الميثاق نت: -
السعودية طرف رئيسي في العدوان على اليمن وهذه حقيقة يعلمها الجميع وتقديمها للمبادرة الأخيرة لا يعكس نواياها في تحقيق السلام كما تزعم بقدر ما تعكس رغبتها في استمرار العدوان وزيادة معاناة الشعب اليمني جراء الحصار الذي تفرضه منذ بداية العدوان الذي دخل عامه السابع ..كما أن بيانات الترحيب التي صدرت من عدد من الدول لا تعبر بالضرورة عن رؤيتها للسلام وإنما تماهٍ مع الموقف السعودي ومحاولة لتبرير الجرائم التي ارتكبتها السعودية والامارات والدول المتواطئة معها ..
فماهي دوافع السعودية ومبرراتها التي تقف وراء تقديمها لهذه المبادرة من وجهة نظر الحكومة اليمنية وعدد من المحللين الدوليين؟
ولهذا فمن المستبعد أن يؤدي مقترح السعودية التي تقود العدوان لـ"وقف شامل لإطلاق النار" في اليمن حسب محللين لا سيما وأن حكومة صنعاء سارعت إلى رفضه واعتبرته تنصلاً سعودياً عن مسؤولياتها ومشاركتها في العدوان كون السعودية طرفاً وليس وسيطاً.
غير أن بعض المحللين يعتبرون أن السعودية تسعى من خلال العرض لإظهار حكومة صنعاء على أنهم الطرف "المعتدي".
* هل يبدل المقترح الوضع؟
لا يغير المقترح أي شيء طالما أنه لم يلق قبولاً من حكومة صنعاء التي رفضت مؤكدة أن "لا شيء جديد" فيه.
وعرضت المملكة ضمن مبادرتها تخفيفاً جزئياً للحصار البحري والجوي الذي تؤكد أنه ضروري لمنع تهريب الأسلحة من إيران كما قالت..
ويتضمن المقترح خطة لإعادة فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات الإقليمية والدولية المباشرة، وتخفيف الحصار على ميناء الحديدة غرب اليمن.
حكومة صنعاء جعلت من فتح كل المجالات الجوية والبحرية في اليمن، وهي تحت السيطرة السعودية شرطاً أساسياً لأي حوار.
* وقال المحلل في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبري: "يبدو أن المقترح السعودي يعزز فكرة أنه يتوجب على حكومة صنعاء تقديم تنازلات هنا وهذا لن يلقى استجابة من المفاوضين في صنعاء".
وبحسب سالزبري فإن "رد صنعاء كان واضحا: يقولون إنه عرض قديم وإنهم كانوا واضحين في موقفهم- إزالة كافة العوائق على الحركة في الحديدة ومطار صنعاء".
*لماذا تأتي المبادرة الآن؟
تواجه السعودية ضغوطاً عسكرية شديدة.. الجيش اليمني يشن هجمات شبه يومية بالصواريخ والطائرات المسيرة على المدن السعودية، منها ما يستهدف منشآت البترول التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات ومنها ما يستهدف المطارات والقواعد العسكرية..
ويدعم تحالف العدوان بقيادة السعودية القوات الموالية لهادي المنتهية ولايته سعياً لصد هجوم قوات صنعاء باتجاه محافظة مأرب الغنية بالنفط والتي تعد آخر معقل لهادي في شمال اليمن.
* ويرى الأستاذ في جامعة أوتاوا الكندية توماس جينو أن "السعودية تخسر الحرب وتريد مخرجاً".
ويأتي المقترح السعودي الأخير على الرغم من فشل وقف إطلاق النار المؤقت من جانب واحد الذي أعلنه تحالف العدون في ابريل الماضي في إطار جهود التصدي لوباء كوفيد-19 .
* ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية كيسي كومبز: إنه "على غرار وقف إطلاق النار في 2020م فإن (السعودية) تقدم نفسها كساعية للسلام (دون) الخضوع لمطالب حكومة صنعاء ".
وأضاف: "مع العلم التام بأن حكومة صنعاء ستواصل القتال من أجل مأرب وإطلاق الصواريخ (على المملكة)، تراهن السعودية على أن تصور هذه الخطوة حكومة صنعاء على أنهم المعتدون".
*هل سيؤثر على الوضع الإنساني؟
* يرى الباحث غريغوري جونسون أنه من غير المرجح أن يؤدي العرض السعودي إلى "تغيير كبير" على صعيد القتال في البلاد.
وتحذر منظمات الإغاثة من أن استمرار القتال يهدد بمفاقمة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم، وتسرع من الدفع باليمن نحو المجاعة.
*وأكد المجلس النروجي للاجئين -الثلاثاء الماضي- أنه "مع دخول أسوأ أزمة إنسانية في العالم عامها السابع، قد ينزح 672 ألف شخص بحلول نهاية 2021م في حال استمرار مستويات العنف الحالية".
وحذر المجلس من أنه "إذا استمر النزاع لن يكون امام اليمنيين الذين يواجهون اصلاً ازمة انسانية قصوى سوى ان يتوقعوا تدهور وضعهم أكثر".
*ماذا بعد؟
يتوقع سالزبري "المزيد من الكلام والمزيد من الهجمات الجوية عبر الحدود وهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة والقتال على الأرض".
وأضاف: "نحن في فترة تقوم فيها كافة الأطراف باستخدام كافة الأدوات المتاحة لهم لتحسين موقفهم التفاوضي".
وكان مسؤولون سعوديون اعترفوا في السابق بانخراطهم في اتصالات مع حكومة صنعاء عبر قناة خلفية.
وسحبت الولايات المتحدة دعمها لعمليات التحالف الذي تقوده السعودية، بينما تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب. وأكدت مصادر لفرانس برس ان المبعوث الأميركي لاندركينغ قام بالاتصال مع ممثلي حكومة صنعاء في سلطنة عمان الشهر الماضي.
ويشير سالزبري إلى أن "الخبر الجيد هو أن (الأطراف المتحاربة) تتفاوض.. "مضيفاً: "الخبر السيئ هو أن الكثير من الامور السيئة يمكن ان تحدث مثل ضربة جوية او صاروخية عن طريق الخطأ قد تقوض العملية برمتها"
* غريفيث...البحث عن مخرج للمأزق السعودي
بدأ المبعوث الأمميّ الخاص باليمن، مارتن غريفيث، مساعي مكوكيّة بين صنعاء والرياض للوصول الى تفاهم على اتفاق لوقف النار، تفتح الباب للحل السياسيّ بعد المبادرة السعودية ..
وربطت صنعاء توقفها عن هجماتها على العمق السعوديّ بالاتفاق الشامل لوقف العدوان وفك الحصار، معتبرة أن الشق اليمني اليمني من الحرب صار مجرد امتداد للمواجهة اليمنيّة مع العدوان السعوديّ الإماراتي .
وأكدت وزارة الخارجية حرص حكومة الانقاذ الوطني والقيادة السياسية على تحقيق السلام في اليمن .
وأعربت الوزارة في بيات لها عن احترامها وتقديرها الكبيرين للأصوات المنادية بالسلام ووقف الحرب،مبدية تحفظها إزاء كل الأساليب والسياسات التي تتعاطى مع السلام في اليمن من منطلقات مجافية للمنطق والواقع .
وأوضح البيان أن طريق السلام ومقتضياته ومتطلباته واضحة وأن الإعاقة الحقيقية تكمن في محاولة تجاهل معاناة الشعب اليمني وحقوقه الطبيعية والتعامل مع جريمة الحصار وحجز السفن وإغلاق المطار كما لو كانت وسائل ضغط مشروعة ؛ وتحويل المعاناة الانسانية الى مادة للتفاوض والمساومة وربط استحقاقات الشعب المعيشية والإنسانية بملفات الحرب العسكرية أو الخلاف السياسي.
واعتبر البيان الانطلاق من التوصيفات الخاطئة للحرب ومحاولة توصيفها أو تصويرها وكأنها حرب أهلية والذهاب نحو ابتكار الحلول على هذا الأساس أسلوب خاطئ ومقلق ولايشي بالمصداقية المطلوبة لبناء الثقة اللازمة لتحريك عجلة السلام..
وذكر البيان أن وضع السلام لايحتمل أي شكل من أشكال القفز على معاناة وحقوق الشعب اليمني سواء الانسانية أو السياسية.
وجددت وزارة الخارجية المطالبة بالإفراج الفوري عن السفن وفتح مطار صنعاء كحقوق طبيعية للشعب وعدم ربط هذه الحقوق بأية ملفات أخرى .
وأكد البيان أن استعمال الحصار والتجويع كسلاح من أسلحة الحرب يندرج ضمن مفهوم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ويمثل أعلى درجات الانتهاك للضمير الإنساني وأخلاق الحروب والقوانين الدولية والإنسانية والاتفاقات المبرمة بما في ذلك اتفاق ستوكهولم؛لافتاً إلى أنه لا يمكن الوثوق في أي حديث عن السلام في ظل استمرار هذه الجرائم .
وشدد البيان على ضرورة التفريق بين الإشكال السياسي الداخلي أو اليمني اليمني ، وبين هذه الحرب العدوانية التي شنت على اليمن بقرار غير يمني أعلن من اراض غير يمنية ، ونفذ من قبل دول معروفة وتحت قيادة عسكرية غير يمنية معروفة .
وذكّرت الوزارة أن هذا العدوان بدأ وكل الفرقاء اليمنيين متواجدين في بلدهم وعاصمتهم السياسية صنعاء وكانوا لحظتها منهمكين في حوارات فعالة وعلى وشك التوصل لحل جذري ينهي مشاكلهم وانقساماتهم تحت رعاية الأمم المتحدة ، وبحسب شهادة المبعوث الأممي آنذاك جمال بن عمر في آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن .
وأفاد البيان بأنه سيكون من المطمئن والداعم للسلام عدم القفز على مثل هذه الحقائق ؛ مشيراً إلى أهمية تلمس طريق الحلول الناجعة في ضوئها وصولاً إلى تعامل واقعي ومنطقي وفعال يمكن الجميع من العبور الى سلام حقيقي يطوي صفحة الحرب وكل ما أفضت إليه من مآسٍ وتعقيدات .
وجددت الخارجية التأكيد على انفتاح الموقف الوطني المناهض للعدوان على كل الجهود الصادقة والمبادرات الواقعية المنصفة والجاهزية التامة لوقف كافة الأعمال الدفاعية فور توقف العدوان ورفع الحصار.
من جانبه قال محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الاعلى إن السعودية طرف في العدوان والمبادرة التي تقدمت بها لم تأتِ بجديد بقدر ما هي هروب من تحمل مسؤولياتها والتنصل عن جرائمها التي ارتكبتها في حق اليمنيين طوال سنوات العدوان.. واضاف: السعودية ضاعفت من غاراتها على المدن اليمنية بالتزامن مع تقديمها لتلك المبادرة..
وعن الترحيب البريطاني بالمبادرة السعودية ..قال الحوثي: الدور البريطاني سيئ فبريطانيا شريكة في العدوان وطائرتها وفريق خبرائها يشاركان السعوديين في قصف الشعب اليمني..
واضاف: لم نأبه بالعدو عندما كان في أوج قوته، واليوم لن نأبه بالاستمرار في المواجهة لأن موقفنا دفاعي ودفاعنا عن الوطن واجب مقدس.
| 
المبادرة السعودية .. هروب من استحقاقات عدوانها واعتراف بهزيمتها