الميثاق نت -

الإثنين, 21-سبتمبر-2020
يحيى‮ ‬بن‮ ‬حسين‮ ‬العرشي -
ثورة 26 سبتمبر عام 1962م، كانت ضرورة حتمية وحاجة ملحة، لشعب أنهكه التخلف وأضعفه التمزق والشتات ...ذاق الأمرَّين من ويلات الحروب، وتعدد الولاءات لإمام في صنعاء وإمام في سنع.. وإمام في شهارة وآخر في صعدة ،وإمام في آنس ومدعٍٍّ في كوكبان ،وآخر في حجة ..قاوم الأتراك بما بقي في عروقه من الدماء ..جثم على جنوبه الاستعمار البريطاني ، الذي ظهرت في عهده الاستعماري سلطنات وسلاطينها ومشائخها في حضرموت الوادي وحضرموت الساحل.. في المهرة ودثينة والعوالق ، في يافع والضالع.. في لحج وشبوة.. ورغم الماضي البغيض - شمالاً وجنوباً - لملم الشعب شتاته وناضل واستبسل بتضحياته ،وقامت الطلائع الوطنية الواعية بدورها ، بخلق التنوير لكل شرائح المجتمع بما يجب ان تضطلع به من أجل الخلاص من الاستبداد والاستعمار ، والخلاص من أسباب الانحطاط من الظلم والفاقة والمرض...وانطلقت قواه الوطنية بثورة 1948م الدستورية ،لعل وعسى أن الدستور سيكون الرائد حتى ولو كان النظام ملكياً، فقُتلت الثورة في مهدها ،وانقض الجهل والتخلف على العاصمة صنعاء، هديةً من الإمام القادم تدشيناً لعهده الدموي، وتدحرجت الرؤوس، وعُلقت الأجساد لأفضل رجالات اليمن علماء ومثقفين وعسكريين ومشائخ..بل ومن إخوة الإمام.. ورغم ذلك لم تمت جذور الثورة.. لتظهر نبتتها خضراء في تعز عام 1955م، بطلائع وطنية مدنية وعسكرية بل ومن إخوة الإمام.. جميعهم دخلوا مشرحة الإمام في ميدان تعز وحجة وصنعاء، والبقية في غياهب سجونه.. ولتظهر مجددا بطولات وطنية عام 1961م حيث يستجم الإمام في المياه الطبيعية الساخنة والشواطئ الدافئة في الحديدة والسخنة.. فاستُشهد الأبطال.. وبقي الإمام ليموت ببطء شديد حتى وافته المنية.. ووقع ولي العهد -الإمام الجديد- في أيدي حاشية أبيه..لم يوفق في إعلان بارقة أمل في أسبوعه الأول والأخير لإنقاذ البلاد والعباد.. فكان لطلائع شباب الضباط الأحرار- وقادتهم العسكريين، وللجناح المدني والقبلي الثائر برجالاته الشرفاء، وطلائع الشباب المتنور- القيام بتفجير ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، في ذلك الفجر الذي تنفس صبحه بالانتصار ..أشعته على ردفان لينطلق‮ ‬منه‮ ‬الرابع‮ ‬عشر‮ ‬من‮ ‬اكتوبر‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬1963م‮.‬
لم تكن الثورة محاطة بالمخاطر من داخل الوطن فحسب- من جهلته ومرتزقته -بل من خارجه احيث تنمرت دول بأموالها على مدى سبع سنوات ، وهي بمرتزقتها الأجانب في أعالي الجبال من حول العاصمة صنعاء.. ولأنها ثورة أبطال ،وانطلاقة أحرار، وجمهورية شعب، انتصرت وتغلبت كذلك على مخاطر محطات سياسية ، منها ما هو من داخل الوطن ومنها ما هو بتدخل خارجي، معولةً على رعاية الرحمن وعدالة السماء.. وأدرك الشعب في شمال الوطن وجنوبه وغربه وشرقه، أن حقيقة الثورة والجمهورية، وجوهر النضال الوطني -بعد نهاية الاستبداد الكهنوتي في صنعاء ،وجلاء الاستعمار البريطاني في عدن - أن يستعيد الوطن وحدته.. صمام امان لحاضره ومستقبله.. وانتصر بفضل إرادة الله وتحقق الحلم في الثاني والعشرين من مايو 1990م، وظهرت خيرات الوطن من باطن الأرض، حاجة طبيعية لكمال الاستقلال، ولسد أبواب الحاجة..
ولكن - وما أدراك ما لكن- تسابق الفساد مع الشيطان في أروقة الوطن، فلعب الشيطان لعبته، وتمكن الفساد من السيطرة، حتى جعل من الطوفان بديلاً له.. فحل بوطننا ما حل به من نكبة شاملة لكل أنحاء الوطن، الذي روته الدماء ، وتراكمت عليه مخلفات الدمار من شتات وتمزق واغتصاب‮ ‬للسيادة‮ ‬والاستقلال‮..‬
هذا‮ ‬هو‮ ‬حالنا‮ ‬اليوم‮ ‬في‮ ‬الذكرى‮ ‬الثامنة‮ ‬والخمسين‮ ‬لثورة‮ ‬السادس‮ ‬والعشرين‮ ‬من‮ ‬سبتمبر‮ ‬1962م،‮ ‬وكأن‮ ‬ذلك‮ ‬اليوم‮ ‬يدعونا‮ ‬للعودة‮ ‬من‮ ‬جديد‮ ‬للثورة‮.. ‬بمكون‮ ‬وطني‮.. ‬ينهل‮ ‬من‮ ‬روح‮ ‬الزبيري‮ ‬والنعمان‮ ‬ومن‮ ‬كل‮ ‬الشهداء‮..‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59242.htm