الميثاق نت -

الإثنين, 19-أكتوبر-2020
د‮. ‬عبدالوهاب‮ ‬الروحاني -
الرئيس‮ ‬الحمدي‮ ‬كان‮ ‬رئيسا‮ ‬مثقفا‮ ‬وشعبيته‮ ‬طاغية‮.. ‬وكان‮ ‬لديه‮ ‬مشروع‮ ‬فعلي‮ ‬لبناء‮ ‬دولة‮ ‬يمنية‮ ‬معاصرة‮..‬
المدهش‮ ‬في‮ ‬مشروع‮ ‬الرئيس‮ ‬الحمدي‮ ‬انه‮ ‬استوعب‮ ‬جوهر‮ ‬المشكلة‮ ‬اليمنية‮.. ‬فكان‮ ‬تركيزه‮ ‬على‮ ‬استبدال‮ ‬القبيلة‮ ‬بالمؤسسة‮ ‬والفوضى‮ ‬بالقانون‮.. ‬وكان‮ ‬يرى‮ ‬في‮ ‬
القوى‮ ‬المستنيرة‮ ‬مدخلا‮ ‬لتحقيق‮ ‬مشروعه‮.‬
وتلك‮ ‬كانت‮ ‬خلاصة‮ ‬هذا‮ ‬المشروع‮ ‬السحري،‮ ‬الذي‮ ‬انجذبت‮ ‬اليه‮ ‬كل‮ ‬قطاعات‮ ‬الشعب‮ ‬وفئاته‮ ‬في‮ ‬الداخل‮ ‬والخارح‮ ‬،‮ ‬باستثناء‮ ‬اولئك‮ ‬الذين‮ ‬تعرفونهم‮.. ‬اعني‮ ‬اصحاب‮ ‬الولاءات‮ ‬غير‮ ‬المشروعة‮ ‬وغير‮ ‬الوطنية‮..‬
هذا المشروع الذي كان كفيلا ببناء دولة معاصرة كان مشروع الحمدي ، والفكرة كانت فكرته .. بمعنى أنه لم يكن لأحد يد فيه .. لا ناصريين ولا نصارى، لا مسلمين ولا كفار .. فالحمدي هو من كان يفكر فيه، ويخطط له ، ويعمل لاجله حتى قتلوه غدراً في أكتوبر 1977م (رحمة الله‮ ‬تغشاه‮) ..‬
‮ ‬كان‮ ‬الحمدي‮ ‬منفتحا‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬القوى،‮ ‬قومية،‮ ‬واشتراكية،‮ ‬واسلامية‮.. ‬وكان‮ ‬يسعى‮ ‬لبناء‮ ‬شراكة‮ ‬وطنية‮ ‬جامعة‮ .. ‬
ومشروعه‮ ‬كان‮ ‬يستهدف‮ ‬توحيد‮ ‬المجتمع‮ ‬على‮ ‬أسس‮ ‬مدنية‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬تسلط‮ ‬واستحكام‮ ‬مراكز‮ ‬القوى‮ ‬،‮ ‬وتجاذبات‮ ‬الجيران‮ ‬التي‮ ‬استفحلت‮ ‬عبر‮ ‬شراء‮ ‬الذمم‮ ‬واحتواء‮ ‬الولاءات‮.. ‬
المؤسف ان هناك من يصر على تقزيم الحمدي واختصاره في مجموعة صغيرة تدعي فيه ملكية حصرية ، وطيلة(43) عاما بعد وفاته وهذه المجموعة تخطب باسمه .. تقص لنا الحكايات والروايات، وتنسج الاقاويل عن ناصرية الحمدي وانتمائه او ولائه لفصيل فلان او علان ..!!
وتسويق‮ ‬كلام‮ ‬كهذا‮ ‬،‮ ‬صدقه‮ ‬الناس‮ ‬او‮ ‬لم‮ ‬يصدقوه‮ ‬،‮ ‬يبدو‮ ‬غير‮ ‬ذي‮ ‬معنى،‮ ‬وليس‮ ‬له‮ ‬اهمية‮ ‬،‮ ‬لأن‮ ‬المهم‮ ‬هو‮ ‬تمثُّل‮ ‬فكرة‮ ‬الحمدي‮ ‬والسير‮ ‬في‮ ‬طريقه‮ ..‬
بمعنى‮ ‬آخر‮ ‬،‮ ‬انا‮ ‬لست‮ ‬ضد‮ ‬ان‮ ‬تتسابق‮ ‬الاحزاب‮ ‬والقوى‮ ‬على‮ ‬الانتماء‮ ‬لرئيس‮ ‬جامع‮ ‬بحجم‮ ‬الحمدي‮ .. ‬ولست‮ ‬ضد‮ ‬ان‮ ‬تعلق‮ ‬صوره‮ ‬وترفع‮ ‬شعاراته‮ ..‬لكني‮ ‬ضد‮ ‬الاساءة‮ ‬اليه‮ ..‬
ذلك‮ ‬لأن‮ ‬الحمدي‮ ‬ليس‮ ‬شعاراً‮ ‬نرفعه‮ ‬في‮ ‬فعالية‮ ‬او‮ ‬صورة‮ ‬نعلقها‮ ‬في‮ ‬مقر‮ .. ‬فتلك‮ ‬مسألة‮ ‬لا‮ ‬تثبت‮ ‬حقاً‮ ‬ولا‮ ‬تدحض‮ ‬باطلاً‮.‬
لكن‮ ‬المهم‮ ‬في‮ ‬الامر‮ ‬هو‮ ‬معرفة‮ ‬ماذا‮ ‬يعني‮ ‬الحمدي‮ ‬لهؤلاء‮ ‬كمشروع‮ ‬وليس‮ ‬كصورة‮ ‬او‮ ‬شعار‮ ‬؟‮! ‬واين‮ ‬هم؟‮! ‬هل‮ ‬مايزالون‮ ‬موجودين‮ ‬فعلاً؟‮! ‬
للأسف‮ ‬اغلب‮ ‬القادة‮ ‬الناصريين‮ ‬اليوم‮ ‬موزعون‮ ‬على‮ ‬عواصم‮ "‬الرجعية‮ ‬العربية‮" -‬كما‮ ‬هم‮ ‬يسمونها‮- ‬وقابعون‮ ‬في‮ ‬احضان‮ ‬ونعيم‮ ‬امرائها‮ ‬ومشائخها‮ ‬؟‮! ‬
وأخيراً‭, ‬‮ ‬ألم‮ ‬تكن‮ ‬السعودية‮ ‬هي‮ ‬من‮ ‬اجهضت‮ ‬مشروع‮ ‬الحمدي‮ ‬في‮ ‬الوحدة‮ ‬والدولة‮ .. ‬وهي‮ ‬من‮ ‬تآمرت‮ ‬عليه‮ ‬وقتلته؟‮!‬
لا‮ ‬اشك‮ ‬ان‮ ‬هناك‮ ‬اعضاء‮ ‬مهمشين‮ ‬وجائعين‮ ‬من‮ ‬محبي‮ ‬ناصر‮ ‬والحمدي‮ .. ‬نحترم‮ ‬ونجل‮ ‬انتماءهم‮ ‬وتماهيهم‮ ‬مع‮ ‬الفكرة‮ ‬واستمرارهم‮ ‬على‮ ‬المنهج‮ .. ‬
وهناك ايضا من تبقى من قادة الناصري المحترمين امثال محمد نعمان ، وحاتم ابو حاتم ، وعلي الصريمي ، ونصار الجرباني ، وعبدالله المقطري ، وصاحبي الكبير محمد شاهر حسن.. رغم انه غرد خارج السرب مبكراً..
لكن‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬مع‮ ‬هؤلاء‮ ‬إلا‮ ‬الاحتفاظ‮ ‬بالولاء‮ ‬الروحي‮ ‬للفكرة‮ ‬وما‮ ‬تبقى‮ ‬لهم‮ ‬من‮ ‬ذكريات‮ ‬جميلة‮ ‬مع‮ ‬الزمن‮ ‬الغابر‮ ..‬
من‮ ‬هنا‮ ‬،‮ ‬كان‮ ‬الحمدي‮ ‬يحمل‮ ‬مشروعا‮ ‬ورؤية‮ ‬وطنية‮ ‬شاملة‮ ‬،‮ ‬ومن‮ ‬الظلم‮ ‬والاجحاف‮ ‬ان‮ ‬نقزمه‮ ‬ونختصره‮ ‬في‮ ‬مجموعة‮ ‬صغيرة‮ ‬تلتحف‮ ‬جلبابه‮ ‬وتتحدث‮ ‬باسمه،‮ ‬بينما‮ ‬اغلب‮ ‬قاداتها‮ ‬في‮ ‬احضان‮ ‬قتلته‮ ..!! ‬
‮ ‬فلتعلموا‮ ‬يا‮ "‬رفاق‮" ‬ان‮ ‬ضريحي‮ ‬الزعيمين‮ ‬عبدالناصر‮ ‬والحمدي‮ (‬رحمهما‮ ‬الله‮) ‬مقرهما‮ ‬القاهرة‮ ‬وصنعاء‮ ‬وليس‮ ‬الرياض‮ ‬وابوظبي‮.‬؟‮!‬
لقد‮ ‬غدروا‮ ‬بالحمدي‮ ‬حياً‮ ‬في‮ ‬لحظة‮ ‬موجعة‮ ‬،‮ ‬لكنكم‮ ‬تغدرون‮ ‬به‮ ‬ميتا‮ ‬على‮ ‬مدى‮ ‬43‮ ‬سنة‮ ‬،‮ ‬نسمع‮ ‬جعجعتكم‮ ‬ولكن‮ ‬لم‮ ‬نَرَ‮ ‬لكم‮ ‬طحيناً‮..!!‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 05:51 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59416.htm