أحمد الزبيري - اعتادت قناة "الجزيرة" القطرية على اجراء لقاءات مع السفير البريطاني مايكل آرون لدى ما تسمى بشرعية الرياض مع كل تطور في مسارات مواجهة العدوان على اليمن والذي تدرك القناة ومن يقف وراءها الدور المحوري البريطاني في هذا التحالف العدواني على شعبنا والذي يوشك ان يدخل عامه السابع.
هذه المرة جاء لقاء برنامج بلا حدود لقناة الجزيرة مع الانتصارات التي يحققها ابطال الجيش واللجان الشعبية على طريق تحرير مدينة مأرب من الاحتلال السعودي وتحالفه الرباعي وكأن ذلك جزء من محاولة وقف أي تقدم في مواجهة هذا التحالف الإجرامي الخبيث والبغيض.
إجابة السفير البريطاني كانت واضحة في مختلف الاتجاهات ومواكبة للمتغيرات التي احدثها الخطاب السياسي الأمريكي في ظل الإدارة الجديدة للرئيس بايدن والذي مازال لم يتجاوز الطور الإعلامي والذي وضحه اكثر آرون في اصرار بريطانيا على استمرار الدعم العسكري للنظام السعودي ، مما يعني استمرار هذه الحرب العدوانية الوحشية القذرة على الشعب اليمني وكأن تصريحات الرئيس الأمريكي وإدارته حول وقف بيع الاسلحة والعتاد العسكري للسعودية تأتي من باب توزيع الأدوار بين الولايات المتحدة وبريطانيا، فهذا يوقف وذاك يستمر، ومن يعرف طبيعة العلاقة بين بريطانيا والولايات المتحدة يتأكد أن الوقف الأمريكي لبيع السلاح ليس سوى إعطاء بريطانيا دوراً أكبر في سياق استعادة العلاقة مع الحلفاء الموثوقين وليس هناك بالنسبة لأمريكا من هو أكثر موثوقية في أوروبا من بريطانيا.
في تلك المقابلة كانت بريطانيا أكثر وضوحاً في أهداف وغايات العدوان على اليمن والمتمثلة في الاصرار على تقسيم اليمن والسيطرة على مناطق الثروات ومن ثم التخلص من التكلفة الأخلاقية والقانونية الإنسانية لشراكة أمريكا وبريطانيا في العدوان بترك اليمنيين يتقاتلون فيما بينهم لتسهيل تحقيق المشاريع الاستعمارية الجديدة القديمة لبريطانيا بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ويكفي هنا الإشارة إلى ما قاله السفير البريطاني حول ما يجري في المحافظات المحتلة وتحديداً عدن وإشادته باتفاق الرياض الفاشل بين المجلس الانتقالي وشرعية الفنادق وحديثه عن ضرورة وقف ما اسماه الهجوم الحوثي على مأرب والعودة للمفاوضات التي يدرك أنها في ظل العدوان والحصار لم تكن إلا خطوة عبثية اسوة بالخطوات السابقة التي كانت نتائجها معروفة وترمي إلى كسب الوقت لعل وعسى أن يحقق ذلك أهداف الحرب الكونية على الشعب اليمني ،التي لم ولن تتحقق مهما حاولت الأطراف الرئيسية تغيير لغة خطابها تجاهها.
ملامح وطريقة رد السفير البريطاني على أسئلة محاوره كانت تنضح بنوع من المرارة والقلق من مجريات الأمور وخشيته الكبيرة من هزيمة أدواتهم الإقليمية والمحلية وفي صدارتهم حزب الإصلاح أو إخوان اليمن لأن تحرير مأرب من ميليشيات هذا التنظيم سوف يعني انتهاء الدور الوظيفي له ،والتأثير على المطامع البريطانية في عدن والمحافظات المحتلة بعد أن أوكلت هذه المهمة للمجلس الانتقالي الذي واضح أنه يحقق اهداف المستعمر القديم وإن كان حتى الآن بواجهة إماراتية.
الخبث والدهاء البريطاني لا يكفي في ظل التطورات الجديدة التي تشهدها أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون وفي مقدمتهم بريطانيا .. وبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي تسعى إلى استعادة بعض امجادها الاستعمارية القديمة في محاولة لاعتساف التاريخ وقوانينه.. والشعب اليمني الذي خاض معركة التحرر الوطني وطرد الاحتلال البريطاني لن يسمح لبريطانيا أن تعود عبر نافذتها في الخليج مشيخية الإمارات.
صحيح أننا نريد السلام والحل السياسي ، وأن نواجهه حرباً عدوانية فُرضت علينا ولكن ما قدمناه من تضحيات يجعلنا لا نقبل بأقل من يمن موحد كامل السيادة ومستقل ، وهذا ما ينبغي أن تفهمه بريطانيا وأمريكا وأدواتهم في المنطقة ، فبعد ست سنوات من العدوان والحصار فإن أقل من سلام شامل يضمن الاستقرار والندية والاحترام وعدم التدخل في الشئون الداخلية لليمن لن نقبل به ، ولن تؤثر علينا ألاعيب بريطانيا وأمريكا وأدواتهما فإن أرادوا السلام فلابد أولاً من وقف العدوان ورفع الحصار ، وماعدا ذلك فهو كلام فارغ وبيع لوهم سيرتد على المعتدين وبالاً وسيجعل الثمن أكبر من قدرتهم على تحمله.
|