الميثاق نت -

الأحد, 23-أغسطس-2020
فريق‮/ ‬دكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮ ❊‬ -
ونحن نحتفل بالذكرى 38 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام وإقرار دليله النظري (الميثـاق الوطني) يحق لنا أن نفاخر بهذا التنظيم الرائد الذي شهد اليمن في ظل مسيرته النضالية الضافرة جملةً من التحولات والانجازات الكبرى على مختلف الصُعُد (التنموية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية والديمقراطية) وغيرها من الانجازات التاريخية العملاقة وفي مقدمتها إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة التي لم تكن لتتحقق لولا المؤتمر الشعبي العام الذي اتخذ من الحوار والمشاركة الشعبية سُلًماَ لتحقيق تطلعات الشعب في التقدم والازدهار والرفاه‮ ‬والحرية‮ ‬والعيش‮ ‬الكريمِ‮..‬
لقد كان للمؤتمر الشعبي العام الدور القيادي والريادي في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م والتي ترسخ مع بزوغ فجرها نهج الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية بالاضافة إلى اتساع عمل مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي تشكل ارضية خصبة ولبنات أساسية في‮ ‬بناء‮ ‬الدولة‮ ‬اليمنية‮ ‬الحديثة‮.‬
لاشك أننا عندما نعود بالداكرة إلى البدايات الاولى لنشأة المؤتمر الشعبي العام سنجد حجم تلك التحديات والمخاطر الحقيقية الكبيرة التي رافقت تلك المرحلة المفصلية من تاريخ بلادنا الحبيب وهي دون شك تحديات داخلية وخارجية إلا ان المؤتمر الشعبي العام بقياداته الحكيمة عمل بكل السُبل على تحقيق اعلى قدر من الامن والاستقرار وتهدئة الأوضاع وإيجاد المناخات المناسبة لتحقيق الوفاق والوئام الوطني بين كل فرقاء العمل السياسي من خلال جملة من الخطوات والتدابير التي اتخذها المؤتمر الشعبي العام معتمدا على منهجية الحوار والقبول بالرأي والرأي الآخر لتحقيق التصالح المنشود بين كل القوى والمكونات السياسية في الساحة الوطنية ، فقد اتخذ منذ البداية من الحوار اسلوبا وخيارا لارجعة عنه في التعامل مع الآخرين لمعالجة مختلف القضايا الوطنية التي كان في مقدمتها تلك الأوضاع التي تمثلت بأعمال العنف والفوضى‮ ‬والصراعات‮ ‬السياسية‮ ‬وحالة‮ ‬عدم‮ ‬الاستقرار‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬سائدة‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬خلال‮ ‬الفترة‮ ‬التي‮ ‬أعقبت‮ ‬قيام‮ ‬ثورة‮ ‬السادس‮ ‬والعشرين‮ ‬من‮ ‬سبتمبر‮ ‬عام‮ ‬1962م‮ ‬وحتى‮ ‬عام‮ ‬1978م‮.‬
ولتعزيز‮ ‬تلك‮ ‬الخطوات‮ ‬والرؤى‮ ‬تم‮ ‬تشكيل‮ ‬لجنة‮ ‬الحوار‮ ‬الوطني‮ ‬التي‮ ‬ضمت‮ ‬نخبة‮ ‬المجتمع‮ ‬اليمني‮ ‬الذين‮ ‬مثلوا‮ ‬مختلف‮ ‬القوى‮ ‬والتيارات‮ ‬والفعاليات‮ ‬والسياسية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬في‮ ‬الساحة‮ ‬اليمنية،‮ ‬وتوصلت‮ ‬اللجنة‮ ‬
إلى‮ ‬صياغة‮ ‬الميثاق‮ ‬الوطني‮ ‬كوثيقة‮ ‬وطنية‮ ‬وافق‮ ‬عليها‮ ‬جميع‮ ‬الفعاليات‮ ‬والاحزاب‮ ‬والمكونات‮ ‬المشاركة‮ ‬في‮ ‬الحوار‮. ‬ثم‮ ‬إنزالها‮ ‬للاستفتاء‮ ‬الشعبي‮ ‬عليها‮ ‬لمنحها‮ ‬صيغة‮ ‬الاجماع‮ ‬الوطني‮ ‬والشعبي‮.‬
‮ ‬ومن‮ ‬خلال‮ ‬هذه‮ ‬الوثيقة‮ ‬المستفتى‮ ‬عليها‮ (‬الميثاق‮ ‬الوطني‮) ‬حصل‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬على‮ ‬مشروعيتة‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬الشعب‮ ‬وهو‮ ‬مالك‮ ‬السلطة‮.‬
ومن هنا تبلورت نظرية المؤتمر الشعبي العام المستقبلية في إدارة الدولة التي تعتمد على مبدأ الشراكة في الحكم مع جميع القوى والمكونات دون استثناء وبما يصب في مصلحة الوطن العليا بكل امانة ومصداقية وفاعلية،
وبذلك‮ ‬تمكن‮ ‬المؤتمر‮ ‬من‮ ‬تجاوز‮ ‬كل‮ ‬العراقيل‮ ‬والمثبطات‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬موجودة‮ ‬والمحتمل‮ ‬حدوثها‮ ‬،‮ ‬فكان‮ ‬حليفه‮ ‬النجاح‮ ‬والنجاح‮ ‬فقط‮..‬
ومن هذا المنطلق استطيع القول إن المؤتمر الشعبي العام هو التنظيم الوحيد الذي وُلد من رحم الشعب اليمني ناهيكم عن أن أعضاؤه بكل توجهاتهم ومشاربهم في مرحلته الاولى قد تم انتخابهم من قبل الشعب واستمر هذا النهج حتى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، وهو الإنجاز الأكبر الذي تحقق للشعب اليمني في التاريخ الحديث والمعاصر. وهو الانجاز الأكثر اهمية ليس لليمن فحسب بل للأمة العربية التي إعتبرت وحدة اليمن النور الذي سطع في الليل العربي الطويل وبارقه امل احيت في النفوس.. مشروع تحقيق الوحدة العربية الشاملة في زمن التشظي‮ ‬والانقسام‮ ‬ولهذا‮ ‬السبب‮ ‬فقد‮ ‬انزعج‮ ‬الكثيرون‮ ‬من‮ ‬أصحاب‮ ‬المشاريع‮ ‬الصغيرة‮ ‬والطامعين‮ ‬في‮ ‬اليمن،‮ ‬وبدأوا‮ ‬يعملون‮ ‬ضد‮ ‬اليمن‮ ‬الواحد‮ ‬بكل‮ ‬السبل‮ ‬سرا‮ ‬وعلانية‮..‬
ولاتفوتني الاشارة إلى أن منهجية الوسطية والاعتدال والحوار الذي ارسى مداميكه المؤتمر الشعبي العام وسار عليه في تقريب وجهات النظر او حل مسألة التباينات والخلافات والصراعات التي كانت تطل برأسها هنا او هناك (قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية). فقد كان الحوار بوابة ومدخلا للقضاء على كل تلك المنغصات بمافيها تلك المواجهات المسلحة التي كانت تحدث في المناطق الوسطى بين ابني سبأ (شمسان وعيبان) والتي تحولت بفضل حكمة قيادة الموتمر ونهج الحوار من عوامل للتوتر إلى جسر عبور وطريق معبدة لتحقيق الوحدة اليمنية التي ناضل من اجل تحقيقها‮ ‬الآباء‮ ‬والاجداد‮ ‬رغم‮ ‬كل‮ ‬المؤامرات‮ ‬والدسائس‮..‬
فهاهي مسيرة المؤتمر رغم مرور 38 عاماً على تأسيسه مازالت ترفل بكل عوامل الخير والنماء والعطاء لكل ابناء الوطن وهذه حقيقة لاينكرها الا مكابر، وهذا الامر لم يأتِ من فراغ وانما تأسياً بتلك القيم الخلاقة التي تضمنها الميثاق الوطني والتزم بها المؤتمر قولا وعملا ضمن‮ ‬الثوابت‮ ‬الوطنية‮ ‬التي‮ ‬لايمكن‮ ‬النكوص‮ ‬عنها‮ ‬او‮ ‬التنصل‮ ‬عنها،
إن‮ ‬مسيرة‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬حافلة‮ ‬بالعطاء‮ ‬المتواصل‮ ‬منذ‮ ‬النشأة‮ ‬وحتى‮ ‬اليوم‮ ‬فقد‮ ‬سار‮ ‬وفقا‮ ‬لخطط‮ ‬وبرامج‮ ‬تنموية‮ ‬وإصلاحات‮ ‬مدروسة‮ ‬شملت‮ ‬كل‮ ‬مناحي‮ ‬الحياة‮ ‬بمافيها‮ ‬الاصلاحات‮ ‬السياسية‮ ‬والاقتصادية‮.‬
إنها‮ ‬مناسبة‮ ‬نستحضر‮ ‬فيها‮ ‬مجمل‮ ‬الدروس‮ ‬والعبر‮ ‬التي‮ ‬حفلت‮ ‬بها‮ ‬مسيرة‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬على‮ ‬مدى‮ ‬اربعة‮ ‬عقود‮ ‬خاض‮ ‬خلالها‮ ‬عمليات‮ ‬واستحقاقات‮ ‬انتخابية‮ ‬نيابية،‮ ‬ورئاسية،‮ ‬ومحلية‮.‬
واستطاع بفضل قيادته الحكيمة وتفاني كوادره وأعضائه وقيادته ومناصريه من تصدر العمل السياسي ونيل ثقة الجماهير باعتباره التنظيم الوفي المحقق لآمالها وتطلعاتها في مسيرةٍ تجددت معها جهود البناء والتحديث والنهوض الشامل.
ووسط هذا الزخم المفعم بالعمل والعطاء والتطورات التي شهدتها مسيرة مؤتمرنا ظل الهم الرئيسي والأساسي لقيادته العمل على الارتقاء بمستوى المواطن، وتحقيق حياة كريمة، فكانت برامجه باستمرار ملبيةً لتطلعات الجماهير ،لصيقة بمعاناتها الحياتية اليومية ما جعله على الدوام‮ ‬الأكثر‮ ‬قربا‮ ‬والتحاماً‮ ‬بالشعب‮ ‬والمعبر‮ ‬عن‮ ‬تطلعاته‮ ‬وآماله‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬مناحي‮ ‬الحياة‮ ‬التنموية‮ ‬والسياسية‮ ‬والاقتصادية‮ ‬الشاملة‮..‬
إن الاحتفاء بمسيرة اربعة عقود من حضور المؤتمر الشعبي العام في المشهد اليمني وإقرار الميثاق الوطني هو احتفاء بالمنجزات العظيمة والتحولات الكبرى (الديمقراطية، التنمية، الوحدة اليمنية) والسعي الحثيث من أجل دعم أسس بناء الدولة اليمنية الحديثة ومواجهة الصعاب والمؤمرات التي يتعرض لها اليمن بوعي وبصيرة كما هو حاصل اليوم في موقف المؤتمر الذي اصطف الى جانب الشعب اليمني العريق وكذلك الاصطفاف الذي تجذر بشكل اكبر مع الاخوة في انصار الله كخيار وطني فاعل اثبت قدرته ونجاحه في تجاوز الكثير من المعضلات والتحديات وفي مقدمتها‮ ‬مواجهة‮ ‬تحالف‮ ‬العدوان‮ ‬الغاشم‮ ‬الذي‮ ‬تتزعمه‮ (‬الشيطان‮ ‬الاكبر‮ ‬امريكا‮) ‬ومن‮ ‬معها‮ ‬من‮ ‬أعراب‮ ‬البادية‮ ‬والخليج‮ ‬وشذاذ‮ ‬الآفاق‮..‬
إن المؤتمر الشعبي العام. رغم انشغالاته بالقضايا الوطنية الكبرى طوال كل هذه السنين إلا انه لم يتأخر عن مناصرة القضايا العربية العادلة وفي مقدمتها قضية الشعب العربي الفلسطيني التي اخذت حيزا كبيرا في اجندته السياسية في كل المحافل الداخلية والعربية والاقليمية والدولية‮ ‬،‮ ‬إلى‮ ‬جانب‮ ‬الإسهام‮ ‬الفاعل‮ ‬في‮ ‬معالجة‮ ‬قضايا‮ ‬الأمة‮ ‬العربية‮ ‬بما‮ ‬يحفظ‮ ‬حقوقها‮ ‬المشروعة‮ ‬والعادلة‮.‬
كما ان المؤتمر الشعبي العام رغم التجاذبات الاقليمية والدولية بمافيها تلك التجاذبات وحالة الاستقطاب التي كانت على اشدها بين المعسكرين - الشرقي والغربي_ أثناء وبعد الحرب الباردة إلا انه ظل ينتهج سياسية الحياد الايجابي، فقد تمكن من ترسيخ علاقات متينة ومتكافئة‮ ‬مع‮ ‬الجميع‮ ‬رغم‮ ‬كل‮ ‬المحاذير‮ ‬والتحديات‮.. ‬
إن المؤتمر الشعبي العام في هذه الذكرى يستلهم تجاربه الغنية والمفعمة بقيم الحوار والدعوة للسلام والمحبة والتسامح والمشاركة الفاعلة في البناء القائم على حشد كل طاقات المجتمع بفئاته وشرائحه المختلفة وقواه الحية والفاعلة في مسيرة البناء والتطور لبلادنا وشعبنا.‮.‬
إن المؤتمر الشعبي العام في ذكرى تأسيسه في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها اليمن يجدد دعوته للاصطفاف والتلاحم الوطني، والمصالحة الوطنية وتجاوز كل أشكال الخلافات وذلك تجسيداً لأهداف الثورة اليمنية الخالدة ومضامين الميثاق الوطني (الدليل الفكري والنظري للمؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮).‬
ولاشك أن هذا يقودنا إلى التذكير بموقف المؤتمر الشعبي العام المؤيد لحق شعبنا اليمني في الدفاع عن نفسه وكرامته وعزته ووحدته وسيادته واستقلاله بكل الوسائل المتاحة والمكفولة له طبقا للقانون والدستور، ويؤكد في الوقت ذاته استعداده للحوار والتفاوض لإيقاف العدوان ، وهنا نقول إن على لجنة المصالحة الوطنية أن تهيئ الارضية المناسبة وتكثيف نشاطها والسعي للتواصل مع مختلف القيادات السياسية والعسكرية والمدنية والشخصيات الاجتماعية الراغبة في العودة إلى حضن الوطن سواء تلك التي اتخذت موقف الحياد او التي اقتنعت اليوم بفداحة دعمها‮ ‬لتحالف‮ ‬العدوان‮ ‬وبما‮ ‬يسهم‮ ‬في‮ ‬خلق‮ ‬فرصة‮ ‬لعودة‮ ‬اليمنيين‮ ‬جميعا‮ ‬إلى‮ ‬وطنهم‮ ‬والاصطفاف‮ ‬في‮ ‬مواجهة‮ ‬الاخطار‮ ‬والعدوان‮ ‬والغزو‮ ‬والاحتلال‮.‬
إن المؤتمر الشعبي العام يؤكد انه سيظل تنظيما وسطيا يدعو للسلام ويحرص على مد يديه للجميع من اجل الوصول إلى سلام عادلٍ وشاملٍ وكامل يقوم على إيقاف العدوان ورفع الحصار واحترام السيادة اليمنية وإخراج القوات الغازية من اليمن، ورفع اسم اليمن من تحت الفصل السابع وإلغاء‮ ‬العقوبات‮ ‬المفروضة‮ ‬على‮ ‬المواطنين‮ ‬اليمنيين‮ ‬بما‮ ‬يحافظ‮ ‬على‮ ‬وحدة‮ ‬وسيادة‮ ‬واستقلال‮ ‬اليمن،‮ ‬تمهيداً‮ ‬للعودة‮ ‬إلى‮ ‬العمليةِ‮ ‬السياسية‮ ‬وفقاً‮ ‬للدستور‮ ‬والقانون‮.‬
كما يوجه المؤتمر دعوة صادقة لكافة فرقاء العمل السياسي بالعودة الى الحوار وإدراك ان حل مشاكل اليمنيبن لن يكون الا بتقديم التنازلات والقبول ببعضهم البعض وتحقيق المصالحة الوطنية التي لا تستثني احدا بعيدا عن أي تدخلات خارجية، لان الاستقواء بالخارج من قبل أيٍّ كان‮ ‬يعد‮ ‬عمالة‮ ‬وخيانة‮ ‬وطنية‮ ‬يحرمها‮ ‬ويجرمها‮ ‬الدستور‮ ‬والقوانين‮ ‬النافذة‮..‬
قال‮ ‬تعالى‮: »‬واعتصموا‮ ‬بحبل‮ ‬الله‮ ‬جميعاً‮ ‬ولاتفرَّقوا‮ ‬واذكروا‮ ‬نعمة‮ ‬الله‮ ‬عليكم‮ ‬إذ‮ ‬كُنتم‮ ‬أعداءَ‮ ‬فألف‮ ‬بين‮ ‬قلوبكم‮ ‬فأصبحتم‮ ‬بنعمته‮ ‬إخواناً‮«. ‬صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم

‮❊ ‬نائب‮ ‬رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59035.htm