الميثاق نت -

الإثنين, 04-يناير-2021
د. أحمد محمد يفاعة* -
«المؤتمر‮ ‬شعبي‮ ‬وشعبي‮ ‬مؤتمر‮ ‬وأنا‮ ‬وشعبي‮ ‬مؤتمر‮ ‬لاما‮ ‬نموت‮»..‬
بهذه الكلمات الشعرية الشعبية البسيطة لخص الشاعر موقف الغالبية من أبناء الشعب اليمني التي تجد نفسها طواعية منتمية لهذا التنظيم السياسي الرائد والعريق - وان لم تنتمِ إجرائياً - فكل يمني يجد نفسه مؤتمرياً ويجد نفسه في مرجعيات وأدبيات المؤتمر الشعبي العام والتي‮ ‬تنبثق‮ ‬جميعها‮ ‬من‮ ‬الميثاق‮ ‬الوطني‭, ‬الدليل‮ ‬النظري‮ ‬والفكري‮ ‬لتنظيمنا‮ ‬الرائد‮ ‬الذي‮ ‬مثل‮ ‬نقطة‮ ‬الضوء‮ ‬في‮ ‬ظلام‮ ‬حقبة‮ ‬من‮ ‬الصراعات‮ ‬والمكايدات‮ ‬والتهميش‮ ‬والإقصاء‮.‬
لقد مثل قيام المؤتمر الشعبي العام آنذاك, الحدث الأبرز في تاريخ ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية (الشطر الشمالي من اليمن سابقاً) فقد كان مولوداً يمانياً خالصاً وُلد من رحم المعاناة والشتات كإطار مؤسسي وسياسي يعول عليها أدارة المرحلة القادمة وإنهاء الصراع‮ ‬والانقسام‮ ‬ترجمة‮ ‬لمضامين‮ ‬الميثاق‮ ‬الوطني‮ ‬بعد‮ ‬إقراره‮ ‬والاستفتاء‮ ‬الشعبي‮ ‬عليه‮.‬
ووفقاً للمعطيات فقد كانت نتيجة ما سبق ملبية لآمال وتطلعات السواد الأعظم من اليمنيين حيث شهدت البلاد استقراراً سياسياً انعكس على كافة الأصعدة والمستويات فتحققت الكثير من مشاريع التنمية وأعيد بناء سد مأرب واستخرج النفط وحظيت مختلف مناطق البلاد بالكثير من مشاريع الخدمات والبنى التحتية كالطرق والمدارس والكهرباء ومياه الشرب النقية.. الخ، وقد توجت تلك الفترة بأهم انجاز يمني وعربي وهو إعادة توحيد البيت اليمني في الـ 22 من مايو 1990م.. وكان صانعا الحدث والانجاز هما: المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني.
وبعد‮ ‬قيام‮ ‬الوحدة‮ ‬وإقرار‮ ‬التعددية‮ ‬السياسية‮ ‬في‮ ‬البلاد‮ ‬ظل‮ ‬حزب‮ ‬الوسطية‮ ‬والاعتدال‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‭, ‬الرقم‮ ‬الصعب‮ ‬في‮ ‬المعادلة‮ ‬السياسية‮ ‬اليمنية‮ ‬وقد‮ ‬ساعده‮ ‬على‮ ‬ذلك‮ ‬ثلاثة‮ ‬عوامل‮ ‬مهمة‮ ‬هي‮:‬
‮- ‬الانتماء‮ ‬المحلي‮.‬
‮- ‬الهوية‮ ‬اليمنية‮ ‬الخالصة‮.‬
‮- ‬عدم‮ ‬الارتباط‮ ‬والارتهان‮ ‬للخارج‮.‬
وبرغم كل الأجندة والمؤامرات التي حيكت خارجياً وتطوع لتنفيذها بعض أطراف الداخل إلا أن المؤتمر الشعبي العام ظل متمسكاً بالتزاماته الوطنية سعياً إلى تحقيق وفاق وطني يحافظ على مكتسبات اليمنيين وقد جسد ذلك من خلال الشراكة مع كافة القوى السياسية الفاعلة وعلى رأسها الحزب الاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح وبقية القوى الوطنية الفاعلة.. واستمرت محاولات رأب الصدع وتضميد الجراح بعد حرب 1994م، وما تلاها من أحداث على الساحة الوطنية والتي توجت بأحداث ما سميت" بثورات الربيع العربي في العام 2011م" التي استهدفت وأطاحت بأنظمة الجمهوريات‮ ‬العربية‮ ‬ومنها‮ ‬اليمن‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬وأسقطت‮ ‬تلك‮ ‬الدول‮ ‬في‮ ‬أتون‮ ‬الفوضى‮ ‬وزعزعة‮ ‬أمنها‮ ‬واستقرارها‮ ‬وعملت‮ ‬على‮ ‬إحياء‮ ‬النزعات‮ ‬والنعرات‮ ‬الاثنية‮ ‬والطائفية‮ ‬والمناطقية‮.. ‬الخ‮. ‬
ولم تكتف تلك الأجندة بإسقاط الدول وإعادتها إلى الوراء لعقود من الزمن، بل سعت إلى ضرب واجتثاث جميع الأحزاب الحاكمة - ذات التوجه الوطني والقومي - وقد كْتب لمخططها النجاح في بعض بلدان الربيع العبري, واخفق هذا المخطط في اليمن ويرجع ذلك من وجهة نظري إلى:
- وجود قاعدة شعبية حقيقية وداعمة لا تربطها الايديولوجيا وتكره التعصب والولاء المطلق والالتزام الصارم الذي تتسم به بعض المكونات القائمة على فكرة الايديولوجيا، هذه القاعدة ترتبط عاطفياً ووجدانياً بهذا التنظيم وتجد فيه الحل البديل لكل المشاريع.
‮- ‬وجود‮ ‬قيادة‮ ‬واعية‮ ‬ومدركة‮ ‬لحجم‮ ‬التآمر‮ ‬الخارجي‭ ‬عملت‮ ‬على‮ ‬تفويت‮ ‬الفرصة‮ ‬على‮ ‬المتربصين‮ ‬بالوطن‮ ‬والمؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮.‬
‮- ‬حرص‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬الأطراف‮ ‬السياسية‮ ‬والمكونات‮ ‬المجتمعية‮ ‬على‮ ‬بقاء‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام‮ ‬كطرف‮ ‬فاعل‮ ‬في‮ ‬المعادلة‮ ‬السياسية‮ ‬اليمنية‮ ‬ضماناً‮ ‬لاستمرار‮ ‬التنوع‮ ‬والتوازن‮ ‬السياسي‮ ‬والثقافي‮ ‬والمجتمعي‮. ‬
لقد حاولت من خلال السطور السابقة تسليط الضوء على أهم المحطات التي مر بها تنظيمنا الرائد.. وبالنسبة لوجهة نظري حول أداء القيادة في السنوات التي أعقبت استشهاد الزعيم المؤسس الرئيس/ علي عبدالله صالح ورفيق دربه الشهيد الأمين/ عارف عوض الزوكا - رحمة الله تغشاهما‮..‬‭ ‬وللتاريخ‮ ‬يمكن‮ ‬القول‮: ‬
إن المؤتمر الشعبي العام ما بعد رحيل واستشهاد الزعيم/ علي عبدالله صالح كان أمام مرحلة مفصلية ومفترق طرق ، لطالما انتظرها البعض وتمناها الخصوم، فقد كانت الفرصة مواتية للإجهاز والقضاء التام عليه ومصادرة ممتلكاته واعتقال قياداته، ولكن شاءت الأقدار وفرضت الظروف أن يكون النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام هو الشيخ المناضل/ صادق بن أمين ابوراس - الشخصية الوطنية والتنظيمية التي عملت بصمت وبدون ضجيج لعقود من الزمن.. تحمل ابوراس وحمل المسؤولية في ظروف لا يحسد عليها, وأثبتت الأيام انه الرجل الأجدر والأقدر على قيادة هذا التنظيم الرائد فقد حافظ على التنظيم وعالج نتائج الأحداث بحكمة وصبر ورباطة جأش .. لم يبع ولم يشتر كما يزايد البعض .. ورغم أن ظروفه الصحية لا تساعد على حمل هذه المسؤولية (فهو احد الشهداء الأحياء لثورات الربيع العبري) إلا انه لم يتخل عن مسؤوليته الأخلاقية‮ ‬والتنظيمية‮ ‬والوطنية‮ ‬وظل‮ ‬ثابتاً‮ ‬على‮ ‬العهد‮ ‬والمبادئ،‮ ‬لقد‮ ‬جسد‮ ‬ابوراس‮ ‬معنى‮ ‬القيادة‮ ‬ورأس‮ ‬الحكمة‮.‬
للشيخ والنقيب والأستاذ والسياسي والقائد المناضل/ صادق بن أمين ابوراس - رئيس المؤتمر الشعبي العام- أقول: ندعم صدق توجهك، نقدر حجم المسؤولية في ظل المتغيرات الحالية، نثق بك كقائد حكيم ونعول عليك المضي في الإصلاحات المؤسسية الهادفة إلى التجديد البنَّاء الذي يصب‮ ‬في‮ ‬مصلحة‮ ‬التنظيم‮ ‬والوطن‮.. ‬يكفي‮ ‬ابوراس‮ ‬أن‮ ‬المؤتمر‮ ‬تجاوز‮ ‬عنق‮ ‬الزجاجة‮ ‬وعاد‮ ‬كما‮ ‬كان‮ ‬التنظيم‮ ‬الأكثر‮ ‬حضوراً‮ ‬على‮ ‬الساحة‮ ‬اليمنية‮. ‬

‮* ‬نائب‮ ‬رئيس‮ ‬الدائرة‮ ‬التربوية‮ ‬والتعليمية‮ ‬لقطاع‮ ‬التعليم‮ ‬العالي‮ ‬والفني
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59831.htm