الدكتور/محمد يحيى الخالد ❊ - مطلع الشهر الجاري فبراير فُجِعنا بفقد واحد من القيادات الإدارية الكفؤة والكوادر الإبداعية والمهنية الناجحة التي عملت بكل حرص ومسئولية من أجل الارتقاء بالعمل الإداري والمؤسسي وتصحيح مجمل الاختلالات والسلبيات التي أثرت على العمل الإداري وأسهمت في بروز الفساد..
إنه القائد الإداري الأستاذ إدريس الشرجبي -وزير الخدمة المدنية والتأمينات، رئيس مجلس أمناء المعهد الوطني للعلوم الإدارية، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد صراع مع المرض وبعد حياة حافلة بالنضال والعطاء في خدمة الوطن..
كان للمناضل الأستاذ إدريس الشرجبي دور مشرف في مقاومة العدوان وفضح جرائمه كما كان من أفضل القيادات الإدارية الوطنية المخلصة التي حققت نجاحاً منقطع النظير في كل الأعمال والمهام والمناصب التي تولاها وأثناء تحمله مسئولية قيادة وزارة الخدمة المدنية والتأمينات ورئيسًا لمجلس أمناء المعهد الوطني للعلوم الإدارية فقد سعى إلى تصحيح الكثير من الاختلالات السائدة ووضع الحلول والمعالجات لها ، كما كان واحدًا من القيادات التي كان لها إسهامات بارزة في المجال الإداري والسياسي وأسهم في نشر البحوث والدراسات الهادفة إلى اصلاح الجهاز الإداري وتلافي كل الأخطاء السائدة..
ونحن هنا عندما نتحدث عن فقيدنا الراحل الأستاذ إدريس الشرجبي فإننا نتحدث عن قامة إدارية كون الإدارة تعد العامل الرئيسي والأساسي في تحقيق الإنجاز وتلافي كل الاختلالات السائدة والمتوقعة وهذا ما كان يعمل ويؤكد عليه الأستاذ إدريس الشرجبي اثناء اجتماعاته المختلفة مع قيادات الوزارة وعمادة المعهد الوطني للعلوم الإدارية وكافة الفعاليات التي يحضرها ، كما كان يؤكد على أهمية الإدارة ومسئولية الكوادر الإدارية الكفؤة والمؤهلة في تجاوز الاختلالات والاتجاه بكل الصدق والمسئولية نحو خلق وإيجاد مؤسسات إدارية تعمل في إطار واضح من المهنية بكل كفاءة واقتدار..
ومن هنا استطاع الأستاذ إدريس الشرجبي كونه واحدًا من القيادات الإدارية الكفؤة التي تمتلك الكثير من القدرات والمهارات القيادية الوصول إلى مستوى عالٍ من الانجاز في إطار مهامه ومسئولياته في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات..
كان الأستاذ إدريس الشرجبي يعي جيداً معنى الإدارة المسئولة التي تتخذ من الوسائل العلمية المستخدمة في اتخاذ القرارات وأداء الوظائف الإدارية المتعددة سبيلاً لها ، إضافة إلى التكيف مع شتى الظروف المحيطة بها ، ومن هنا كانت توجهاته تمضي في طريق تفعيل المهارات الإبداعية وبناء القدرات من خلال التأهيل المستمر للكوادر الإدارية لمواكبة كل العلوم الإدارية التي تشهد تطوراً على الدوام.. فالعمل الإداري الذي يسير وفق معالم واسس واضحة وبينة تعد أساسًا لتحقيق النجاح والوصول إلى الإنجاز المتوقع.. وهذا الدور كان واضحاً وجلياً من خلال ما أبداه من حرص شديد على ضرورة الدفع بدور المعهد الوطني للعلوم الإدارية باعتباره بيت الخبرة اليمنية التي من شأن أهدافه وبرامجه ونشاطاته ان تصب في بوتقة التنمية الإدارية من خلال التجسيد الحي بالاهتمام بالعنصر البشري وتدريبه وتأهيله باعتباره هدف التنمية ووسيلتها معًا وباعتبار أن دور المعهد ضروري وملح في رفع مستويات الأداء الإداري لكافة المدخلات الوظيفية لجهاز الدولة وتفعيل البحوث والدراسات الكفيلة بتحليل المشكلات الإدارية المعقدة وإيجاد المعالجات الناجعة لها من خلال تنمية إدارية شاملة تسخر جميع عواملها وإمكاناتها الإدارية التخطيطية والتنظيمية والإشراقية والرقابية والتقييمية في بوتقة التدريب والتأهيل المستمر وهو هدف ظل فقيدنا الكبير يناضل من أجل تحقيقه بالرغم من تواضع وشحة الإمكانات بل وانعدامها في أحايين عدة جراء العدوان والحصار الذي يعاني منه شعبنا ومختلف مؤسسات الدولة اليمنية عموماً.
حيث كان من أبرز تفاعلاته رحمة الله عليه مع خطط وبرامج المعهد وخطته المقرة جعل العملية التدريبية تتم في إطار من الانسيابية وبالصورة التي يتواكب معها اهتمام مختلف أجهزة الدولة بالتدريب وجعله عملية مستمرة والعمل على تسخير الإمكانات المادية والبشرية لهذه العملية الاستراتيجية التي يستحيل بدونها السير باتجاه المستقبل الأفضل وكذا يستحيل في غيابها تنفيذ مبدأ »يدٌ تبني ويدٌ تحمي«، كخيار وحيد لعملية بناء الدولة اليمنية الحديثة وفق الرؤية الوطنية المرتكزة على المثل والقيم الإدارية الحديثة المتجاورة باقتدار علمي ومهني لكل المنغصات والاعتوارات التي تعتري أنشطة وفعاليات مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة المركزية واللامركزية..
ومن هذا المنطلق كان نشاط فقيد الوطن الأستاذ إدريس الشرجبي بوزارة الخدمة المدنية والتأمينات وهى الجهاز الحكومي الأكثر ارتباطاً بهموم الإدارة وإصلاحاتها -كان نشاطه لم يغادر لحظة هذا الهم واستشعار بالمسئولية الوطنية في مجال الإدارة والتحديث حيث ترك بصمات جلية تجسد هذا الهم ويتطلب من الوزارة في القادم القريب مواصلة هذا النهج المهني وبصورة أكثر فاعلية تحقق حلم وزيرنا الراحل من خلال المزيد من التجسيد الأمثل لمهام الوزارة وحتى تصبح معالم واضحة لسير العمل وتجسيد مبدأ الإدارة بالرؤية التي كان يؤمن بها ويحرص من خلالها على ترسيخ المشاركة الجماعية لكافة القطاعات وبما يعزز من التوجهات صوب تنفيذ الأهداف المنشودة وبهذا تمكن من عكس المفهوم الحقيقي للإدارة من باب الشراكة والمشاركة وتحقيق الغاية الحقيقية منها..
رحم الله فقيد الوطن الأستاذ إدريس الشرجبي ونسأل الله العلي العظيم ان يتغمده بواسع رحمته وأن يلهمنا جميعًا الصبر والسلوان..
وأن يمكننا جميعًا من السير باتجاه الإدارة العلمية الحديثة وبناء دولة المؤسسات التي كانت تمثل همه الأول بل وهمنا جميعاً باعتبارها الاتجاه الأمثل نحو يمن جديد ينعم بالتنمية القائمة على أُسس وقواعد راسخة وثابتة أساسها الإدارة ومتطلباتها من الحرفية والمهنية.
❊ عميد المعهد الوطني للعلوم الادارية
|