الأربعاء, 13-فبراير-2008
الميثاق نت -     أحمد غيلان -
غريب أن يغدو الحديث عن الشراكة الوطنية إلى مطالبات باقتسام الثروة والسلطة ، ودعوات إلى مشاريع " محاصصة " في مغانم ومكاسب ومناصب وفقاً لأسس وحيثيات غير دستورية وغير قانونية وغير منطقية .

وأغرب من هذا الحديث أن أصحابه -في خطاباتهم وتقاريرهم وحملاتهم التحريضية وحواراتهم مع المنظمات - ما انفكوا يشتكون من استقواء المؤتمر الشعبي العام بأغلبيته في البرلمان ومجالس السلطة المحلية وغيرها .. والحق أن مثل هذه الشكوى ليست كيدية ولا هي إدعاء بالباطل ، بل إن استقواء المؤتمر بأغلبيته الساحقة في السلطة التشريعية ومجالس السلطة المحلية المنتخبة وبجماهيره الغالية في عموم أنحاء الوطن ، حقيقة نجاهر بها ونفاخر ، لأن هذه الأغلبية والغلبة تعني ثقة الشعب بالمؤتمر والتفافة حول تنظيمه الرائد .

وبالتالي فإن الاستقواء بالأغلبية المؤتمرية في البرلمان أو السلطات المحلية أو غيرها لتنفيذ برامج وسياسات وتوجهات المؤتمر ليس إلاَّ تجسيداً لإرادة جماهير الشعب التي منحتنا ومنحت مرشحينا وبرامجنا هذه الثقة الغالية ، عبر صناديق الاقتراع ، وفقاً للدستور والقوانين النافذة وأعراف وتقاليد وقيم الديمقراطية التي احتكمنا – ولا نزال – نحتكم إليها ، ونطالب الآخرين بأن يكُّفوا عن تجاوزها والقفز عليها والتنكر لها بمثل هذا الخطاب المتناقض الذي يعتبر استقواءنا بالأغلبية تهمة .. ! في الوقت الذي لا يتردد عن تسويق مبررات دعواته ومطالباته بالاقتسام والمحاصصة ، تحت شعار فضفاض عنوانه ( الشراكة الوطنية ) .

وبعيداً عن التشريعات - التي هي العقد الاجتماعي بين الجميع - سمعنا ونسمع شعارات ( الشراكة الوطنية ) التي تعني من وجهة نظر هؤلاء مشاريع "المحاصصة والاقتسام " بمبررات مناطقية ودعاوى شطرية وذرائع جهوية عنصرية ورجعية .. وغيرها من الحيثيات الواهية واللامشروعة والتي توهم أحدهم أنها تكفي سبباً لمطالبته بتشكيل حكومة وطنية .. الأمر الذي لا يعني سوى التسويق والتمهيد لمشروع انقلابي على الدستور والقوانين التي اخترناها واحتكمنا لها " وتنكُّراً لإرادة الشعب ، صاحب القرار وصاحب السلطة وصاحب المصلحة الحقيقية في اختيار النهج الديمقراطي نظاماً وأسلوباً ووسيلة ومنهجية حياة ..

وإذا كنا نتعاطى مع أطروحات الآخرين التي تنتقد أداء برامج المؤتمر بروح متسامحة برغم ما تتضمن تلك الأطروحات من الشطط الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى السب والشتائم والاستهداف الذي يفتقد آداب النقد ولياقة الحوار .. فإننا بذلك نجسد النهج الديمقراطي ومنهجية التسامح التي يحث عليها ميثاقنا الوطني ، ويترجمها قولاً وفعلاً فخامة الرئيس القائد المؤسس علي عبد الله صالح ، وإيماناً منا بالنهج الديمقراطي فإننا ندعو الآخرين -دوماً -إلى الحوار والنقد وتقديم المبادرات والآراء الجادة والناضجة ، التي تسهم في حل مشاكل الوطن وتساعد على تقويم الأداء وتسيير عجلة التنمية والبناء ، وبذلك نجسد على أرض الواقع مفهوم " الشراكة الوطنية" بما هو عليه تكامل رؤى وبرامج وأفكار وآليات ، على أننا نؤكد ونشدد بأن التجسيد الصادق لمعنى ( الشراكة الوطنية في البناء والتنمية وصنع القرار ) مسألة محققة في دستور البلاد وقوانينها النافذة ، التي كفلت للجميع حق المشاركة والعمل وكل حقوق المواطنة ، بما في ذلك حق المشاركة في صنع القرار واختيار من يحكم ومن يخطط ومن يشرع ومن يقود المسيرة .

وبهذا الحسم الدستوري والقانوني -الذي يتمسك به ويجسده المؤتمر وينكره ويتنكر له دعاة الفوضى -تجاوزت مسألة ( الشراكة الوطنية ) كل المفاهيم الضيقة التي تحاول حصر حق المشاركة على مراكز أو تجمعات أو كيانات أو كانتونات جهوية / حزبية / قبلية / إيديولوجية / مناطقية / .. الخ من المسميات التي يحاول البعض من خلالها إدعاء الوصاية وتسويق مفاهيم "التقاسم والمحاصصة "وغيرها من المصطلحات والدعاوى السائرة في طريق يتضاد تماماً مع المشروع الديمقراطي الوطني الوحدوي الذي أقرته تشريعات البلاد وصوتت عليه جماهير الشعب ، وتحققت من خلاله أسمى وأصدق وأرقى مفاهيم وقيم الشراكة الوطنية التي يحاول البعض اليوم انتهاكها أو الإنحراف بها إلى معانٍ ومفاهيم أخرى هي أكثر انتماءاً إلى أزمنة الوصاية والاحتكار والفوضى والشمولية .. وتلك أوهام ونوازع يصعب -بل يستحيل ويحظر -التعاطي معها ، ليس برغبة أو بإرادة حزبية أو سلطوية ، بل بقوة الدستور والقوانين وبإرادة الجماهير اليمنية التي تملك إرادة الفعل والقرار والسلطة .

وعلى أساس مما سبق فإننا ندعو المحتقنين والموتورين والموهومين باستحقاق الوصاية أو التمثيل أو التسلط .. إلى مراجعة قراءاتهم العقيمة للواقع ، والعودة إلى دستور البلاد وتشريعاته النافذة التي يتمادون في تجاوزها وهم يضللون البسطاء ويشيعون الفوضى تحت مجموعة من الشعارات والدعاوى التدميرية الرجعية .

ويعلم المراهنون على الاعتبارات الماضوية المدحورة والمحظورة أن الشعب اليمني العظيم الذي رسخ الديمقراطية وحقق الوحدة وفجر الثورة وحافظ -إلى اليوم -على نظامه الجمهوري ومنجزات ثورته ووحدته ، قد تخلص من الجهل والسطحية والسلبية التي كرستها أنظمة التسلط والشمولية والرجعية .. وبالتالي فإن هذا الشعب -وهو يعلم اليوم حقوقه وواجباته المكفولة في التشريعات النافذة -يدرك مغالطات وزيف المضللين الذين يعتسفون التشريعات ويحاولون تفسيرها على النحو الذي يخدم نوازعهم.. ويتجاهلون بقصد حقوق أبناء الشعب المؤمنين بالثورة والوحدة والديمقراطية والحرية وغيرها من قيم المواطنة .

وإذا كانت الأزمات الذاتية والعقد المتأصلة قد أعمت بصائر المأزومين المهزومين عن رؤية الحق حقاً والباطل باطلاً ، فإن ذلك لا يبرر السكوت على تماديهم في انتهاك حقوق المواطنين وثوابت الوطن وقيم ومعتقدات الشعب ، والتي يكفل الدستور والقانون لكل مواطن يمني حق حمايتها ، بكل الوسائل المشروعة .. باعتبار ذلك حقاً من حقوق المواطن وواجباً من واجباته أيضاً .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:41 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5925.htm