الميثاق نت -

الإثنين, 05-أكتوبر-2020
جمال‮ ‬الورد -
رغم اندلاع ثورة 26 سبتمبر ونجاحها في إنهاء حكم الفرد المستبد، بتضافر أبناء الشعب من مختلف أطيافه والتفافه حول الثورة والثوار، في رغبة جامحة نحو الحياة الأفضل، إلا أنه ما كان لليمن واليمنيين أن يحصدوا مكتسبات الثورة الوليدة لولا مساعدة بعض الدول التي مكنت الجمهورية من الثبات والسير قدما في ركب العصر والحضارة.. ومن حقائق التاريخ اليمني المعاصر التي لا يمكن لأي يمني ان ينساها، ما قدمته الكويت قيادة وحكومة وشعبا لليمن منذ مطلع عقد ستينيات القرن الماضي ولسنوات طويلة من دعم سخي وغير مشروط لمشروعات التنمية والبنى التحتية‮ ‬وفي‮ ‬مقدمها‮ ‬مشروعات‮ ‬التعليم‮ ‬والصحة‮ ‬والتي‮ ‬تعد‮ ‬أهم‮ ‬مقومات‮ ‬بناء‮ ‬الإنسان‮ ‬وإعداده‮ ‬لتحمل‮ ‬مسؤولية‮ ‬بناء‮ ‬وطنه‮.‬
العلاقات اليمنية الكويتية علاقة تاريخية ومتميزة على كل الأصعدة ومختلف المجالات، حيث للكويت بصمات تاريخية في المشاركة والمساهمة في العملية التنموية في اليمن وخير شاهد على ذلك الصرح العلمي المتمثل في جامعة الكويت ومستشفي الكويت هدية الشعب الكويتي للشعب اليمني وذلك في عهد المرحوم الشيخ جابر الاحمد الصباح رحمة الله عليه حيث منح اليمن العديد من المشاريع العملاقة التي بنيت في عهده كمساعدة للشعب اليمني، الكويت التي لطالما عبرت بصدق ووفاء عن عروبتها وسخائها، وأصالة أهلها. ومحبة شعبها، ومآثر ونبل حكامها وحكوماتها.. الكويت التي بنت مئات المدارس والمستشفيات وجلبت لأبناء اليمن وأجياله خيرة الخبرات العلمية والأكاديمية من مختلف الدول للدفع بعجلة التعليم وبناء الاجيال، ثم تكفلت الكويت ببناء جامعة صنعاء في منتصف سبعينيات القرن الماضي كأهم صرح علمي ليس في اليمن وحسب، وانما كأحد منارات التعليم العالي والأكاديمي في الجزيرة العربية، فكان ان تخرج من هذه الجامعة عشرات الآلاف من أبناء اليمن ورجالها، وكثيرة هي المشاريع التي بنيت على نفقة الكويت من أجل اليمن وشعبه، دون منّ ولا أذى..
الكويت الشقيقة التي استضافت جلسات الحوار بين فرقاء الأزمة اليمنية (الوفد الوطني) ووفد الرياض، في رغبة منها لإيجاد الحل ولطالما قدم أميرها المغفور له بإذن الله الشيخ صباح الأحمد الصباح التسهيلات والتقى بالوفدين وحاول جاهداً إقناعهم بالتوصل لحل يقي اليمنيين مآسي‮ ‬الحرب‮ ‬والصراعات‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬منتصر‮ ‬فيها‮ ‬ولا‮ ‬خاسر‮ ‬إلا‮ ‬الوطن‮..‬
تحمل ذاكرة اليمنيين ذكرى عطرة وفضل الجميل لدولة الكويت الشقيقة، إذ يسير المواطن في اليمن على شوارع المدن والقرى فيجد مآثر ومعالم الشقيقة الكويت على نواصيها وضفافها، كما لم تألُ جهداً في مد يد العون والمساعدة لليمن بكل سخاء ودون منِّة منها، استشعاراً منها للأخوة العربية والإسلامية، فكل ما أنجزته الكويت للشعب اليمني بكامله يحمل عبارة صغيرة واحدة تقول :(هدية الكويت للشعب اليمني الشقيق) هذه العبارة تحفر حب دولة الكويت وحكامها في وجدان كل مواطن يماني، وهي دلالة على أن الكويت كانت توجِّه دعمها لكل فرد في اليمن دون‮ ‬انتقاء،‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬إيجاد‮ ‬أعمال‮ ‬تنموية‮ ‬تلامس‮ ‬النهوض‮ ‬باليمن‮.‬

غزو‮ ‬العراق‮ ‬للكويت‮ ‬والتباس‮ ‬فهم‮ ‬موقف‮ ‬اليمن‮ ‬
على الرغم من كارثة الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت وما أسفرت عنه من تداعيات بسبب الاختلاف في وجهات النظر حول الموقف الذي كان يفترض أن تقوم به اليمن التي شاء القدر أن تكون ممثلة للمجموعة العربية في مجلس الأمن،ونظرا لحداثة الدولة اليمنية الوليدة حينها حيث وقعت تلك الواقعة بعد أقل من تسعين يوما على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، واتسم الموقف الرسمي اليمني بالارتباك ولم يستطع مندوب اليمن الدائم في الامم المتحدة حينها السفير عبدالله الاشطل التواصل مع القيادة السياسية في اليمن حيث كان الرئيس صالح في زيارة لمحافظة حجة غرب اليمن ونظرا لعدم قدرة الاشطل على اتخاذ موقف رسمي دون تشاور فضل الغياب عن أول جلسة عقدها مجلس الأمن والتي تم فيها اتخاذ قرار إدانة الغزو وطلب الانسحاب الفوري، وهو ما عده العالم موقفا سلبيا من احتلال الكويت، وعلى الرغم من أن حصيلة الموقف اليمني خلال جلسات مجلس الأمن التي اتخذت فيها 24 قرارا دوليا كانت على النحو التالي، أيدت اليمن 13 قرارا، وامتنعت عن التصويت في 7 قرارات،ورفضت 3قرارات،وغاب ممثلها مرة واحدة،، إلا أن الحصيلة العامة كانت قراراً باتخاذ موقف من اليمن وضمها لدول الضد، وغاب عن الصورة أن أول مظاهرة على مستوى الشارع العربي منددة بالغزو العراقي لدولة الكويت خرجت من مدينة تعز، وشُكلت عدد من الجمعيات الشعبية لمناصرة الشعب الكويتي وموازرته في محنته وترأس الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب حينها اللجنة الشعبية لمناصرة الشعب الكويتي، كما شُكلت‮ ‬لجان‮ ‬مناهضة‮ ‬للغزو‮ ‬في‮ ‬عدد‮ ‬من‮ ‬الجامعات‮ ‬اليمنية‮.‬
لن ينسى اليمن أن دولة الكويت الشقيقة وقفت ومازالت تقف بجانبه في أحلك الظروف والمحن عبر مؤسساتها الحكومية وجمعياتها الخيرية التي ما زالت إلى هذه اللحظة تتنقل بين محافظات اليمن المنكوبة وتقيم مخيمات طبية لمعالجة الجرحى ونقل الحالات الحرجة للعلاج في دول الخارج‮ ‬على‮ ‬نفقة‮ ‬جمعية‮ ‬الهلال‮ ‬الأحمر‮ ‬الكويتي‮ ‬فكيف‮ ‬للتاريخ‮ ‬أن‮ ‬لا‮ ‬يسجل‮ ‬تلك‮ ‬المواقف‮ ‬في‮ ‬أنصع‮ ‬صفحاته‮ ‬لتتذكرها‮ ‬الأجيال‮ ‬القادمة‮ ‬وتردد‮ ‬دوما‮ ‬شكراً‮ ‬دولة‮ ‬الكويت‮.‬
وإننا‮ ‬اليوم‮ ‬وبكل‮ ‬صدق‮ ‬نشارك‮ ‬الكويت‮ ‬وشعبها‮ ‬العظيم‮ ‬مشاعر‮ ‬الحزن‮ ‬والآسى‮ ‬برحيل‮ ‬الشيخ‮ ‬صباح‮ ‬الأحمد‮ ‬الصباح‮ - ‬أمير‮ ‬البلاد،‮ ‬وعنوان‮ ‬حكمتها،‮ ‬رحم‮ ‬الله‮ ‬صباح‮ ‬الإنسانية،‮ ‬صباح‮ ‬الخير،‮ ‬صباح‮ ‬الكويت‮ ‬والعرب‮.‬

المغفور‮ ‬له‮ ‬في‮ ‬سطور
الشيخ‮ ‬صباح‮ ‬الأحمد‮ ‬الجابر‮ ‬الصباح،‮ ‬كان‮ ‬الأمير‮ ‬الخامس‮ ‬عشر‮ ‬لدولة‮ ‬الكويت‮ ‬والخامس‮ ‬بعد‮ ‬استقلال‮ ‬بلاده‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬1961م‮.‬
تلقى‮ ‬تعليمه‮ ‬في‮ ‬المدرسة‮ ‬المباركية‮ ‬واستكمل‮ ‬دراسته‮ ‬على‮ ‬أيدي‮ ‬أساتذة‮ ‬خصوصيين‮.‬
دخل‮ ‬العمل‮ ‬السياسي‮ ‬ومجال‮ ‬الشأن‮ ‬العام‮ ‬عام‮ ‬1954م‮ ‬كعضو‮ ‬في‮ ‬اللجنة‮ ‬التنفيذية‮ ‬العليا‮ ‬وهي‮ ‬بمثابة‮ ‬مجلس‮ ‬الوزراء،‮ ‬ثم‮ ‬عين‮ ‬رئيسا‮ ‬لدائرة‮ ‬الشؤون‮ ‬الاجتماعية‮ ‬والعمل‮ ‬وعضو‮ ‬في‮ ‬مجلس‮ ‬الإنشاء‮ ‬والتعمير‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬1955م‮.‬
كان‮ ‬هذا‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يتولى‮ ‬الشيخ‮ ‬صباح‮ ‬وزارة‮ ‬الخارجية‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬1963‮ ‬حتى‮ ‬1991م‮..‬
أربعة‮ ‬عقود‮ ‬شهد‮ ‬فيها‮ ‬الشيخ‮ ‬صباح‮ ‬أحداثاً‮ ‬تاريخية‮ ‬كبري‮ ‬في‮ ‬بلاده‮ ‬والمنطقة‮ ‬والعالم‮ ‬حتى‮ ‬لُقب‮ ‬بشيخ‮ ‬الدبلوماسيين‮ ‬العرب‮ ‬وعميد‮ ‬الدبلوماسية‮ ‬العربية‮ ‬والكويتية‮ ‬حينها‮.‬
وفي‮ ‬1992،‮ ‬تولى‮ ‬منصب‮ ‬النائب‮ ‬الأول‮ ‬لرئيس‮ ‬مجلس‮ ‬الوزراء‮ ‬إلى‮ ‬جانب‮ ‬وزارة‮ ‬الخارجية‮ ‬وشغل‮ ‬كذلك‮ ‬منصب‮ ‬وزير‮ ‬الإعلام‮ ‬لفترات‮ ‬مختلفة،‮ ‬حتى‮ ‬أصبح‮ ‬رئيس‮ ‬وزراء‮ ‬الكويت‮ ‬في‮ ‬2003،‮ ‬وأمير‮ ‬الكويت‮ ‬في‮ ‬يناير‮ ‬2006م‮.‬
وفي‮ ‬الشهر‮ ‬ذاته‮ ‬بايعه‮ ‬أعضاء‮ ‬مجلس‮ ‬الأمة‮ ‬بالإجماع،‮ ‬وكان‮ ‬بذلك‮ ‬الأمير‮ ‬الثالث‮ ‬الذي‮ ‬يؤدي‮ ‬اليمين‮ ‬الدستورية‮ ‬أمام‮ ‬مجلس‮ ‬الأمة‮ ‬في‮ ‬تاريخ‮ ‬الكويت‮.‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59317.htm