين مليار ريال سعودي سنويًا تذهب للصندوق الاجمالي في عشر سنوات هو مبلغ 250 مليار ريال سعودي مضافًا اليها نصف المبلغ في سنوات الحرب الخمس الأخيرة 125 ملياراً تكون إجمالي عائدات الصندوق 375 مليار سعودي مضافًا اليها اربعمائة مليار تمت مصادرتها من 200 من كبار الاثرياء اليمنيين رجال الأعمال اليمنيين يكون بمعدل 95٪ من ثرواتهم تكون عائدات الصندوق المخصص لتمويل الحرب على اليمن 775 مليار ريال سعودي قامت السعودية بصرف مانسبته خلال الخمس سنوات 500 مليار ريال من الصندوق عندما علم الرئيس الامريكي دونالد ترامب بأنه حتى مشتريات السلاح من الولايات المتحدة ومصاريف الاربعة آلاف خبير عسكري يتم تمويلها من الصندوق السري استشاط غضباً وهو ماجعله يطلب من محمد بن سلمان مبلغ اربعمائة وخمسين مليار دولار لقد قال لهم بالحرف الواحد نحن نحميكم وعليكم ان تدفعوا والا لن تستطيعوا البقاء في الحُكم لأكثر من أسبوعين ، التقرير الذي وصل إلى الرئيس ترامب من وكالات الاستخبارات تم بحضور السفير الأمريكي في السعودية ورئيس وكالة المخابرات الامريكية ونائبه ومجموعة من الخبراء المعنيين بالشأن السعودي ،.الغرض من انشاء الصندوق هو الحيلولة دون استثمار المخزون النفطي الهائل بالإضافة إلى إضعاف الجيش اليمني .
بالطبع هذه الارقام مرعبة ومفزعة وسواءً كان هناك صندوق أولم يكن فإن الأرقام المذكورة تقديرية والأرقام الدقيقة يمكن أن تكون أكبر من ذلك بكثير ، فهناك ضرائب واستقطاعات تم فرضها على اليمنيين في السنوات الأخيرة لم يتم التطرق لها ،من ذلك ما يلي رسوم المرافقين والتي تقدر بنصف مليار ريال سنوياً ، رسوم على رجال الاعمال واصحاب حرف والتي تصل شهرياً إلى 1050000000أي مليار وخمسون الفاً يقوم اليمنيون بدفعها لعدد تقديري ثلاثمائة وخمسون ألف مواطن سعودي حسب قوانين السعودية التي تلزم كل يمني يمتلك منشأة يعمل بها ثمانية أفراد على دفع مرتبين والذي يمتلك منشأة تضم 16 عاملاً فهو ملزم حسب القانون على دفع اربعة مرتبات بواقع ثلاثة آلاف ريال سعودي.. التقارير تتحدث عن أن الذين ينطبق عليهم القانون ويقومون بدفع المرتبات هم 350 الف يمني وبمعادلة بسيطة يمكن اخذ الحد الأدنى لعدد المواطنين السعوديين الذين يتم دفع اجور السعودية لهم من قبل اليمنيين بواقع 75٪ يدفعون لعاملين فقط والـ25٪ يدفعون لأربعة سعوديين اي ان الاجمالي الذي يتم تحصيله من اليمنيين في الحالتين شهريًا 80 الف يمني اذا افترضنا هم الخمسة والعشرين في المائة تقوم بدفع رواتب لثلاثمائة وعشرون الف مواطن سعودي شهرياً بواقع ثلاثة آلاف ريال الاجمالي الشهري لهذه الفئة يساوي تسعة مليارات وستمائة مليون ريال سعودي .
الفئة التي تقوم بدفع مرتبين العدد 270000*2= 540000 مواطن سعودي مستفيد، أجمالي المبالغ شهريا اذا قمنا بضربها في ستة آلاف ريال سعودي يكون ما يدفعه اليمنيون مباشرة لهذه الفئة هو 324000000 ثلاثة مليارات ومائتين واربعون مليون ريال سعودي..
اجمالي المدفوع للفئتين شهريا مبلغ أثني عشر ملياراً وثمانمائة واربعون مليون ريال سعودي.. الاجمالي في العام الواحد مبلغ مائة واربعة وخمسين مليار ريال سعودي في العام الواحد اذا افترضنا ان الرقم مبالغ فيه وان العدد فقط نصف ذلك فهذا يعني خمسة وسبعين مليار ريال
وتعتبر النخب السياسية اليمنية التي ربطت مصيرها بالسعودية هي اليد التي استطاعت المملكة ضرب اليمن من خلالها وإغراقه في بحر من الدم ، المحصلة هي أن السعودية تقتل اليمنيين بأموالهم بكدهم وبعرقهم .
الإمارات المتحدة كل ماقامت به هو تخصيص جزء من الاحتياطي المالي من شركة موانئ دبي اعتباراً من العام 2005 وهو العام الذي وضعت فيه يدها على ميناء عدن اما الدولة الاماراتية فلم تتكفل بشيء، من هذا القبيل موانئ دبي هي الجهة الممولة للحرب في اليمن من الجانب الإماراتي
هنا يتساءل المرء إلى أي مدى كانت النخب اليمنية مغيبة عن الحقائق، البلد التي كانت عنواناً لحضارة المنطقة وامجاده ارض الحكمة اليمانية ، البلد التي مدنها وحواضرها قلاع العلم والادب كيف تسنى لها أن تُخدع وتنخدع من قبل من هم خارج التاريخ ، البلد التي عرفت المشاريع النهضوية الحديثة كيف تم وضعها في هذا المأزق التاريخي فقط من حقنا أن نسأل والإجابة متروكة للنخب اليمنية
* كاتب صحفي رئيس المركز الدولي للإعلام والعلاقات العامة IMC
Arryyany2020@gmail.com
|