الميثاق نت -

الإثنين, 09-نوفمبر-2020
طه‮ ‬العامري‮ ‬ -
نعرف جيدا آلية العمل الديمقراطي داخل أمريكا ومن يقف خلفها ويديرها ويتحكم بخيوطها لكن البعض وخاصة من العرب ودول العالم الفقير أو المسمى مجازا بالعالم الثالث كان مضطرا ربما ومجبرا على أن يرى في أمريكا ( أستاذ ) الديمقراطية والمربية الفاضلة لحقوق الإنسان والحارس الأمين لحرية الرأي والتعبير ؛ واعتقد أن كل هذه المواصفات لم يعد ممكنا إطلاقها على السيدة ( أمريكا ) التي أثبتت ومن خلال آخر انتخابات رئاسية فيها أنها لا تختلف عن أي دولة من دول العالم الثالث فيما يتصل بسلوكها الديمقراطي وتداعياتها السياسية بل ربما تكون دولة مثل ( ماليزيا ) أكثر ديمقراطية وأكثر تحضرا واحتراما لحرية الرأي والتزاما بحقوق الإنسان وبالقيم والاخلاقيات والمبادئ الحضارية التي تميز الدول المتقدمة عن تلك التي تعيش في أطوار الغطرسة والهمجية !!
والغطرسة والهمجية نوعان الأولى تلك التي تمارسها دول متخلفة في بنيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية وقد لا تؤخذ مثل هذه الدول والأنظمة التي يتصارع أهلها على السلطة وفتات الثروة فالفقر عادة هو مصدر التخلف والصراعات والحروب ؛ والثانية وهي تلك التي تقدم نفسها _ كراعية ومعلمة للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان _ والتي ما انفكت تقدم للعالم نصائحها وتحتل مقعد الأستاذ لكل شعوب وأنظمة ودول العالم وتفرض عليهم ما يجب أن يقوموا به وما لا يجب أن يقوموا به _ نموذج أمريكا _ التي اعتقد أن عصر وعهد دونالد ترامب قد أسقط كل الصفات التي زعمتها أمريكا ووظفتها لتطويع وتدجين أنظمة ودول وشعوب بل ومنحت نفسها الحق في غزو دول وأسقاط أنظمة واستبدالها بأخرى تحت زعم جلب الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان كما حدث في العراق عام 2003م وحدث في أفغانستان ويحدث لليوم ؛ وكما حدث في الوطن العربي ويحدث منذ عام 2011م وحتى اليوم وقد حدث كل هذا الدمار والخراب والقتل برعاية أمريكا وتخطيطها وتمويل حلفائها من الأنظمة المرتهنة التي تعيش على وهم الحماية الأمريكية وأكبر دليل ما حدث ويحدث في سوريا واليمن وليبيا ولبنان وبعض من دول العالم في مختلف‮ ‬القارات‮ ‬التي‮ ‬تعيش‮ ‬حالة‮ ‬الفوضى‮ ‬والحروب‮ ‬برعاية‮ ‬أمريكا‮..‬
ألم تقدم أمريكا على غزو العراق بذريعة (جلب الديمقراطية والحرية لشعبه) وتحريره من (ديكتاتورية صدام حسين) ونظامه القمعي التسلطي ..؟!! فماذا حقق العراق على يد أمريكا وكل أوروبا.؟! وأين أولئك (السفلة) من المحللين والمنظرين السياسيين والمفكرين والمثقفين الذين كانوا يطلون علينا من على شاشات الفضائيات والصحف ومن خلف ميكروفونات الإذاعات الواسعة الانتشار وهم يتحدثون عن الجنة الموعودة التي ستحل على الشعب العربي بالعراق بعد إسقاط (الديكتاتور والديكتاتورية).؟!!
وماذا‮ ‬حل‮ ‬بالشعب‮ ‬العربي‮ ‬في‮ ‬ليبيا‮ ‬بعد‮ ‬تدخل‮ ‬أمريكا‮ ‬وحلف‮ ‬الناتو‮ ‬وقيامهم‮ ‬بالثورة‮ ‬ضد‮ ‬نظام‮ ‬القذافي‮ ‬وتصفيته‮ ‬بذريعة‮ ‬جلب‮ ‬الحرية‮ ‬للشعب‮ ‬العربي‮ ‬الليبي؟‮!!‬
لوحده الشعب العربي في سوريا ونظامه القومي كانا يدركان وبوعي حقيقة المخطط الأمريكي فقاوما وصمدا رغم المؤامرة القذرة والخطيرة التي استهدفت سوريا الأرض والانسان والدولة والقيم والهوية ؛ فشكل صمود سوريا صدمة غير متوقعة لأمريكا التي لم تخجل بعد فشل كل مؤامراتها فتدخلت بصورة مباشرة وبجيشها وتحتل جزءا من الأراضي العربية السورية دون خجل من العالم ودون رادع من قانون أو مواثيق دولة مستعينة بزمرة من الخونة والعملاء والمرتزقة الذين تتخذهم ذريعة كعادتها لاحتلال أوطانهم وتدمير قدراتهم وتمزيق نسيجهم الاجتماعي..؟!
في اليمن كما في سوريا وجدت أمريكا من يقف في وجه مخططها التآمري ففي اليمن وبرغم من نسج مخططها بطريقة شيطانية وبنعومة وسلاسة حين دفعت مرتزقتها في الداخل اليمني وجواسيسها لتصعيد الأزمة والاستعانة برعاية خارجية ودولية لم تتردد أمريكا في الدفع بعملائها الإقليميين للتدخل بصورة ناعمة أيضا تمثلت في رعاية حوار ثم رعاية مبادرات ثم دفع الداخل لمزيد من الاختلاف والانقسام ثم تدخل عسكري وعدوان سافر وحصار وتحالف دولي قادم بزعم نصرة (الشرعية اليمنية على الانقلابيين) ولست سنوات من حرب وحصار وقتل ودمار وتشريد لملايين اليمنيين وتجويعهم وبكل الوسائل ورغم ظروف اليمن وفقرها وتخلفها وفساد منظومتها السياسية وفساد وارتهان قادتها ورموزها ممن كانوا يسيطرون على قدرات ومقدرات هذا البلد إلا أن الله سبحانه وتعالى لا يجمع بين عسرين فقد وقف في وجه أمريكا ونظام آل سعود ومن خلفهم زمرة المرتهنين من اليمنيين وبوجه تحالف قوامه 18 دولة عظمى وكبيرة وبغطاء سياسي واعلامي دولي وقف في وجه كل هؤلاء وحسب خطاب (الشرعية) (شلة من الانقلابيين أو المتمردين) وبما لديهم من عوامل القوة تصدوا وصمدوا وها نحن في العام السادس من بدء العدوان والحصار نشاهد ونشهد على مرحلة تراجيدية لا تخلو من الكوميدية الواقعية التي تثير الغرابة والدهشة ؛ وكيف لا والشرعية فارة من وجه الشعب وتعيش في فنادق العواصم الإقليمية والدولية تاركة الميدان المفترض أن تتواجد فيه لشلل من عصابات مسلحة تمارس النهب والفوضى والعبث فيما (الانقلابيين والمتمردين) يديرون دولة ويمارسون مهامهم كدولة بصورة تبدو فيها الشرعية هي أحق بأن توصف ب(الانقلابية والمتمردة) لأنها وجماعتها من يمارسون هذه السلوكيات وبشهادة ورعاية أمريكا التي هي تريد هذا وخططت له ولكنها أخفقت في تعميمه على الخارطة الوطنية اليمنية ؟
ما أريد الوصول إليه هو القول إن أمريكا ليست قدرا ولم تكن يوما قدرا ولا سيفا مسلطا على رقاب العالم لكن هناك من صنع منها أسطورة وهم عملائها والمرتهنين لها ممن يمكن وصفهم بمنظومة (أنظمة صناع الطغاة والمتغطرسين والمستعمرين) !!
نعم الجبناء هم من يصنعون الطغاة ، والضعفاء هم من يصنعون المتغطرسين ، والمرتهنين هم من يصنعون المستعمرين ؛ وأمريكا بكل عظمتها عجزت خلال ستة عقود خلت في تركيع دولة صغيرة على حدودها تسمى (جمهورية كوبا الاشتراكية) نعم كانت كوبا ولا تزال أعظم من أمريكا بعزيمتها‮ ‬وبتمسكها‮ ‬بحريتها‮ ‬وكرامتها‮ ‬واستقلالها‮ ‬وسيادتها‮ ‬ومثلها‮ ‬كان‮ ‬شافيز‮ ‬وكانت‮ ‬فنزويلا‮ ‬وبعده‮ ‬مادورو‮ ..!‬
اليوم ما نشاهده في أمريكا يفترض أن يكون دليلا لكل عشاق الحرية والسيادة والكرامة الوطنية بأن يتمسكوا بمواقفهم الرافضة للخنوع للإملاءات الأمريكية الزائفة فأمريكا لم تكن يوما عاصمة للعالم الحر بل هي عاصمة العبيد والمرتهنين والعملاء الخائفين من أن تفضحهم أمريكا وتكشف أوراقهم وبالتالي نجد بعض النظم وخاصة في وطننا العربي يبررون عجزهم بالضغط الأمريكي وباتقاء غضب أمريكا وهو تبرير خاطئ وغير صادق فأمريكا أعجز من أن تقاوم شرفاء متمسكين بسيادتهم وكرامتهم من احرار الأمة والعالم ؛ لكنها فعلا تذل وتهين وتعبث وتعربد بحق أولئك الذين تعرفهم جيدا وتعرف أنهم مجرد مرتزقة وخونة وعملاء وسماسرة على أوطانهم وشعوبهم وأمثال هؤلاء فعلا بنظرهم أمريكا دولة عظمى واسطورة في كل زمان ومكان وعصر وأوان وبالتالي يصعب عليهم بل يستحيل أن يغادروا معطفها أو يتمردوا عليها وأمامنا نماذج كثيرة من هؤلاء يتمثلون في (شرعية اليمن) وخونة سوريا وعملاء ليبيا ومرتزقة العراق وسماسرة فنزويلا وكثيرون صنعتهم أمريكا ليسبحوا بحمدها وسيظلون كذلك حتى بعد انهيار أمريكا التي بدت انتخاباتها لهذا العام 2020م وكأنها انتخابات في دولة من دول العالم الثالث الفقيرة والغارقة بالجهل والتخلف فيما رئيسها دونالد ترمب مثل وبجدارة حقيقة شخصية (الكابوي أو راعي البقر وجسد ثقافة اليانكي) ليظهر كل ما يعبر عن حقيقة الرذيلة الامريكية التي دونها الكاتب الأمريكي (هنري ميللر _ في روايته الشهيرة _ الجدي _ الذي أختزل واقع أمريكا بكل ما فيها بانها‮ ‬مجرد‮ ‬‭_ ‬مأخور‮ ‬‭_ ‬للرذيلة‮ ‬يدار‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬القوادين‮ ‬اليهود‮).!‬
فهل‮ ‬بعد‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬جرى‮ ‬ويجري‮ ‬في‮ ‬بلاد‮ (‬العم‮ ‬سام‮) ‬هناك‮ ‬من‮ ‬لا‮ ‬يزال‮ ‬مؤمناً‮ ‬بأمريكا‮ ‬عاصمة‮ ‬الحرية‮ ‬ومحراب‮ ‬الليبرالية‮ ‬ودوحة‮ ‬الحرية‮.!‬

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59514.htm