تحقيق / عبدالرحمن الشيباني - في كل عام ومع قدوم شهر رمضان المبارك يكتوي المواطن اليمني بلهيب الاسعار التي تشهد ارتفاعا ملحوظا دون أن توجد معالجات جذرية لهذه المشكلة المزمنة التى تضيف أعباء كبيرة على أغلب الأسر اليمنية التى تعاني ظروفاً اقتصادية صعبة وضعف القوة الشرائية لديها بشكل كبير ولم يعد لهذه الاسر خيارات أخرى غير التكيف مع هكذا ظروف واقتناء ما تراه ضروريا واساسيا وبشق الأنفس خصوصا مع انعدام فرص العمل وانقطاع الرواتب التي يعتمد عليها أغلب أرباب الأسر..
لا شك أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة فاقمت من الأمر وعمل العدوان ايضا على زيادة هذه المعاناة جراء منع دخول المشتقات النفطية وحجز السفن المحملة بالمواد الغذائية لفترات طويلة ، لكن الحقيقة ايضا ان فوضى الاسعار لم تجد من يوقفها ليس فى هذا العام فقط حتى فى الأعوام الماضية مع ان الجهات المختصة تقول إنها شكلت لجاناً لمراقبة الاسعار والحد من ارتفاعها إلا ان المواطن لا يجد اثراً ملموساً على الأرض..
اقتصاديون يرجعون هذا الارتفاع إلى التقلبات فى اسعار السلع خصوصاً الاساسية عالمياً ما بين الهبوط والارتفاع وعوامل أخرى متعلقة بوضع الإنتاج عالمياً..
الحلقة الأضعف
كذلك عوامل العرض والطلب وارتفاع سعر الدولار مقارنة بالعملة اليمنية التي هبطت قيمتها كثيراً علاوة على ذلك ظهور فيروس كورونا والجائحة التي يشهدها العالم كله ، اضافة إلى ضعف الرقابة ويبدو أن كل ذلك يأتي عكس ما يريده المستهلك في اليمن الذي هو الحلقة الأضعف فى كل ما يجري منذ وقت طويل حتى قبل ظهور الجائحة .
"الميثاق " التقت ببعض المواطنين الذين اكدوا ان الاسعار ارتفعت عما كان في السابق وفي كل عام يحدث مثل هذا الارتفاع علاوة على ان هناك تفاوتاً ما بين محلات تجارية وأخرى، مؤكدين أن تجار التجزئة يحملون المسؤولية تجار الجملة وهؤلاء يحملون المستوردين الكبار بحيث أصبح المواطن بين فكي هؤلاء منتقدين الدور الرقابي الذين يقولون انه غائب إلا من إجراءات شكلية!
ترابط مجتمعي
عبدالجليل الصلوي اشار الى هذا الأمر مستهلاً حديثه بأهمية الترابط والتكافل الاجتماعي بين اليمنيين حيث قال: "التكافل الاجتماعي الذي يعد إحدى الركائز الأساسية للتخفيف مما يعانيه الناس خصوصا الأسر المعوزة، إن ذلك يبعث على التفاؤل ومدى الترابط بين المسلمين" مضيفاً: " هذا الأمر شيء جيد ونرجو أن تزيد مثل تلك المبادرات الطوعية سواءً أكانت فردية او مجتمعية لان ذلك نابع من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي أمرنا بالتراحم بيننا ومساعدة بعضنا حتى على مستوى المرق الذي يتم طبخه فى منازلنا والذي يجب أن نشاركه جيراننا كما جاء فى الحديث الشريف فما بالك بالأمور الأخرى ، الحقيقة ان اسعار السلع مرتفعة لذلك يلجأ البعض لشراء بعض الحاجيات من بسطات تبيع مواداً غذائية قريبة انتهاء الصلاحية بالرغم من أن الفارق ليس كبيراً وانا افعل ذلك.. "الوجع كبير ونحن بحاجة ماسة إلى أن يشعر المسؤولون بالمواطن الذي هو بدون راتب..
أما طه عبده (موظف) فيقول: "المواطن المسكين لا يبحث الا عن الأشياء الضرورية جدا مثل الزيت والدقيق والسكر وغيره وهذه المواد ارتفعت اسعارها، مثلا الزيت الدبة الكبيرة بـ20,000 ريال والدقيق بـ15,000ريال وأحيانا يزيد وتقول لك الحكومة هناك ضبط اسعار.. العلبة السمن الصغير بـ 1600ريال كانت بـ1000وقبلها أذكر كنا نشتربها بـ800ريال حتى الخضار زادت اسعارها قالوا بسبب البنزين او وصاحب الخضرة يقول لك مافيش حتى بـ150 قد السلة الطماطم بـ10.000يعني لو معك مائة الف ما تكفي..
غلاء فاحش
اثناء إعداد هذه المادة عرجنا الى سوبر ماركت حيث تحدث إلينا (ت . ع ) بشيء من الصراحة عن هذه المشكلة بينما تحفظ تجار آخرون.. ويتهم البعض منهم تحالف العدوان السبب الرئيسي بما يحدث لكن ( ت .ع) يقول : اولا نشكركم لمناقشة موضوع ارتفاع السلع الغذائية فى رمضان بسبب انه أولاً مرتبط بحياة المواطن المعيشية الذي يعاني كثيرا نتيجة هذه الظروف التي يمر بها الوطن ، ونحن ايضا نعاني جراء هذا الغلاء ويؤثر علينا نحن ايضا واقول بصراحة نحن نتعرض لابتزاز متواصل من قبل البعض وتحت مسميات عدة ونضطر لدفع مبالغ مالية حتى لا يتم غلق محلاتنا ، نحن لا نحدد السعر من يحدد الاسعار هم التجار الكبار ومعروفون الذين يتعرضون ايضا للجباية وهذا ينعكس على معيشة المواطن، لا أحد يستطيع مساءلتهم حتى وزارة الصناعة والتجارة ونحن نشتري منهم هم الذين يتحكمون بالأسعار فهي غير ثابتة وتتغير دائما .. لدي فواتير بذلك عندما نقوم بالشراء نتفاجأ بتغير اسعارها بعد فترة قصيرة لذلك نوقف الشراء وهذا يعرضنا للخسارة بل البعص يخفون بعض السلع .. انظر الآن إلى الدقيق هناك دقيق مثل السنابل يتم اخفاؤه لأن الطلب عليه متزايد .. وهناك أنواع أخرى لكن ليس بنفس الجودة سعر الكيس 50 كيلو يصل إلى 16000 ريال ..السمن العلبة بـ1500ريال وقد تزيد ، تم توزيع ورقة قبل رمضان من قبل بعض التجار محددة فيها الاسعار وبعد خصم الضريبة ومعدلة لكن حتى هذه الورقة المسعرة لا أحد يلتزم بها لأنها قد تغيرت ايضاً..
مقارنة خاطئة
فى حي السنينة التقينا بالاخ شاجع عبدالواسع وأثناء خروجه من إحدى البقالات قال لنا إن الاسعار مولعة نار حسب وصفه، مضيفاً: "لا يستطيع المواطن المسكين مقاومة هذا الغلاء خصوصا من لديه أطفال صحيح أن الاسعار لا تقارن فى محافظات أخرى واقعة تحت سيطرة قوى العدوان لكن نحن نتعامل هنا مع دولة وليس كما يحصل هناك مع ميليشيات لا تراعي حرمة ولا ديناً ولا حتى ضمير.. ادعو من خلالكم الجهات المختصة الى النزول وضبط هؤلاء حيث هناك من لا يكتفي بالربح القليل الحلال وما اكثرهم .. شهر رمضان شهر الرحمة والغفران والعتق من النار وعلى هذا الأساس يجب التعامل بين الاخوة..
الاخ حميد عبدالله -نازح من محافظة الحديدة- يقول : انا ارى الوكيل والتاجر الكبير يفتعلان هذا الغلاء مستغلين شهر رمضان وإقبال الناس على شراء المواد الغذائية لرفع اسعارها ناهيك عن ان الجهات ذات العلاقة فى الدولة مقصرة ويجب أن تتحرك ليس فقط فى رمضان وإنما طوال العام.. نحن هنا فى صنعاء منذ مدة والحياة تختلف فى صنعاء هناك الإيجارات المرتفعة ايضا واحيانا لا يجد الشخص منا أجرة الحافلة..
تدخل أحد المواطنين ويدعى عبداللطيف الدبعي قائلاً: ان الاسعار ليست بتلك الصورة التى يمكن تصورها اذا ذهبت إلى تعز وعدن وحضرموت ستجد الفارق كبيراً جداً..
ارتفاع عالمي
بدوره رد الأستاذ/ حسان مدير عام الرقابة والمتابعة بوزارة الصناعة على تساؤلاتنا بالقول: إن ارتفاع الأسعار عالمي والعالم كله يشكو من تقلبات الأسعار ..وتابع "انظر إلى دول عدة تشكو من ذلك العراق الأردن لبنان وهي دول مستقرة فما بالك باليمن التى تشهد عدواناً وحصاراً منذ أكثر من ست سنوات ، ومع ذلك نحن نقوم بدورنا وسط إمكانات شحيحة.. اللجان التى تنزل لضبط الاسعار والرقابة لا يتجاوز ما يتقاضاه الموظف 3000 آلاف ريال ومع ذلك تقوم بدور جيد وفى خضم ذلك لا نريد أن نضغط أكثر على الرأسمال الوطني الذي ما زال يقف فى وجه العدوان ونريد أن نحافظ عليه.. نحن فى الوزارة نتجاوز القانون كي نحافظ على اسعار السلع ثابتة وهذا يصب فى مصلحة المواطن ولو تُرك الحبل على الغارب لكان الوضع سيئاً جداً، الآن سعر الكيس الدقيق الأبيض 13000 ريال والدقيق الاحمر 11,000 ريال.
|