د. محمد يحيى شنيف - من أولئك الرجال الذين عملوا لوطنهم بإخلاص وصدق كان الاستاذ / عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء الأسبق امين عام المؤتمر الشعبي العام .. قادراً على إدارة حكومته بحكمة ، ولم شتات الاحزاب والتنظيمات السياسية بحنكته وأحيانا لسخريته اللاذعة لمن يحاول الخروج عن الاجماع الوطني .. لايجامل ولا ينافق ولا يغدر .. يتمسك بقراراته ويدافع عنها ، يختار الأشخاص بعناية ويكره الاحقاد .. وطني وحدوي لايتهاون او يخاف .. والمؤسف ان من كانوا يتحدثون عن الفساد هم (من المسئولين الكبار في النظام) فاسدين ومفسدين كبار ، لاداعي لإيراد الأسماء وهم في الغالب معروفون .. اتعبوا الجميع وأولهم الرئيس علي عبدالله صالح ، وارهقونا نحن الذين عايشناهم .. كان باجمال يسخر كثيراً وأمامهم واجه اكثر من شخص فاسد ماليا او اخلاقيا ..
كان يجمعني به مقيله بمنزله في حي صوفان كل خميس او جمعة أسبوعيا ، العدد محدود جدا وأحيانا من كل حدب وصوب ، باب منزله ومكتبه مليئ بالبشر لايرد أحداً ..
في ايام كنّا نتذكر أوائل السبعينيات ونحن ندرس بالقاهرة ، (باجمال وصل للدراسة بمصر وهو اكبر سنا) ومن تلك الذكريات ، حينما اجتمعنا كطلاب من كل الاطياف السياسية واقتحم البعض سفارتنا بمصر وهو معنا كطالب والسفير آنذاك كان الاخ والصديق الاستاذ / يحيى المتوكل .. وبعدها قابلت العزيز الشهيد ابراهيم الحمدي بمقر إقامته بشيراتون القاهرة وتلك قصة اخرى ..
وانا بمنزل الفقيد عبدالقادر باجمال او مكتبه احمل ملفات لزملاء واصدقاء وغيرهم ، يقول ما هو المطلوب ، اشرح له فلان بحاجة لمنحة علاجية او دراسية او درجة وظيفية أو عمل ، أو مساعدة مالية الخ . اشهد الله انه كان يوجه لكل شخص أيا كان للجهات المختصة في الدولة للحصول على طلبه ويصدر اوامره بكل وضوح دون معرفة صاحب الملف او الاطلاع على ملفه او الاستفسار عن المنطقة التي ينتمي اليها ..
باجمال كان واثقاً من نفسه، وممن يتعامل معهم ..
في أواخر جلساتي معه ، وانا في مقيله ، شاهدته مرهقاً ، كان معنا الأصدقاء حافظ معياد ومحبوب علي ، ان لم تخني الذاكرة، وإذا بالعزيز باجمال يمد لي بقاته ، ويمتد بكل جسمه ، وانا بجانبه قمت أجس على راْسه وجدته قطعة ثلج ، كان عنيدا كعادته حتى في مرضه ولم يستجب لنا في نقله للمستشفى العسكري استدعيت ضابط حرسه وفي العناية المركزة تم إسعافه وأول من زاره الاخ / احمد علي عبدالله صالح ووزير الصحة طبيب القلب محمد النعمي الذي قال لنا لو تأخر باجمال دقيقتين كان انتهى ..
رجل الدولة عانى بعدها من جلطتين ، وعانى من متاعب العلاج ..
أطلت ، لكني حزين جرتني الذكريات .. آخرها زيارتنا له انا والدكتور / احمد مكي في احدى المناسبات عند عودته لصنعاء وقلبه متعب وعقله مشغول ولسانه أثقلته الهموم ، وكم كان حزني حيث لم نجد أياً من المنافقين والمنتفعين والمرتزقين على بابه .
مع الشهداء والخالدين أيها الصديق والإنسان والمثقف الشامل الاستاذ / عبدالقادر باجمال فقيد الجمهورية اليمنية ..
|