الميثاق نت -

الجمعة, 08-يناير-2021
يحيى علي نوري -
ترحيب رئيس المؤتمر الشعبي العام الشيخ صادق بن امين ابوراس بالمصالحة بين السعودية وقطر انطلق من فهم واستيعاب كاملين لطبيعة التحولات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة ومعها العالم العربي عموما وهو ترحيب تجاوز بمسؤولية وطنية وقومية جراحات العدوان الغاشم الذي تتعرض له بلادنا ويعكس درجة من الاستشعار بالمسؤولية التي تحتم الانفتاح في التعامل مع الأحداث والتطورات من حولنا، بغض النظر عن فضاعة معاناة شعبنا حراء العدوان غير المبرر وبكل مايمثله من وحشية والذي تقوده السعودية ومعها في مرحلة ما دولة قطر التي انسحبت من هذا التحالف العدواني او اخرجت منه بسبب اشكالات بين الدولتين لاعلاقة لها بما يعتمل باليمن من عدوان وتدمير لكل مظاهر الحياة فيها..

ولاريب أن هذا الترحيب يعكس ايضا حرص المؤتمر الشعبي العام على التعامل المسؤول مع كافة المعطيات الداخلية والخارجية وبالصورة التي تعمل على خدمة وطننا واخراجه من دوامة العدوان والاقتتال الداخلي وبما يعمل على ترسيخ الامن والاستقرار ويعيد السلم المجتمعي الى عهدةه وجعله اكثر فاعلية يصب كل جهوده الخيرة في اطار بوتقة واحدة اساسها وقوامها الدولة اليمنية الحديثة المعبرة عن آمال وتطلعات اليمنيين في بلوغ حياة حرة كريمة يسودها الاخاء والمشاركة الشعبية الواسعة في بناء الحاضر والمستقبل..

ولذا جاء التأكيد الواضح والجلي من قبل رئيس المؤتمر في معرض ترحيبه بالمصالحة السعودية القطرية في كونه اعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح من شأنها ان تنتج عنها خطوات اكثر فاعلية في مساعدة اليمن على اجراء مصالحة بين مختلف قواه من خلال ايقاف العدوان والحصار..

وتلك رؤية ثاقبة تذكر المتصالحين عموما بدول الخليج العربية ان الامن والسلم يعدان منظومة متكاملة لمتطقتنا ويستحيل تحقيقه مالم تكن اليمن قد اصبحت في مأمن وبالصورة التي تجعلها تعبر عن موقعها وواقعها بالمنطقة بصورة ايجابية وبما يسهم في توحيد كل جهود شعوب المنطقة في تعزيز الامن والاستقرار في هذه البقعة الحيوية من العالم والتي تتجاذبها مختلف المصالح والاجندات الدولية لما تمثله من بعد اقتصادي له تأثيراته المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد العالمي عموما..

ولكون المصالحة بين اقطار المنطقة عموما تمثل درسا جديدا يفاد منه في تجاوز كل الاعتوارات التي شابت علاقاتها السابقة ومحطة مهمة للمراجعة والتقييم فإنها اصبحت تمثل - ووفقا للمعطيات الخطيرة والكارثية التي تشهدها منطقتنا اليوم - اتجاها اجباريا يتطلب من كافة القيادات بذل كل مامن شأنه ان يعمل على استكمال كافة متطلبات المنظومة الامنية الواحدة باعتبارها الضمانة الحقيقية والوحيدة لجعلها بعيدة عن كل محاولات الاستلاب الخارجي الذي يستغل دوما كل نقاط الضعف التي تعاني منها العلاقات البينية لدول المنطقة وتجييرها نحو خدمة مصالحه اللامحدودة وعلى حساب مقدرات وثروات شعوب المنطقة التي تعد الاحوج لهذه الامكانات بدلا من اهدارها في صراعات وتطاحنات تعود بالوبال على المنطقة بالدرجة الاولى وهو ماتؤكده حقائق التاريخ ومعطيات الراهن التي تشير بوضوح ان منطقتنا لن تهنأ بالسلام والاستقرار والتنمية الحقيقية طالما ظل امنها القومي عرضة لسياسات واصطفافات ارتجالية تنتج دائما خلافات باهتة تقود لأى صراعات نتائجها كارثية، الامر الذي يتطلب الخروج السريع من هذا المضمار الذي اكد فشله الذريع وبات من المعيب استمراره وترك نتائجة المدمرة للأجيال القادمة، التي ستدفع ثمنا اكبر وافظع مما يتحمله الجيل الحالي كنتاج لهذه الصراعات، وهذا يجعلنا ننظر للمستقبل وفقا لمعطيات الراهن التمزيقية..

ولعل ابرز هذه المعطيات هي الحاجة الماسة للمنطقة لمشهد جديد تتنفس من خلاله الصعداء وتتخلص من كل ترسبات الماضي وهو مايعني ان على قاداتها الإدراك الكامل وهم بالفعل مدركين أن أي مصالحات جزئية تتم اليوم ومهما كانت حيثياتها ومبرراتها لن تحقق الاهداف المنشودة على المستويين الآني والمستقبلي بل ستفتح الباب امام اشكالات وازمات جديدة والى حدود تجعل من الحلول غير ممكنة مع ارتفاع منسوب الخسائر التي قد تصل الى تبخر انظمتها عن الوجود وتدخل المنطقة في اتون صراعات اكثر فتكا وتأثيرا..

ومن هنا جاءت دعوة رئيس المؤتمر الشعبي العام في هذا التوقيت المهم الذي تنشغل المنطقة فيه بمقررات القمة الخليجية وهي مقررات بالمناسبة لم تلبي تطلعات شعوب المنطقة في ايجاد رؤية ثاقبة وعميقة تعنى بأمن المنطقة عموما..

وازء كل ما تقدم فإن دعوة رئيس المؤتمر هي ايضا دعوة لمختلف الفعاليات الوطنية اليمنية التي يقع عليها مسؤولية اكبر وبات عليها ان تستجيب لدعوات المؤتمر ومعه القوى الخيرة الداعية الى حوار يمني - يمني يعبر عن تطلعات اليمنيين ويضع مداميك قوية وصلبة لعلاقات بلادهم بالمحيط العربي كفاعل مؤثر في خدمة الأمة العربية والانتصار دوما لمصالحها الاستراتيجية..

ونعتقد ان توفر هذه الرغبة وبصورة صادقة وخاصة لدى اطراف يمنية عدة وبفعل حالة ارتهانها لأنظمة بالمنطقة وبصورة يحتاج الى تحفيز من تلك الانظمة لتشجعها على خوض حوار يمني - يمني ، وتلك مسألة مرتبطة بوجود رغبة هذه الانظمة في مساعدة اليمنيين على خوض حوار مسؤول ويهيئ لهم احواء مواتية لتحقيق ذلك كإيقاف العدوان وفك الحصار وتلك مسؤولية تقع على عاتق كل دول المنطقة ومطلب ملح لكل شعوبها ،وإذا ماتم تحقيق هذا المطلب الاستراتيجي فإن ذلك سيمثل بداية مرحلة جديدة وتاريخية لن تصب في مصلحة اليمن فحسب وانما في منطقتنا والمنطقة العربية عموما..

وذلك مؤشر وحيد لجميع شعوب المنطقة بانتظار توجه حقيقي وصادق نحوه مالم فالنظرة السوداوية لمنطقتنا ستظل قائمة وتستبد بشعوبها القلق والخوف من المصير المجهول الذي لن يرحم الجميع دون استثناء.


تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-59856.htm