علي عمر الصيعري -
الاتجاه شرقاً من أجل التنمية، أو كما حلا لي أن أطلق على هذا التوجه التنموي «حكمة فخامة الأخ الرئيس المعلم ـ حفظه الله» و«نظرية باجمال التنموية» فهذه الحكمة وتلك النظرية تجلت جدواهما في إسناد ودعم اقتصاديات بلادنا في مواجهة تداعيات الركود الاقتصادي وغلاء الأسعار العالمي الذي يشهده العالم هذا العام..
فحكمة الأخ الرئيس تجلّت في الحرص على تمتين جسور علاقات الصداقة مع دول الشرق الأقصى وفي مقدمتها الصين، وتعزيزها بالزيارات وأهمها زيارته لها في 6 ابريل 2006م، ونتجت عنها اتفاقيات عديدة خصصت بموجبها الصين حوالي 1.35 مليار دولار لتمويل مشاريع في اليمن، جزء منها هبة ومساعدات، وجزء منها قروض لتمويل مشاريع التنمية.
كما تجلت صدقية نظرية الأستاذ باجمال، مستشار رئيس الجمهورية، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام القائلة بجدوى الاتجاه شرقاً والتي أطلقها شعاراً كشف عنه في حوار أجراه معه الزميل محمد الغباري ونشرته جريدة «البيان» الضبيانية في الفاتح من مايو عام 2006م بقوله:
«هذا الشعار أنا أطلقته بعد الحادي عشر من سبتمبر.. وأن نتجه شرقاً ليس في السياسة، ولابد أن يكون واضحاً أن الاتجاه شرقاً هو للتنمية، لأننا أصلاً لسنا موغلين في الغرب».
وما كان لهذه النظرية أن تنجح لولا ارتباطها بالتطبيق العملي، فقد حرص الأستاذ عبدالقادر باجمال فور توليه رئاسة الحكومة في 4 ابريل 2001م على تعزيز مفاصل التبادل التجاري والشراكة بين بلادنا والصين؛ الأمر الذي جعل منها الشريك الفعلي، حيث وصل حجم التبادل التجاري خلال العام 2005م على سبيل المثال إلى ما يزيد عن 435 ملياراً و119 مليون ريال، وبالمقابل وصلت صادرات بلادنا للصين إلى 380 ملياراً و900 مليون ريال (الثورة ــ العدد 15121 ــ 6 ابريل 2006م).
وانطلقت هذه النظرية من اتساع رؤى وثقافة الأستاذ باجمال وإلمامه بأهداف التنمية المستديمة، هذه الأهداف الداعية لأن يكون للجانب الإنساني والأخلاقي حضور في مفاهيمها للعلاقات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية باعتمادها على فكرة مبدأ التناغم في الشراكة الدولية بين الأمم والشعوب.
والمعروف أن نظرة الصين في علاقاتها الخارجية تخلقت بأفكار وتعاليم الفيلسوف الحكيم «كونفوشيوس» «551-479 قبل الميلاد» مؤسس النظام العقلاني القائم على الأخلاقية الشخصية.
ففي فبراير عام 2005م استهل الرئيس الصيني (هو جنتاو) خطابه التاريخي أمام كبار أعضاء حزبه بالقول: «قال كونفوشيوس: إن التناغم شيء يجب أن نتعلق به» (نيوزويك ــ العدد 296- 14 فبراير 2006م).
وفي مارس عام 2006م وقف «وين جياباو» رئيس وزراء الصين أمام البرلمان الصيني ليقول: «لقد سعت الأمة الصينية دائماً إلى حياة توافق وتناغم بين الأمم الأخرى، بغض النظر عن الفوارق بينهما».
ومن هنا نفهم النظرة الواسعة لدى الأستاذ عبدالقادر باجمال في نظريته «الاتجاه شرقاً» لاسيما نحو الصين، وما بذله من جهود لتحقيق نتائج زيارات فخامة الأخ الرئيس من اتفاقيات وشراكة تجارية دولية، أثناء فترة ترؤسه للحكومة، وتطبيقها واقعاً عملياً، لنستشف صوابية استقرائه لمستقبل حركة التحولات الاقتصادية والتجارية في المشهد العالمي.
وهاهي مؤشرات دورات الاقتصاد العالمي تشير إلى تماسك الترابط الاقتصادي والمالي في الصين منذ مطلع هذا العام الذي شهد مقدمات تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتجاوز تفكك ذلك الترابط نتاج تعزيز الصين للنمو منذ عام 2000م، إلى أن تمكنت في العام 2007م من تحقيق نمو تعدى الـ10% مما أدهش خبراء صندوق النقد الدولي، وعلى رأسهم «سايمون جونسون» الذي صرّح مؤخراً بالقول: «إن التقارير حول تفكك الترابط كان مبالغاً جداً فيها» (نيوزيوك ــ العدد 399 - 12 فبراير 2008م ــ ص 14).
لقد صدقت نظرية الأستاذ باجمال في صوابية جدوى الاتجاه شرقاً، مما أعطى بلادنا خيارات في التعامل مع السوق العالمية وتقلباتها بدلاً من الوقوع أسيرة الاحتكار العالمي وسياسة القطب الواحد.. وستكشف لنا قادمات الأيام صحة ما ذهبنا إلى ذلك.