الأربعاء, 20-فبراير-2008
الميثاق نت -    طه العامري -
علمتنا مدرسة فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح ونعتز بالانتماء إليها، أقول : علمتنا مدرسة هذا القائد أن نقبل كل مخرجات الديمقراطية السياسية والفكرية ونتعايش معها، كما علمتنا هذه المدرسة، أن نتقبل وبرحابة صدر وسعة أفق كل رأي قد لانتفق معه ولكنا نحترمه،
لكن شيئاً واحداً علمتنا مدرسة الرئيس الصالح أن نرفضه وهو تضليل الرأي عن حقائق متصلة بالتاريخ وأحداثه وقد ذهلت قبل أيام وأثناء ما كنت وعن طريق الصدفة أتابع مقتطفات من ندوة عقدت مؤخراً في العاصمة صنعاء خصصت لمناقشة الحراك الشعبي أقول ذهلت وأنا أتابع حديثاً لرمز سياسي وطني ورجل كانت له مكانة في الذاكرة بغض النظر عن اتفاقنا واختلافنا مع آرائه وقناعاته السياسية والفكرية وكنا نكن له الكثير من التقدير لما يقال عنه من صفات وطنية لكني وبعد أن استمعت إليه وهو يتحدث عن مشروعين سياسيين كانا ثم تدمر أحدهما في العام 1994م؟؟
لا أعلم حقيقةً بأنه بعد 22 مايو 1990م كان هناك مشروعان سياسيان، لكني أعرف أن هناك مشروعين لنظامين شطريين كانا حتى 21 مايو 90م لكن هذين المشروعين انتهيا في 22 مايو 90م وبالتالي وبعد يوم الوحدة لم يعد ثمة مشاريع سياسية وطنية غير المشروع الوحدوي وهو المشروع الحضاري الوطني المقدس الذي لن يتردد يمني في التضحية بكل مايملك ومنه الدم والحياة في سبيل انتصار هذا المشروع الوطني المقدس «الوحدة اليمنية» وليس ثمة مشروع وطني يشغلنا أو نكترث به غير هذا المشروع، وعليه من الصعب أن يتقبل المرء منا طرحاً غير سوي يأتينا به شخصية وطنية وهو طرح غير بريء وغير منطقي وغير قابل للحوار حتى مجرد ممارسة «أقدم مهنة في التاريخ» وهي مهنة توجب العقاب عليها شرعاً وبالتالي لايوجب الجدل حول العقوبة لأن لا اجتهاد مع النص، والمشاريع السياسية الوطنية كانت قبل الوحدة ، ومع قيام الوحدة بقي لنا مشروع سياسي وطني وحيد هو مشروع الوحدة اليمنية والدولة اليمنية وبناؤهما في الوجدان والذاكرة وهذا المشروع وأقصد المشروع الوحدوي هو اليوم حقيقة وطنية راسخة والمهمة التي أمامنا هي تجذير وتكريس قيم وأهداف هذا المشروع وهو مشروع كل اليمنيين بمختلف أطيافهم وتحت سقفه نتجادل ونتحاور ونختلف ونتفق لكن هذا المشروع هو المشروع الحضاري اليمني وهو قضية الجميع والجميع ملزمون بتكريس قيمه وترسيخ ثوابته وحقائقه وأهدافه وبما يحقق تطلعات كل أبناء اليمن.
إذاً أي مشروع سياسي وطني دمرته حرب صيف 1994م غير مشروع الردة والانفصال....؟؟؟ كيف يكون الانتصار لمشروعية الوحدة وحمايتها تدميراً لمشروع سياسي وطني..؟؟ هل كانت الحرب إذاً انتصاراً لهذا المشروع الذي أطلق عليه المشروع الحضاري الجديد..؟؟
إذا كان الأمر كذلك فإن الحرب لم تكن نتاج مغامرة قلة بل كانت خيار حزب وإرادة كيان سياسي كنا نحسبه وحدوياً وليس مشاركاً تكتيكياً يتوزع قادته أدواراً بين من يتحدث عن الانفصال، ومن يتحدث عن إصلاح مسار الوحدة، ومن يطالب بمعالجة آثار تلك الحرب وكل له حديث ونحن نستمع ونحاور ونجادل ونخوض معترك الحراك الشعبي بنفوس صادقة ونوايا وحدوية وتعمل في مقدمتنا القيادة السياسية وعلى رأسها فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية «حفظه الله» الذي أشغل نفسه منذ خمدت نيران تلك الحرب الملعونة على اندمال كل الجراحات القديمة والجديدة وتسوية أوضاع الذين دفعوا ثمن مغامرات النظام الشطري وتوجهاته الماركسية وتجربته التي لم تخلف لنا، والوطن غير المقابر والكوارث والذكريات الدامية والحسرة على شباب الوطن وأبطاله الذين سقطوا نتاج المؤامرات والمكائد والغدر والخيانة!!.
مآسٍ كثيرة وكبيرة لم يعالج آثارها من ارتكبها بل عالجها الرئيس علي عبدالله صالح بحكمته وحنكته فيما من يدعون التحضر هم من ارتكبوا المجازر، ومن صنعوا مقابر جماعية، ومن أخفوا وخطفوا وقتلوا وغدروا بخيرة الكوادر الوطنية، وهم من قتلوا الهوية، وهم من زرعوا الرعب وحكموا بالحديد والنار واستوردوا تجارب حلف وارسو وأوروبا الشرقية؟؟؟
على خلفية كل هذا أين المشروع السياسي الوطني الذي قيل إنه تدمر أو هناك من حاول تدميره في العام 94م..؟؟ وهل كان البيض يحمل مشروعاً سياسياً وطنياً غير مشروع التدمير؟ لماذا يذهب البعض بعيداً في ابتذال الكيد بهدف طمس الحقائق والتحدث في مجال يصعب قبوله وقبول مايطرح عليه؟؟ لسنا بعيدين عن العام 1994م بل إني شخصياً عشت تداعيات الوطن وآهاته وكل منغصاته وأفراحه منذ العام 1991م وحتى اللحظة وأنا غارق في تداعيات الراهن الوطني بأدق التفاصيل وأعرف الكثير عن الفساد والكيد والأحقاد والأزمات وأعرف أسبابها ودوافعها كما أعرف دوافع وغايات وأهداف الساسة وكل هؤلاء المرجفين الذين جعلوا من حياتنا جحيماً حتى في نطاقها المعيشي، فهل الأزمات الحياتية والمعيشية غير صناعة هؤلاء الذين إن تحدثوا عن التاريخ زوروا وإن تحدثوا عن الراهن كذبوا؟؟
ويزداد الأمر كارثية حين يصدر مثل هذا الحديث الكارثي من شخصية وطنية لها مكانتها وليس من سياسي عابر شاء قدره أن يخوض مع الخائضين لأن الغلطة إن جاءت من عالم أصابت القوم وإن جاءت من جاهل أصابته، وعليه سيجد أصحاب هذا الرأي أنفسهم في محنة إن كان الأمر يتجاوز الغلطة إلى القناعة، ومنها أن الديمقراطية يمارس باسمها الافتراء البشع من قبل هؤلاء الذين في قولهم الصريح عمَّا يسمى « الحراك الشعبي » المخصص لنطاق بذاته وهو الحراك الذي يكشف انتهازية هؤلاء وتعاملهم بمنطقين مع الراهن الوطني إذ نجدهم يتحدثون عن الديمقراطية وفي نفس الوقت يحرضون عليها، ويتحدثون عن ضرورة التصدي للأزمات والمخالفات وهم في ذات الوقت يعملون على إثارتها وخلق المزيد منها.. إذ كيف يتعامل هؤلاء مع المسار الراهن؟ وكيف لنا أن نصل معهم إلى كلمة سواء من أجل الوطن وهم بهذه العقلية التآمرية؟ إن مايقال اليوم من قبل بعض الرموز المعارضة يعيدنا إلى مربع الخلاف المنهجي والجدلي حول الثوابت وهو مشروع استدراج جديد يبدأ بالتأثير الفكري وينتهي بالفعل والسلوك وعليه فإن من الأهمية أن يكون هناك رد فعل حضاري فكري ومنهجي يواجه مزاعم هؤلاء وأكاذيبهم ومحاولتهم الالتفاف على حقائق التاريخ والأحداث وبمنطق انتهازي عقيم؟
تحية للدكتور ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي ورمز سلطتنا التشريعية بالأمس القريب والأكاديمي الذي كنت أتمنى أن يظل أكاديمياً مقدراً ومهاباً من الجميع بدلاً من أن يغوص في معترك الفعل السياسي الكيدي ربما مجبراً لا بطلاً..؟؟
[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:25 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5977.htm