محمد صالح حاتم - شهر رمضان كما هو شهر صيام وقيام وتلاوة القرآن، وشهر صدقة وبر وإحسان هو كذلك شهر عمل وعطاء شهر انتاج واكتفاء، هذا ما كان يحدثنا به الآباء والاجداد.
حيث كانوا يعملوا في الارض مثل بقية الاشهر دون كسل او ملل، فكان المزارع يذهب إلى مزرعته بعد صلاة الفجر يحمل معوله والمفرس والمحراث ويذهب ليحرث الأرض، يقوم بري وسقي الأراضي الزراعية بما كان يسمى (المسنى) وهي عملية نقل الماء من اسفل البئر إلى الماجل وتجميعه حتى يمتلئ الماجل وبعدها يتم سقي المزارع، وهذه العملية تقوم بها الابقار والجمال التي تتولى عملية نقل الماء، فكان المزارعون يعملون حتى قرب وقت الظهر ومن ثم يذهبون إلى مزارعهم مرة أخرى بعد العصر وقد اعتدلت الشمس، ويواصلون العمل إلى قبيل المغرب، بعدها يتوجه الناس الى المساجد للإفطار واداء صلاة المغرب ومن ثم يتناولون العشاء واداء صلاة العشاء، ويسمر الناس قليلاً، وينام المزارع ليكون على موعد مع يوم جديد ليعمل ويعطي فكان رمضان عند المزارع لايختلف كثيراً، هذا كان ايام زمان، حيث كان المزارع يأكل من حبوب أرضه، واللبن والسمن واللحوم من الاغنام والابقار، والبيض واللحم من الدجاج البلدي ، اما في وقتنا الحاضر فقد تغيرت الايام وتبدلت العادات فأصبح رمضان شهر تخازين ومقيل وسمرة ومتابعة القنوات ومشاهدة المسلسلات وبعدها النوم إلى وقت صلاة العصر، فتهمل الأرض وتتلف الزروع والثمار بحجة شهر رمضان، واصبح كل ما نأكله مستورداً ويكثر شراء المواد الغذائية والمشروبات المستوردة في شهر رمضان وهذا نوع من انواع الغزو الفكري والاقتصادي الذي غزانا به اعداؤنا.
ولكن مايعيد لنا ولو بصيصاً من الآمل ان نعيد الأمور إلى نصابها ونغير الثقافة الدخيلة علينا، حيث خلال هذه الايام الرمضانية اطلاق مبادرات مجتمعية زراعية تنموية من قبل مؤسسة بنيان التنموية المؤسسة الرائدة في غرس روح التعاون والعمل المجتمعي ، وفريق فرسان التنمية ومشاركة وزارة الزراعة والري والادارة المحلية والمتمثلة في مبادرة (وإذ استسقى)، هذه المبادرة المتمثلة في غرس وتشجير الجبال المحيطة بالعاصمة صنعاء لتحويلها من جبال قاحلة وبؤرة لمشاكل الأراضي إلى حدائق معلقة في السماء وجنة خضراء تجود بالثمار، والمراعي للنحل والمواشي، ومتنفسات عامة، لسكان العاصمة، وتحمي المدينة من تدفق السيول وانجراف التربة، وتمتص الغازات السامة المنبعثة من عوادم السيارات ووسائل النقل الأخرى، وتعطينا الأكسجين الضروري لحياتنا.
فما اجمل أن نتذكر تاريخ الآباء والاجداد ذاك التاريخ المشرق والمعطاء وان نعمل جاهدين على الحفاظ على اسلاف واعراف وعادات وتقاليد اجدادنا القدماء ، وان نجعل من رمضان شهر عمل وتعاون وبر واحسان وعطاء وانتاج.
|