طه العامري - بصراحة أجدني أحيي من كل قلبي زمرة (المطبعين) وأشيد بشجاعتهم وأرجو على كل من كان (مطبعاً) سراً وحليفاً استراتيجياً (للصهاينة) أن يعبر عن قناعته ويمارس حريته بطريقة علنية بدلاً من الخيانة المغلفة بالانتماء للعروبة ومن ثم طعن القضايا العربية والحقوق العربية والتخلي عنها سراً..
لست مستغرباً من هرولة البعض نحو التطبيع مع العدو الصهيوني وتحت العديد من المبررات والدوافع الواهية التي يسوقونها لتبرير جريمتهم بل خيانتهم وهي الخيانة التي كنا نعرفها ونعلمها ونتحدث عنها ولكن ثمة من كان يرفض مثل هذه الاحاديث ويتهم قائلها بأنه من انصار (نظرية المؤامرة) ومصاب بأدبياتها ..!!
يقول سبحانه وتعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرا لكم) والمهرولون نحو التطبيع فعلوا خيرا في هرولتهم لأن الآن وبفضل هرولتهم ستعرف وبوضوح أمتنا من معها ومن ضدها بعد عقود من الخيانات من تحت الطاولات ؛ مع العلم أن كل هؤلاء المطبعين لم يشكلوا بمواقفهم التطبيعية الأخيرة مفاجأة لأي مراقب لمسارهم وسلوكهم ومواقفهم طيلة العقود المنصرمة فهؤلاء معروفون ومنذ نشأ الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين كانوا بمثابة أسوار حامية لهذا الكيان وحراس أمناء له، وكما يصف الكيان الصهيوني نفسه بأنه (حارس للهيكل) ومسئول عن إيجاده كان هناك بالمقابل ثمة أنظمة عربية ومكونات عربية تعمل بدورها بمثابة حارسة لهذا الكيان وكان هذا السلوك يشكل عائقا وسدا منيعا أمام أي فعل عربي مقاوم رسمياً كان أو شعبياً ؛ بل كانت هذه الأنظمة وهذه الجماعات والمكونات تعمل على إحباط أي عمل عربي مقاوم قبل حدوثه وإنْ حدث تعمل على التقليل من أهميته بل والسخرية منه وممن قام به..؟!!
ذات يوم موغل من مسارنا القومي العربي وفي أحدى القمم العربية وفيما كان الرئيس الراحل حافظ الأسد يتحدث عن أهمية مواجهة العدو الصهيوني أنبرى المقبور فهد بن عبدالعزيز بالقول (فخامة الرئيس إن أي مواجهة مع العدو الصهيوني سيعيد أمتنا مائة عام للوراء)..؟! فرد عليه الرئيس حافظ الأسد بالقول (وهذا هو المطلوب فقبل مائة عام لم يكن هناك كيان اسمه إسرائيل في فلسطين) ..!!
جماعات الأخوان بدورها كانت جماعة عضوية تؤدي وظيفة عضوية لخدمة أجندة استعمارية ولم تكن صادقة في شعاراتها ولن تكون بل لم تلتفت هذه الجماعة للقضايا العربية القومية بكل جوانبها إلا خلال المرحلة الأخيرة من مسارنا النضالي ويا ليتها ظلت مغيبة وتركت القضايا القومية بعيداً عنها فمنذ بادرت الجماعة للخوض في هذا المعترك قدمت خدمات جليلة للعدو بما في ذلك داخل فلسطين حيث عملت حركة (حماس) على شق المجتمع العربي الفلسطيني وبعثرت قدراته ولم تخدم القضية الفلسطينية بل أساءت لها حتى مع تبدل مواقفها الأخيرة تجاه محور المقاومة بحثاً عن الدعم بعد إدراكها تخلّي حواضنها السابقين وخاصة السعودية ودول الخليج بعد تراجيديا وأحداث ما يسمى بالربيع العربي الذي كشفت فيه الجماعة عن أنيابها لكن سرعان ما تكسرت اجنحتها وافتضحت ولم يبق أمام (حركة حماس) الإخوانية سوى الهرولة لحضن المقاومة بعد أن فقدت كل أوراق المساومة الانتهازية فيما بقية المكونات الإخوانية في الوطن العربي لم تجد أمامها سوى التعلق بوهم الرعاية الأمريكية _ البريطانية _ الغربية وتنفيذ كل ما يُطلب منها نموذج (مرسي وجماعته في مصر) الذي بعث أول ما وصل للسلطة برسالة تهنئة للرئيس الصهيوني يهنئه بيوم احتلاله فلسطين وإعلان كيانه الغاصب واصفاً إياه بـ (الأخ العزيز)..؟!!
فيما النظام المغربي معروف بصهيونيته منذ عقود وهو الذي ارتبط بعلاقة وطيدة مع جهاز الموساد الصهيوني الذي ساعده في القضاء على غالبية معارضيه من القوميين واليساريين الاحرار تم خطفهم وتصفيتهم بواسطة الموساد الصهيوني ؛ والنظامان السعودي والمغربي يمكن وصفهما بأنهما صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم وهما سبب نكبة الأمة ومن خذلها طيلة عقود الصراع العربي _ الصهيوني، وبالتالي لست مندهشاً ولا متفاجئاً من حركة المطبعين وهرولتهم بل أرجو من البقية أن يكشفوا عن حقيقتهم فهذا خير ولمصلحة الأمة التي ستعرف وبكل وضوح اليوم أعداءها وستقيم مواقفها على ضوء هذه القضية _ التطبيع _ التي لا يجب أن تكون مثار جدل أو استغراب ودهشة من قبل الجماهير العربية التي عليها أن ترحب بهذا الفرز النضالي وتمتن لأصحابه كي تتمكن من معرفة أسباب انكسارها واخفاقها في مسيرة صراعها الحضاري مع عدوها التاريخي الذي اعتمد اعتماداً كلياً على دور خونة الداخل العربي قومياً وقطرياً؛ على الجماهير العربية أن ترحب بمواقف المطبعين وتشكرهم على شجاعتهم ولا تذمهم بالخونة فهم أصل الخيانة وعنوانها بل لولا هؤلاء المطبعون الجدد لما كان للصهاينة وجود في فلسطين..؟!!
وإنْ كان هناك دهشة على حركة تطبيعية مع العدو فقد كانت الدهشة والصدمة من النظام المصري نظام السادات الذي كان لموقفه صدمة وآثار في الذاكرة والوجدان العربي بحكم الدور الذي لعبته مصر عبدالناصر في مواجهة هذا العدو ؛ بعد ذلك ليس هناك ما يثير المواطن العربي لو ذهبت المغرب ودول الخليج وكل أو بعض الحركات السياسية دينية كانت أو علمانية باتجاه التطبيع مع العدو لان هذه الأنظمة والجماعات وُجدت من البداية لتكون حارسة وحامية لهذا الكيان ومرتبطة ارتباطاً عضوياً به منذ إنشائه على أرض فلسطين وخاصة أنظمة السعودية والخليج والمغرب والأردن ومعهم جماعة (الإخوان المسلمين) التي حملت اسماً ليس لها منه نصيب ولا علاقة لها به بما في ذلك إخوان فلسطين بدليل أن خالد مشعل الذي كان يقيم في دمشق ومنحته دمشق صلاحيات لا حدود لها حتى أن أوامر خالد مشعل كانت نافذة على كل المؤسسات السيادية العربية السورية ومع ذلك أول ما حدثت احداث مدينة درعا عام 2011م هرول مشعل ليلتقي بمن وصفهم (بالثوار الاحرار وأمل الأمة) ويلتقط معهم الصور تحت علم الاستعمار الفرنسي الذي هو الآن علم ما يسمى بالجيش الحر.. فيما كانت صنعاء تشهد مسيرات الموترات وهي رافعة هذا العلم الاستعماري وتتجول به في شوارع صنعاء بدعم من حزب الإصلاح ولم يتردد عبدالوهاب طواف بتحمل مسئولية تجنيد شباب من اليمن للجهاد في سورية وذهب بهم محمد الحزمي الى درعا وقعد قرابة ثلاثة اشهر يجاهد الى جانب أبو محمد الجولاني حليف وصديق نتنياهو..؟!!
نعم هناك مسميات دينية لكنها للأسف تعبر عن نوايا سياسية لا علاقة لها بالدين بقدر ما تتخذ من الدين ستاراً لتغطية حقيقة نشاطها وهذا من أولويات تخلفنا وانكسارنا كأمة لأننا نقول بما لا نعمل ونتحدث بما لا نؤمن ونظهر بما لا نبطن .! |