الميثاق نت - نادية صالح: - إلى جانب كون رمضان الكريم شهر رحمة وغفران، فإن له في اليمن من الطقوس والعادات ما يميزه عن غيره من أشهر السنة.. ومثلما هو التنوع البيئي والتراثي إحدى سمات اليمن الجميلة فإن عادات رمضان تتنوع أيضاً من منطقة إلى أخرى لدرجة يجد المرء صعوبة في رصدها جميعاً، وبرغم ما يتعرض له اليمن واليمنيون من عدوان وحصار جعلهم يفقدون لذة هذا الشهر وروحانيته منذ ست سنوات، ولعدد سبع رمضانات متتالية، إلا أنهم يحرصون ولو بالحدود الدنيا على أن يميزوا هذا الشهر كيفما اُتفق.
»صحيفة الميثاق« تجولت في العاصمة صنعاء، والتقت عدداً من المواطنين، وسألتهم عما يقومون به في هذا الشهر الفضيل، وما يميزه في سلوكياتهم اليومية عن بقية أشهر السنة،، يقول عبدالكريم محمد - بائع في سوق المعطارة : "رمضان في صنعاء له نكهة خاصة حيث يحس الصائم انه صائم فعلاً، فأكثر الناس يأتون الى الجامع الكبير لأداء الصلاة ومن مختلف المحافظات، فتسود اجواء رمضانية ذات طابع خاص، وبرغم الحالة التي يعيشها الناس جراء العدوان والحصار والغلاء إلا أنهم يقاومون بكل جهدهم لإضفاء نكهة وطابع خاص لهذا الشهر المبارك.
ويشير إلى أن هناك موروثاً رمضانياً جميلاً خلده القدماء فيما يتعلق بشهر الصيام، كتبادل الزيارات بين الاهل والاصدقاء من بعد العشاء، وكذلك اداء الصلاة في اوقاتها، وايضا أداء صلاة التراويح، إلا أن جائحة كورونا حدت نوعاً ما من هذا التواصل حالياً.
وأضاف عبدالكريم: لقد جرت العادة أن الناس وقت الافطار يتجمعون في الجامع وكل منهم يحضر معه شيئاً معيناً من الطعام، ثم يفطرون على شكل حلقات.. وبعد صلاة العشاء يتم الذهاب الى المقيل، والبعض مازال يقيم الموالد والاناشيد الرمضانية في منزله.
أما الحاج علي عياش - تاجر في سوق الملح - فيقول: من عاداتنا في رمضان السمرات وحضور الموالد والاناشيد الرمضانية، وأداء الزيارات الليلية بين الاهل والجيران، وكذلك يشهد رمضان اختلاف الاكل والشراب وتتنوع مائدة رمضان عن الايام الاخرى بإضافة الاطعمة الباردة مثل "الشفوت" و"الحامضة" وغيرهما، وكذلك الاطعمة الساخنة مثل "الشوربة"، بجانب الحلويات اليمنية من "الرواني" و"الشعوبيات" وغيرهما، وأضاف: "صحيح ما عادت الأيام مثل أول، والناس ضانكة بسبب الحرب والحصار وعدوان السعوديين، لكن على الأقل مازالوا يحاولون الابتهاج برمضان ولو هم يعانون، فرمضان شهر الله..
من جهته، محمد ابراهيم العكام - من أهالى صنعاء القديمة - حدثنا عن الأيام الرمضانية في صنعاء قائلاً: تختلف عاداتنا في رمضان من الناحية الروحانية المتمثلة في اداء الصلوات، كما من الجانب الآخر تكون هناك استعدادات أكبر لإعداد الافطار والعشاء والتنوع الحاصل في الاطعمة عند اليمنيين؛ ولكن الجانب الروحاني هو الغالب في رمضان، ورغم ظروف الحياة الصعبة يتمسك اليمنيون بروحانية هذا الشهر.
أما صالح محمد البحري - ضابط متقاعد في القوات المسلحة - فيقول: في العصر يتم اداء الصلاة ، وبعدها يتم عمل دورة "تمشية"، وكذلك شراء المواد الخاصة بالعشاء وشراء المشروبات والحلويات، وفي المغرب يتم الافطار في الجامع والرجوع الى البيت لتناول العشاء، وفي هذه الأيام لله الحمد يزداد الخير ويتعاون الناس كلُّ يتفقد المسيكين في حارته، وكل واحد يسابق لنيل الأجر، فالظروف صعبة، وما عاد هناك أحد مكتفٍ نتيجة لما تعانيه بلادنا من عدوان هناك وحصار جائر، ولكننا متمسكون بصمودنا وإرادتنا وبطقوسنا الرمضانية التي هي موروثنا الحضاري والإسلامي، حتى ينتهي العدوان، وتعود الحياة أجمل مما كانت بإذن الله.
واليمنيون متمسكون بعاداتهم وموروثهم الثقافي والحضاري التاريخي والإسلامي، فلكل موقف حكايته ولكل شهر قصته، ولكن يظل رمضان هو الأكثر تميزاً بين شهور السنة لدى اليمنيين.
|