حاوره/جمال الورد - أكد مستشار رئيس "المجلس السياسي الأعلى" السفير عبدالإله حجر - رئيس الفريق الوطني للتعامل مع فريق الخبراء الإقليميين والدوليين التابع للمفوض السامي لحقوق الإنسان- أن حلحلة الأزمة اليمنية مرتبطة تماماً بوقف العدوان ورفع الحصار، والكف عن استخدام المال كوسيلة لفرض الرغبات والهيمنة وشراء العناصر الخيانية.
وأشار السفير حجر الى إن فرص السلام حالياً في ظل وصول إدارة جديدة للبيت الأبيض افضل مما كانت عليه في السابق، خصوصاً وأن الرئيس الأمريكي بايدن أكد في حملته الانتخابية أن وقف الحرب على اليمن يعد إحدى أولوياته.
وأكد السفير حجر أن المؤتمر الشعبي العام ممثلاً برئيسه الشيخ صادق بن أمين أبوراس، يمثل قطاعاً كبيراً من أبناء شعبنا، ويعمل بصدق لمصلحة الشعب وليس لمصلحة الحزب.
كما سلط ضيفنا الضوء على مجريات الوضع الراهن، لاسيما في ظل الحديث عن مفاوضات قادمة، منطلقاً في تلمس ملامحها ووجهتها من واقع خبرته الطويلة، فضلاً عن تسليط الضوء على جانب من كواليس الجولات السابقة من المفاوضات... وقضايا أخرى.. إليكم الحوار:
*بداية أهلاً وسهلاً بكم معالي السفير في صحيفة »الميثاق«.. ونود لو تحدثوننا عمَّاذا تتطلب امكانية الخروج من حالة العدوان والصراع من مختلف القوى والنخب الفاعلة من وجهة نظركم؟
-الحقيقة الخروج من حالة العدوان أعتقد أنها تعتمد بشكل أساسي على الطرف الخارجي المعتدي "الجارة السعودية المعتدية" أما ما يخص الجانب اليمني، أعتقد إذا سلمنا من تدخل الطرف الخارجي الذي هو السعودية نستطيع أن نلتقي، ومن يشذ عن هذا فهو يشذ على نفسه، لأنه ليس هناك مشكلة داخلية أو نزاع داخلي نستطيع أن نحل الكثير من خلافاتنا إذا مُنع التدخل الخارجي، وقد سبق في كثير من الحالات أن التقت الأطراف المتنازعة ووصلت إلى توافق حول خطة سياسية وخطة عمل يستطيعون من خلالها إدارة البلد، ولكن في ظل التدخل واستخدام المال كوسيلة لفرض رغبات وهيمنة تكون هناك صعوبة، ولا يوجد مجتمع في العالم تنعدم فيه العناصر الخيانية المستعدة لبيع كل مبادئها مقابل السلطة.
* المؤتمر الشعبي العام دعا في بيان له مؤخراً الى تجاوز اخطاء الماضي واحقاده واعتماد الحوار المسؤول.. ما دلالات هذه الدعوة من وجهة نظركم؟
- طبعاً المؤتمر الشعبي العام عندما يتحدث عن هذا فهو يعبر عن قطاع كبير من الدولة، فالمؤتمر كان الكيان السياسي الوحيد، منذ أن كانت الأحزاب غير متاحة وغير مسموح لها، فهو مكون يحوي كل طوائف الشعب، وله انتشار واسع في جميع أنحاء البلد، ودعوته هذه هي دعوة العقلاء، بأنه يجب أن يتجه الجميع نحو مصلحة الوطن والبعد عن التأثيرات الخارجية، وبالتالي هي دعوة مقبولة وتمثل قطاعات كبيرة من الشعب.
* يقود الشيخ صادق أبو راس - رئيس المؤتمر الشعبي العام - عملية تحديث وهيكلة للحزب والانتقال به من حزب كان حاكماً الى حزب خارج السلطة... كيف تنظرون لذلك من وجهة نظركم؟
- الحقيقة، لا أود أن أكون مادحاً.. ولكن بشكل عام كل من بقي من المؤتمر الشعبي العام في داخل الوطن ويعارض العدوان هو شخص مخلص للوطن، وبالتالي الأخ صادق أبو راس هو أحد أهم الأشخاص الموجودين في المؤتمر وهو يسعى لمصلحة الشعب اليمني وليس لمصلحة حزب أو مكون، ومواقف المؤتمر تجاه العدوان حقيقةً مواقف مشرفة، وقد شارك في مفاوضات السلام في جنيف وفي بيل والكويت الجولة الأولى والثانية، وكان له مواقف مشرفة، وكون أنه حدث ما حدث في ديسمبر 2017، فهذا لا يعمم أي فكرة على عموم المؤتمر الشعبي العام، خصوصاً وأن ما جرى جاء نتيجة تراكمات لسياسات كثير منها خاطئ، وأيضاً المؤتمر يمارس النقد الذاتي في هذه الإجراءات.
* ما قراءتكم للمسار السياسي وطاولة المفاوضات، في ظل المستجدات العالمية ومنها وصول إدارة جديدة للبيت الأبيض؟
- أعتقد أن فرص السلام بوجود هذه الإدارة، أفضل من الإدارة السابقة، لعدة إعتبارات، أولها أن إدارة أوباما في نهاية فترتها تقدمت بمبادرة جون كيري وهي معتمدة بالدرجة الأولى على مبادرة الفريق الوطني الذي يترأسه في الجانبين الأخ عارف الزوكا والأخ محمد عبدالسلام، وثانيها أن إدارة بايدن في حملته الانتخابية أن من أولوياته وقف الحرب في اليمن، ومحاسبة بن سلمان على جرائمه في حق نساء وأطفال اليمن وفي حق المواطن السعودي الأمريكي جمال خاشقجي، هذه التصريحات أعتقد أنه لا بد أن يكون لها أثر في السياسات الفعلية التي ستقدم عليها هذه الإدارة، وباعتبار أيضاً أن لا مصلحة مباشرة للولايات المتحدة في استمرار الحرب على اليمن.. إذا كانت القضية قضية استنزاف للسعودية فهم يستطيعون أن يأخذوا ما أرادوا من الأموال منها دون الحاجة لهذه الحرب، وهذا ما عبر عنه كثيراً ترامب في أكثر من موقف بأنه لولا الحماية الأمريكية للسعودية "الأسرة المالكة" لما استطاعوا أن يبقوا في الحكم يوماً واحداً، وطبعاً هذا هو رأي الإدارة الأمريكية سواءً أكانت جمهورية أو ديمقراطية.
* ما انعكاسات القرار الأمريكي بتصنيف جماعة أنصار الله كمنظمة ارهابية، على الحل السياسي في اليمن؟
- لن تكون له آثار، وكما قال الشاعر: وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ ، فهذا القرار جاء في آخر أيام الإدارة الأمريكية السابقة وهو قرار مدفوع الثمن مسبقاً ، وقرار غير موضوعي، فعندما نتحدث عن الإرهاب يختلف الناس على تعريفه ، فهو أن يكون عملاً يستهدف المدنيين من دولة غير في كل أنحاء العالم، والإرهاب وصفت به القاعدة كونها قامت بأعمال تفجيرية في برجي التجارة العالمي وفجرت في العراق وسوريا ولبنان ومصر وفرنسا وفي أفغانستان، أما قرار تصنيف أنصار الله أو " الشعب اليمني" كما ذكر سياسيون أمريكيون بأن هؤلاء يدافعون عن أنفسهم لا يقتلون الأطفال ولا يقتلون النساء، وبالتالي باعتقادي إنه اذا تم وقف إطلاق النار ووقف الحرب ليس هناك مسار غير المسار السياسي ، والمسار السياسي بدأت تتحدد ملامحه بوجود جبهة وطنية متماسكة فنحن في حكومة منذ 2016 ولدينا وزير خارجية واحد، بينما الطرف الآخر أصبحوا في الحكومة الرابعة وخامس وزير خارجية، لدينا الأمن والأمان والاستقرار ولدينا رؤية واضحة، أما هم فيتمسكون برؤية هلامية، قرار مجلس الأمن في إطلاق 4 أو 5 أشخاص، أما نحن فنتحدث عن إطلاق الأسرى جميعاً، هم يتحدثون عن فك الحصار عن تعز، نحن نتحدث عن فك الحصار عن اليمن بأكملها.. ونتحدث عن مطار صنعاء الذي يخدم الجميع، ونتحدث عن وقف ارتكاب الجرائم والانتهاكات، لدينا موارد محدودة ولكن نستطيع أن ندير بها البلد، صحيح أن هناك أزمة إنسانية ولكن نحن لسنا من تسبب فيها بل العدو الذي أغلق كل الموانئ البرية والبحرية والجوية، وحرض الدول المانحة على وقف المساعدات.
* تعقد هذه الأيام جولة مفاوضات جديدة في العاصمة الأردنية عمان، حول ملف الأسرى، هل ترى أن معالجة هذا الملف الإنساني بداية لمعالجة كل الملفات وإنهاء الصراع الدائر والعدوان؟
- ملف الأسرى ملف إنساني، والحقيقة أن الذي يساعد على التقدم فيه هو ما يقدمه الجانب الوطني من تنازلات كبيرة، حرصاً على أسرانا الذين يعانون معاناة شديدة (تعذيب وسوء معاملة وسوء الاحتجاز) وهذا ما تتحدث عنه منظمات دولية وفريق الخبراء التابع للمفوض السامي لحقوق الإنسان، بالإضافة الى أن أسراهم يتعرضون للضرب الجوي، كما حدث في صنعاء وفي ذمار مكان احتجاز الأسرى، فنحن حريصون ونقدم الكثير من التنازلات ولعل هذه الجولة التي تحدث الآن كان مقرراً لها أن تعقد قبل أكثر من شهر، ولكن جاء التعنت من قبل الطرف الآخر، والأهم من ذلك كله ليس لديهم سجلات واضحة لعدد الأسرى وأماكن احتجازهم لأن هناك تعدد جهات كثيرة فهناك أسرى لدى الإمارات ولدى السعودية، وما يسمى بالمجلس الانتقالي والميليشيات ولدى ما تُسمى بالحكومة الشرعية والجيش الوطني، ليس هناك جهة واحدة تستطيع أن تعرف عدد الأسماء وأماكن احتجازهم، بالإضافة الى أن من يطالبون بهم باعتبارهم أسرى ، هم بعض عناصر القاعدة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم، وفي تصوري أن للأمم المتحدة والمبعوث الأممي دور إيجابي من خلال تقريبهم وجهات النظر وممارسة الضغوط، ونأمل أن يتم النجاح في هذا الملف لأنه ملف إنساني كامل وقد عبرنا عنه في بيل عندما ذكر الأخ محمد عبدالسلام وكنت أنا موجوداً في هذه الجولة وفي جولات الكويت، حينها طرح الأخ محمد عبدالسلام مقترحاً بأن يتم إطلاق سراح 70٪ من الطرفين كبداية، هذا الكلام طبعاً في ديسمبر 2015، ولكنهم رفضوا وقالوا ما يريدون إلا الأربعة المنصوص عليهم في القرار الأممي، وكذلك في مباحثات الكويت وكان موجوداً الأخ عبدالقادر المرتضى، وناقشنا إطلاق كل الأسرى بمن فيهم هؤلاء الأربعة، ولكنهم رفضوا أن يطلق الكل، فالحقيقة هي مأساة عندما تفقد الأسر آباءهم أو إخوانهم أو زوج أحد النساء، وفقدان العائل والأبناء، مأساة إنسانية ولا يستفيد منها أي طرف ولا يمكن أن تتم المساومة بهذه الورقة في طاولة التفاوض، فنحن في صنعاء لدينا عدد من الأسرى من الجنسية السعودية وغيرها من الجنسيات وعاملناهم معاملة حسنة أوصلتهم للوصول لقناعة أن ما قاموا به خطأ وعدوان وهذه القناعة ليست من فرض أو قوة بل من خلال ما لمسوه من معاملة إنسانية.
* مضى على المبعوث الأممي سنوات عدة ولم نَرَ أي نجاح يُذكر في سبيل وقف العدوان وفك الحصار، كما لم ينجح لحد الآن في إقناع الطرف الآخر بضرورة فتح مطار صنعاء، ما تقييمك؟
- المبعوث هو مبعوث للأمم المتحدة، والأمم المتحدة يتحكم فيها مجلس الأمن، ومجلس الأمن فيه ثلاث دول هي المعتدية على اليمن ( أمريكا - بريطانيا - فرنسا) ولذا لا نقيم المبعوث بشخصيته الحقيقية ، لأنني التقيت به في نوفمبر 2017 قبل أن يعين مبعوثاً، وكانت آراؤه تكاد متطابقة مع آراء أي شخص في العالم يقيم الأمور بشكل موضوعي، بأن السعودية معتدية ودولة فاسدة وغير ديمقراطية واستبدادية، وأن إغلاق مطار صنعاء خاطئ لأنه يعاقب شعباً بأكمله، والاستمرار في ضرب الأهداف المدنية لا يتماشى مع قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، هذه كلها أراءه عندما كان مديراً للمعهد الأوروبي للسلام والذي رأسه لمدة عشر سنوات، وعندما أصبح مبعوثاً أصبح محكوماً بأجندة معينة، حتى الأمين العام للأمم المتحدة مقيد بقيود معينة من الولايات المتحدة وحتى من الدول الخليجية التي تتبرع بسخاء لصناديق الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وهذا ما يمكنهم من ممارسة ضغوط كما فعلوا مع الأمين العام السابق بان كي مون الذي جعلوه يرفع السعودية من قائمة العار لانتهاكها حقوق الطفل بقتل أطفال اليمن، بالإضافة الى أن المبعوث الأممي محكوم برؤى مجلس الأمن وتحركاته تجاه قضية ما والتي عادة تخدم مصالحه، المصالح المرتبطة بالدول التي تبيع النفط والدول التي يباع لها السلاح بمبالغ هائلة، وأيضاً مرتبط بطموحات هذه الدول تجاه المنطقة، والرغبة في عودة الهيمنة السعودية والتي تعني عودة الهيمنة الأمريكية، وكذلك مرتبطة بالثروات والرغبة في الاستحواذ على ثروات اليمن ، فاليمن واعدة وقد قال ترامب في حملته الانتخابية إن السعودية ليست حريصة على إعادة الشرعية بل حريصة على نهب اليمن، وكذلك وزير الخارجية الأسبق "ريكس تيلرسون" الذي كان مدير شركة نفط في اليمن وعاش هنا مدة سنتين، يعرف ما تحتويه اليمن من ثروات، إضافة لموقعها الاستراتيجي، فالإدارات الأمريكية دوماً تجعل مصلحة إسرائيل فوق كل المصالح بما فيها مصلحة الشعب الأمريكي، ولذا تسعى واشنطن تأمين الكيان الصهيوني، وتأمين باب المندب من أي تهديد فكما تعرف أنه في حرب أكتوبر 1973 تم إغلاق باب المندب، ولذا يريدون أن يهيمنوا على المنطقة.
* ما الدور الروسي والصيني في مجلس الأمن تجاه الأزمة اليمنية؟
- الصين معروفة بالتأني والدراسة وعدم التدخل، بمعنى هناك نوع من التراكم للحكمة الصينية، يحاولون أن يحافظوا على مصالحهم الاقتصادية في كل منطقة، وعدم الظهور بمظهر العداء، لديهم لا شك مصالح مع دول الخليج، ولديهم تطلع مصالح مع اليمن وإفريقيا، وبالتالي هم يوزنون سياستهم من هذا المنطلق، ولذا تجدهم لا يكونون مع طرف ضد طرف.
أما روسيا فهم يحاولون أن يعكسوا الاستراتيجية النفعية "القصيرة" وليست الإيدلوجيا التي كانت متواجدة في الاتحاد السوفييتي، وبالتالي يرو أن مصلحتهم في بيع الأسلحة، وتدخلها في سورية جاء من رغبة في أن يبقى لها وجود في البحر المتوسط، والحقيقة نحن لم نجد من روسيا أي موقف من المواقف التي يعتد بها تجاه التاريخ الطويل للعلاقات اليمنية الروسية، موقفها كان مخجلاً في مجلس الأمن، تم شراؤه بزيارة من محمد بن سلمان ، وبالتالي لم يعترضوا ولم يوافقوا، ولكن اعتمدوا ما يسمى "الامتناع" وهو ما يعد موافقة ضمنية ونتج عنه صدور القرار 2216، الذي هو قرار فاشل وأدى لاستمرار الحرب في اليمن كونه قراراً متناقضاً لانه يعطي ذريعة في ديباجته للسعودية للتدخل في الشأن الداخلي، وهذا ما يعارض ميثاق الأمم المتحدة وكل الأعراف الدولية، باعتبار أننا تحكمنا مع السعودية اتفاقية الطائف التي تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وأيضاً يتذرع القرار بأن التدخل جاء نتيجة لدعوة من هادي، وهو ادعاء كاذب كون هادي لم يعلم بالتدخل إلا بعد حدوثه هذا من ناحية، ومن ناحيه أخرى لم يكن لهادي في تلك الفترة أي صفة ليحكم اليمن كونه استقال واستقالت حكومته وفر الى السعودية، وهو أيضاُ محكوم بالمبادرة الخليجية والتي يتشدق بها لليوم، رغم أن المبادرة الحليجية مزمنة وانتهت مدتها في 2014، وتم التمديد له مخالفة للمبادرة نفسها أثناء الحوار الوطني، ومددوا له عاماً آخر رغم أنه ليس لهم الحق في التمديد له، وأيضاً انتهت مدة التمديد، والآن أثبت الواقع أن التدخل فشل في إعادة الحكومة، وأن استمرار الحرب على اليمن بكافة سكانه من جميع المحافظات وفرض الحصار الجائر واحتلال الأراضي اليمنية، يثبت أن كل ما يجري مخالف حتى لذات القرار المشترى مسبقاً "2216" وعملية الصمت الدولي ناجمة عن عملية الترهيب والترغيب وصفقات الأسلحة والمصالح الاقتصادية، ولكن ما يشجع مؤخراً هو أن الشعوب تعي ما يحدث وتستيقظ، كذلك البرلمانات والصحف، وأيضاً واجبنا نحن كجانب وطني، رغم وجود حصار سياسي ودبلوماسي كونه لا توجد جهة في الخارج تمثلنا، ولذا علينا أن نكثف الوعي لدى العالم حول الانتهاكات، وباعتباري رئيس الفريق الوطني للتعامل مع فريق الخبراء الإقليميين والدوليين البارزين التابع للمفوض السامي لحقوق الإنسان، قمنا بإعداد تقرير عن انتهاكات العدوان لمدة خمس سنوات، وعقدنا مؤتمراً صحفياً العام الماضي لإصدار التقرير، وأعددنا تقريراً مكثفاً وتتم ترجمته الآن، ونحن في إطار طباعته قريباً إن شاء الله ، ونتطلع أن نستكمل هذا العمل في أقرب فرصة ممكنة وتجاوز العقبات التي توضع سواءً إدارية أو مالية، بحيث يتم نشره على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كاملة، وكذلك الدول الأعضاء في مجلس الأمن، والدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، والمنظمات الدولية خصوصاً وأن لدينا أكثر من 300 منظمة دولية متعاطفة مع اليمن، نريد أن نرسل هذا التقرير بكل اللغات لخلق وعي وثورة في العالم تجاه هذا الاعتداء، خصوصاً وأننا قد شاهدنا بابا الفاتيكان يوجه رسالة لـ "بايدن" ذكَّره بأن ما يجري في اليمن مأساة إنسانية ويجب تجاوزها، وذكَّره أن الرئيس السابق ارتكب جرماً كبيراً في ذلك.
الحقيقة أن التقرير المعد مهم جداً جداً ولابد من تجاوز التعقيدات الإدارية التي أوجدت نوعاً من التأخير والإبطاء في إصداره.
* ما الأوراق القوية التي بيدكم وتستندون إليها في المفاوضات وتعزز موقفكم.. خصوصاً وأن هناك من يدَّعي أنكم لا تملكون شيئاً للتفاوض عليه؟
- الحقيقة ليس صحيحاً أننا لا نملك شيئاً نتفاوض عليه، نحن نفاوض من أجل حقن الدماء ورفع المعاناة عن الشعب اليمني، ونحن أحرص الناس على ذلك، أما من يتواجدون في الرياض فهم لا يعانون، ربما يعانون الغربة فقط، أما الأموال فتُصرف لهم، أما ما نراهن عليه فنحن نراهن على تماسك الشعب اليمني، وأكبر دليل على هذا التماسك هو الخروج الملفت والدفاع المشرف الذي يقدمه اليمنيين، ليس فقط مكون أنصار الله أو المؤتمر بل كل القبائل وكل اليمنيين رغم كل الخلافات، وأيضاً ما نراهن عليه هو هذا التعايش المسالم بين الجميع والحالة الأمنية التي نعيشها، في حين الطرف الأخر يعاني من فوضى عارمة.
نعول أيضاً على مقاتلينا الذين يقاتلون في كل الجبهات بشكل أذهل العالم، وأصبح هذا الأمر مثار شرف وعزة وكرامة للشعب اليمني بأكمله، لا يقاتل مكون من المكونات بل الشعب اليمني بأكمله، عندنا أبطال من المؤتمر وعندنا أبطال من أنصار الله ومن كل المكونات ومن كل القبائل ومن كل المحافظات، لا يقتصر على أشخاص محددين، ويضربون المثل في الإباء والشجاعة والتسامح والكرم والشهامة لا توجد في أي شعب .. ولهذا ننتصر بالرغم من الإمكانات الضئيلة والضعيفة التي لا يمكن أن تقاس بما يمتلكه الطرف الآخر.
* دوماً نسمع حديثاً حول خزان النفط صافر، والكارثة التي قد يتسبب فيها حال تعرضه للتسريب والانفجار، ما آخر ما توصلت له صنعاء مع الأمم المتحدة لمعالجة هذا الأمر؟
- آخر ما توصلنا إليه أنه تم توقيع اتفاق وأصدرت لهم التأشيرات للوصول، وإذا كان هناك مماطلة فهي من قبل الأمم المتحدة نتيجة ضغوط من الطرف الآخر الذي يحرص على أن لا يُستخدم هذا النفط لصالح الشعب اليمني، ونحن حريصون على أن لا تحدث كارثة لأنها ستكون على المنطقة بأكملها.
* شرعتم مؤخراً سعادة السفير بالكتابة عن كواليس المفاوضات من جنيف حتى الكويت وعمان...ما الغاية من ذلك؟
- الحقيقة أن ما دفعني في الكتابة عن المفاوضات هو مقال كتبه عبدالملك المخلافي، وحرَّف فيه الكثير من الحقائق، رأيت أن من واجبي باعتباري كنت الشخص الوحيد الدبلوماسي إلى جانب عميد الدبلوماسية الدكتور أبوبكر القربي، وكنت أسجل الكثير من المحاضر والنقاط في المفاوضات- رأيت أن من واجبي أن أوضح للعالم سواءً اليوم أو مستقبلاً حقيقة ما دار ويدور، ففريقنا كان متماسكاً ويعرف ما يهدف إليه ملف وقف إطلاق النار وفك الحصار والوصول لحل سياسي مقبول لكل الأطراف، وحدثت تنازلات لا يمكن أن يتصورها إنسان، رغم أنك في موقف قوة وفي داخل بلدك وتملك قرارك ، والآخر في الخارج لايملك قراره ورغم ذلك نتنازل له ونقول نحن على استعداد لتوقيع اتفاق سياسي وعسكري وأمني في وقت واحد، يمهد لتشكيل حكومة مشتركة ويتفق على رئاستها ويتم الاتفاق على اللجنة العسكرية، ويتم التمهيد لحكومة انتقالية تمهد لانتخابات رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، ونحقق الأمن والأمان والسلام للبلاد.
* أنتم أهل باع طويل في السلك الدبلوماسي، كيف تفسر واقع الدبلوماسية اليمنية وهل من خطة تحديث وتنمية وصول الكفاءات الوطنية مستقبلاً بعد انتهاء العدوان.. خصوصاً وأن أغلب السفارات تتبع الطرف الآخر وتعمل على قلب الحقائق عما يجري في الداخل؟
- الحقيقة أن الدبلوماسية اليمنية عانت من مرض وهو تقريباً نفس المرض الذي عانت منه كافة مؤسسات الدولة وهو التدخل الخارجي، أيضاً قريباً إلى تشخيص ما تعانيه الدبلوماسية اليمنية أن وزارة الخارجية اليمنية تولاها رموز كبيرة ولم يكونوا منشغلين بتحسين أدائها بقدر ما كانوا منشغلين بإدارة سياسة الدولة، سواءً من عند عبدالله الأصنج، أو الدكتور عبدالكريم الإرياني، أو الدكتور حسن مكي وكذلك أحمد الأصبحي والأخ علي لطف الثور باعتبارهم وجوهاً بارزة، إلا أن الدكتور أبو بكر القربي حقيقةً كان له بصمة كبيرة ورائعة إذ حاول أن يخلق شيئاً، واستطاع أن يدخل مجموعة من الشباب المثقف الواعي.
وأرى مستقبلاً أنه لابد أن تتم إعادة النظر في ما حدث من تغييرات جوهرية في إطار وزارة الخارجية سواءً تعيينات غير متوافقة مع لوائح التعيين أو القانون الدبلوماسي، يجب أن تتم إعادة النظر في كل ما حدث في وزارة الخارجية وتقييمها تقييماً موضوعياً بحيث تتلاءم مع قانون الوزارة والقانون الدبلوماسي الذي يحتاج اعادة النظر فيه بشكل عام، بالإضافة الى ضرورة إعادة النظر في خارطة التمثيل الدبلوماسي بشكل عام.
|