حاوره/ جمال الورد - قال الدكتور خالد فاضل السبئي - عضو مجلس الشورى القائم بأعمال الامين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي- إن ما يتردد حالياً من تصريحات تدلي بها الإدارة الأمريكية الجديدة لا يعدو عن كونه زوبعة إعلامية لا أثر لها على أرض الواقع، وسيظل التعامل معها كذلك إلى أن يتم تطبيقها ولمس تغيير جاد في سياسة واشنطن تجاه العدوان على اليمن.
وأكد السبئي في حوار أجرته معه صحيفة "الميثاق" أن الإدارة الأمريكية بتصريحاتها الأخيرة كشفت للعالم تورطها في العدوان على اليمن، ومدها لدول تحالف العدوان بكل المعلومات والجهد الاستخباري والمعلوماتي بالإضافة للقنابل والصواريخ التي ضُرب بها شعبنا اليمني على مدى ما يقارب ستة أعوام.
ودعا السبئي القوى المناهضة للعدوان إلى الشراكة الحقيقية والحوار البيني لتكوين جبهة قوية والاستعداد لأي حوار قادم، يستطيعون من خلاله تقديم رؤية موحدة تخدم وطننا وشعبنا الصامد.
* بداية لو تحدثوننا عن الفرص المتاحة لانهاء العدوان والصراع في ظل الزخم السياسي الذي نسمع عنه دولياً؟
- بالنسبة لتصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة، هي مجرد تصريحات، متى نلمسها، عندما تتحول إلى افعال، أما الآن فهي لا تعدو عن كونها تصريحات إعلامية لها اغراض ولابد ان نضع تحتها كثير من الخطوط والاستفهامات، لأننا لم نلمس على أرض الواقع أي تغيير، ويكفي انها لحد الآن كشفت الإدارة الأمريكية أنها الداعم الأول والأساسي للعدوان الذي كنا نتحدث عنه منذ الوهلة الأولى بأن من يشن علينا العدوان هي الولايات المتحدة الأمريكية عبر أدواتها من الممالك والمشيخيات الخليجية، وليس أحد غيرها، وتصريحات بايدن الأخيرة كشفت للعالم ذلك، لأن من يزود العدوان بالإحداثيات والمعلومات الاستخبارية ويزود الطائرات بالصواريخ والقنابل المحرمة دولياً هي امريكا وبريطانيا وفرنسا، وغيرهم من دول الاتحاد الأوروبي، ولذا كما اسلفت أن ما يصدر عن واشنطن للآن لا يعدو عن كونه كلاماً إعلامياً مستهلكاً لا أثر له على ارض الواقع، وعندما تتحول الى افعال حينها سنقول بان هناك تغييراً في موقف واشنطن، وما علينا فعله الآن هو استمرارنا في الصمود والاصطفاف بجانب جيشنا واللجان الشعبية وسنستمر في ذلك الصمود الى ان يُكتب النصر عما قريب.
* ما المطلوب من مختلف القوى والنخب الفاعلة المناهضة للعدوان، وبِمَ تدعونها ؟
- المطلوب من القوى المواجهة للعدوان انه كما صمدوا في مواجهة العدوان لابد ان يشتركوا في كل ما يهم الوطن من قرارات وحوارات سياسية او حوار قادم، لابد من اشراك الاحزاب السياسية الوطنية الموجودة على الساحة بكافة فصائلها وليس من خلال التكتلات والمسميات السابقة، حتى لا يتم تهميش احد ولا يتم تكرار الأخطاء السابقة التي ارتكبتها الأحزاب التي هيمنت على المشهد كحزب الإصلاح وهيمنته على اللقاء المشترك وخلافه، وغيره من بقية التنظيمات والأحزاب، ولذلك ما دام هناك مكون او مكونات شاركت في هذا الصمود ومواجهة العدوان لابد ان يكون هناك حوار بينها قبل أي شيء ، حوار يمني - يمني حتى نستعد لأي حوار قادم ونكون جميعاً بصوت واحد ورأي واحد، حتى لا يتم اختراق صفوفنا وإثارة الخلافات، ولذا لابد أن نستعد خصوصاً وان القادم هو حوار يمني -يمني مهما كان، لأن اليمن ملك للجميع وليست ملكاً لفصيل بعينه، بل ملكاً للشعب اليمني الذي من خلال قواه السياسية سيشق طريقه نحو المستقبل ويختار الأنسب له في طريقة الادارة والحكم، تحت مظلة وسقف الوطن.
*المؤتمر الشعبي العام دعا في بيان له مؤخرا الى تجاوز اخطاء الماضي واحقاده واعتماد الحوار المسؤول، ما دلالات هذه الدعوة من وجهة نظركم؟
- بالنسبة لبيان المؤتمر الشعبي العام، نعم الكل مدعو اليوم لتجاوز الأخطاء والأحقاد وكل الضغائن التي تعكر صفو الصمود الوطني لمواجهة هذا العدوان، لذا الكل مدعو للحوار فيما بيننا، الحوار المسؤول، ولذا ازكي وأشيد بمثل هذه الدعوات الوطنية النابعة من تنظيم وطني يدافع عن وطنه أرضاً وإنسانا، ويقف الى جانب الوطن بغض النظر عن المسميات الأخرى التي تنتحل الصفات هنا او هناك، فهي لا تمثل الا نفسها في الخارج، او اينما وُجدت، اما بالنسبة لقيادة المؤتمر الشعبي العام الموجودة حالياً ممثلة بالشيخ صادق بن امين أبو راس فنعتز بمواقفه الوطنية بجانب وطنه، ولقد اثبت العدوان من هو مع الوطن ومن كان يعتبره مجرد فندق عندما تنتهي الخدمة او تسوء يغادر للبحث عن فندق آخر، ولذا نجل ونقدر قيادة المؤتمر الموجودة ممثلة بالشيخ صادق والى جانبه رفاقه واخوانه من القيادات المؤتمرية التي تقف للدفاع عن اليمن من خلال صمودها المشهود.
* يقود الشيخ صادق أبو راس - رئيس المؤتمر الشعبي العام - عملية تحديث وهيكلة للحزب والانتقال به من حزب كان حاكماً الى حزب خارج السلطة.. كيف تنظرون لذلك من وجهة نظركم؟
- ما يقوم به الشيخ صادق من تحديث للحزب هو العمل الصحيح، لان أي تنظيم سياسي يحتاج للتحديث والتكيف مع متطلبات الواقع ومتغيرات وتطورات العالم من حوله ولا يبقى جامداً، ولذا ان عملية تطوير وتحديث الحزب بادرة طيبة من قيادات الحزب لتطوير نفسها من الداخل وتطوير هيكليتها بما يتناسب والواقع الحالي، خصوصا وان المؤتمر حزب عريق شارك فيه الجميع من مختلف المشارب الفكرية والحزبية، وهي من أسست المؤتمر في ثمانينيات القرن الماضي، ولذا لابد من تكيف الحزب سواء أكان في السلطة او خارجها وعلى ذلك يؤهل كوادره في اطار الأدبيات والأفكار التي يمتلكها هذا التنظيم، ولابد من الاستفادة من التجربة الغنية التي اكتسبها الحزب خلال امساكه بالسلطة، وتجنب الأخطاء التي حدثت، فلا احد كامل والحياة السياسية من خلال ممارستها تحدث الكثير من الامور الايجابية والاخطاء ايضاً.
ولذلك انا متأكد انه كما تمكن هذا القائد ومن حوله رفاقه ان ينتشل المؤتمر الشعبي العام بعد الأزمة التي تعرض لها بعد رحيل رئيسه السابق علي عبدالله صالح، باستطاعته ان يخرجه من كينونة ما يسمى (حزب السلطة) الذي لا يستطيع العيش خارجها، ولذا فهو يسعى لتكييف الحزب على كل الظروف سلطة او معارضة، حتى يبقى صامداً في وجه كل الظروف والعواصف التي تشهدها الحياة السياسية والتي تفرض ان يكون مواكباً لذلك، وكلما حدَّثت الاحزاب من داخلها كان دليلاً على ثباتها وقدرتها على بناء ذاتها والاجدر بالبقاء أيضاً.
* تعليقكم على رؤية حزب المؤتمر إزاء حوار يمني - يمني كمخرج قوي يضمن رؤى كل الأحزاب والجماعات السياسية ويحقق قاعدة مجمعاً عليها لبناء الوطن؟
- نعم جميعنا مع حوار يمني - يمني وكما اشرت سابقا لابد ان يوجد حوار بيننا كيمنيين كقوة سياسية فاعلة على الساحة اليمنية ونخرج برؤية وطنية متكاملة لمواجهة اي حوار قادم وكذلك لبناء اليمن المستقل القرار والسيادة، لأننا ابناء وطن واحد وكلٌّ يشارك بما لديه، وعندما تصب كافة الرؤى من مختلف المشارب السياسية في بوتقة واحدة سنخرج برؤية وطنية جامعة لنا جميعاً، لان الوطن ملكنا جميعاً، وما دور الأحزاب والقوى السياسية الا عكس تطلعات الشعب وغاياته في مشروع وطني جامع لبناء اليمن الارض والإنسان.
* باعتبارك عضو مجلس الشورى، ما الأدوار المناطة بكم، وهل ترى ان هناك حاجة لإصلاح المجلس وتفعيل دوره باعتباره غرفة التشريع الثانية؟
- بحمد الله تعالى منذ تعييني في مجلس الشورى قد ساهمت بشكل لا بأس به " لا أقول انني راض كلياً عن نفسي" لأنني كنت أرجو ان اقدم الكثير والكثير، الا ان ما نمر به من ظروف ويتعرض له وطننا من عدوان عرقل الكثير من الأمور، ولذا نحن نعمل في اطار ما هو ممكن، من خلال التقارير واللجنة التي انا نائب الرئيس فيها، وهي لجنة الاعلام والثقافة والشباب والرياضة، وكذلك مساهمتي من خلال تراسي عدداً من اللجان الاقتصادية والصحية والزراعية منذ تعيني في المجلس، ولذا قدمنا ما نستطيع وما هو متاح عبر المجلس، وانتم تعرفون أن ظروف الجهاز الاداري بشكل عام هي ظروف صمود في ظل هذا العدوان ولا نستطيع ان نقوم بما نطمح اليه، ولكننا نأمل ان نقوم بما نطمح عند استقرار الاوضاع، وسوف نستطيع ان نقدم بما لدينا من خبرة وكفاءة لخدمة الوطن كوننا جنوداً مجندين لخدمة الوطن ونقف سوياً لبنائه.
وبالنسبة لاحتياج المجلس للاصلاح، الحقيقة المجلس حالياً يحتاج للدعم الكامل أيضاً، أما في الظروف الطبيعية طبيعي انه يحتاج لتحديث واصلاح للقيام بدوره كغرفة تشريعية ثانية، وبنفس الوقت كونه يمتلك نخبة من القيادات والاعيان ذوي الخبرة الذين لابد ان يكونوا مستشاري رئيس الدولة فبخبرتهم يستطيعون ان يحققوا الكثير والكثير لما يخدم الوطن، كون اليمن بحاجة ماسة لكافة ابنائه وهذه الشريحة التي تنضوي تحت هذا المجلس هي شريحة المجتمع اليمني التي لها الخبرة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وخلافه، وبإمكانها المساهمة في بناء اليمن حتى نصل جميعنا الى ما يطمح له الشعب من الاستقرار والامن الاقتصادي والسياسي كون ابناء اليمن مظلومين فعلاً، ولذا نقول الى هنا ويكفي فقد آن الأوان للشعب ان يستقر ويبني حياة اقتصادية مريحة ومستقبلاً زاهراً للأجيال القادمة من خلال الاستفادة من كل الامكانات والموارد والثروات التي يزخر بها اليمن ولأجلها يحاول المعتدون ان يبقوها في باطن الارض حتى لا يستفيد منها اليمنيون ويبقوهم مجرد محتاجين يعيشون على الكفاف.
* تعقد هذه الأيام جولة مفاوضات جديدة في العاصمة الأردنية عمان، حول ملف الأسرى، هل ترى أن معالجة هذا الملف الإنساني بداية لمعالجة كل الملفات وإنهاء الصراع الدائر والعدوان؟
- بالنسبة للملف الانساني أرجو ان تكون هي بداية فعلية لنهاية كل الملفات التي تتم معالجتها لإنهاء هذا العدوان عموماً، فهذا ملف انساني يفترض ان يعمل الجميع لإنهائه حتى يعود الناس لذويهم، فالجميع يمنيون سواء الأسرى الذين وقعوا وهم يدافعون عن وطنهم وكرامة شعبهم، او أولئك الذين غرر بهم المعتدون واستغلوا حاجتهم وجندوهم مقابل الفتات ووقعوا في الأسر ايضاً، ففي النهاية الجميع يمنيون ولابد لهذا الملف ان يعالج بعيداً عن المكايدات السياسية والارتهان لهذا الطرف او ذاك، حفظاً للكرامة الانسانية عموما وللإنسان اليمني بشكل خاص، لذا نأمل ان يكون هذا الملف فعلياً بداية النهاية لكافة الملفات العالقة.
* باعتبارك أكاديمياً أيضاً في علم السياسة والعلاقات، ما دور النخب المثقفة والأكاديمية في تطوير التخطيط الاستراتيجي الذي يغيب فعلياً عن العمل المؤسسي اليمني، و ما السبيل لتفعيله والالتزام به كمسار علمي منضبط للنهوض؟
- إذا توفرت القيادة السياسة الوطنية القوية ، حينها ستعمل على إيجاد خطط استراتيجية فعلية، وتعمل على تطبيقها قانونياً وإلزامياً من أجل رفعة الوطن وتقدمه، وكذلك تحقيق تنمية شاملة فعلية وليست وهمية، وفي سبيل ذلك لابد من تصحيح بعض القرارات من خلال تحديد ما هو الغلط وما هو الصواب، وتحقيق المساواة والتكافؤ في فرص العمل بين الموظفين والعاملين، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب"، وعندما نقول الرجل المناسب في المكان المناسب من موظفين أكفاء في المناصب والوظائف الوسطى والعليا، لتتحقق مقولة من اهم مقولات النجاح في تاريخ البشرية بان "الشخصية التي تجسد رجولة المكان نفسه" بحيث يكونون قدوة حسنة للموظفين الأقل منهم درجة، التي تعكس إصرارها على استئصال تفشّي ظاهرة الفساد كونه أخطر الظواهر على الشعوب على المستوى العالمي التي يمكن أن تواجه الاتجاه التقدمي ، وفي سبيل ذلك قدمنا العديد من الدراسات العلمية وعقدت الكثير من الورش وهناك مخرجات عدة تدعو لتبني فكر عملي ومنهج استراتيجي لإعداد خطط حكومية لكل مؤسسة ووزارة تعمل على تحقيق ما يتطلع له اليمن واليمنيون، ولابد ان يترافق ذلك مع وجود رقابة فعلية صارمة وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب ، فالمؤسسات التي لا تلتزم بالخطط ولا تفعل التخطيط الاستراتيجي وتتعامل به تخضع للمساءلة الحقيقية وفقاً للقوانين النافذة، فلا يمكن أن يتحقق نجاح لأي بلد وهو يتحرك بعشوائية في القرارات وعدم استعداد للمستقبل، ولأجل ذلك يجب على أفراد المجتمع والنخب المثقفة والأكاديمية والسياسية العمل الحثيث وبشتّى السّبل والأشكال للتحول إلى العمل المؤسسي الاستراتيجي.
|