الإثنين, 04-سبتمبر-2006
نجيب غلاب -
دور‮ ‬القائد‮ ‬السياسي‮ ‬في‮ ‬إحداث‮ ‬التغيير‮ ‬والتحولات‮ ‬التاريخية
القائد السياسي حسب اعتقاد الرئيس صالح لابد أن يكون له دور سياسي قوي وفاعل في إحداث التغييرات والتحولات المجتمعية وعليه أن يشارك الآخرين ويتعاون مع الجميع حتى يتم تحقيق حاجات الناس وطموحاتهم المعبرة عن واقعهم، وعلى القائد أن يقوم بتحديد الأهداف وتوضيحها وقيادة‮ ‬العملية‮ ‬التاريخية‮ ‬والتحول‮ ‬المجتمعي‮ ‬نحو‮ ‬الأفضل‮ ‬إلا‮ ‬أن‮ ‬عملية‮ ‬البناء‮ ‬وإحداث‮ ‬التحول‮ ‬في‮ ‬المجتمع‮ ‬حسب‮ ‬اعتقاده‮ ‬هي‮ ‬مسئولية‮ ‬مشتركة‮.‬
ويرى الرئيس صالح أن دور القائد السياسي في العملية التاريخية يتمثل في المبادرة والعمل على تحمل المسئولية في إنقاذ البلد من الظلام والفساد والشر والانتقال به إلى العدل والخير، والمبادرة وحمل المسئولية وأن كانتا للقائد إلا أن عملية التغيير والإصلاح تحتاج إلى تعاون الجميع كما أنها بحاجة إلى الزمن والجهد والإمكانات وهي نظرة واقعية توضح طبيعة اعتقاد الرئيس صالح في التغيير في العملية التاريخية ودور القائد السياسي فيها فالعملية التاريخية وإحداث التحول والتحكم بها مرتبط بالظروف الموضوعية المحيطة وإصرار الانسان في القيادة‮ ‬والمجتمع‮ ‬على‮ ‬التغيير‮ ‬وتجاوز‮ ‬الواقع‮ ‬الرديء‮.‬
السلطة‮ ‬ليست‮ ‬غاية
ولأن السلطة ليست غاية في النسق الفكري للرئيس صالح فقد تصور أن القائد يجب عليه أن يتحمل المسئولية مع بذل الجهد لتنفيذ أهدافه بكل الوسائل الشرعية ففي الحالة التي يصبح الهدف مهدداً بسبب التشبث بالسلطة أو أن تحققه مرتبط بخروجه من الحكم فأن على القائد كما يعتقد أن يترك السلطة على اعتبار أنها تكليف ومسئولية مخولة له من أجل تحقيق الغايات الوطنية فإذا حدث خلل بالهدف بسبب القائد فعليه أن يترك السلطة وقد أوضح ذلك أثناء الأزمة السياسية في1994م قبل تفجير الحرب الأهلية بقوله: »إذا كنّا جزءاً من أسباب الأزمة فنحن على استعداد للتخلي عن السلطة«.ولكن الرئيس كان على قناعة أن الاسباب الحقيقية لا تكمن في تركه السلطة بل العكس تركه السلطة ربما يدمر الهدف فتعاظم الأزمة في تصوره تجعل من القائد فاعلاً جوهرياً لحلحلتها فترك السلطة مع وجود الأزمات يعني الهروب وتأجيجاً للأزمة مما قد يؤدي إلى حرب أهلية وهذا يتناقض مع رؤيته للسلطة بأنها مسئولية على القائد أن يقوم بها، كما أن الوضع الداخلي المأزوم يستدعي من القائد أن يتحمل المسئولية أيضا: »سنبذل كل الجهود لاحتوائها وإذا كانت استقالة الرئيس هي التي ستجنب الشعب اليمني فنحن على استعداد.. لكن أخشى‮ ‬أن‮ ‬هذه‮ ‬الاستقالة‮ ‬قد‮ ‬تؤجج‮ ‬وتزيد‮ ‬من‮ ‬الأزمة‮.. ‬وتوجد‮ ‬حرباً‮ ‬أهلية‮« .‬
الانجاز‮ ‬هو‮ ‬عمل‮ ‬القائد
واعتقد الرئيس صالح أن الدور الذي يلعبه القائد السياسي دور إيجابي وفاعل ونشيط خصوصاً على مستوى البناء والتعمير وهذا ما جعله يعتقد أن الإنجاز يمثل الراحة الحقيقية للقائد يقول بهذا الخصوص: "وأنا اعتبر أي شيء يتم إنجازه سواء كان مشروع مياه أو طريقاً أو مستشفى وأي عمل يتحول إلى إنجاز وطني سواء في مجال بناء الجيش أو الأمن وتحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة العامة في المجتمع اعتبره إجازه ممتعة وهي بديل لأية إجازة يمكن قضاؤها في الخارج فالإنجاز هو الإجازة".وهذا يفسر اتجاه وسعي الرئيس صالح دائما نحو الانجاز لأنه معتقد أن على القائد أن يمضي نحو الأمام لإنجاز كافة أهداف البناء والتنمية والوفاء بكل الوعود والعهود التي يقطعها على نفسه، ولأن الطموح لدى الرئيس صالح لا حدود له فيما يخص الانجاز إلا أن تواضعه وقناعته أنه خادم لشعبه جعله يعتقد أن القائد مهما حقق من إنجازات وتحولات تاريخية فإن عليه أن لا يتحول إلى وصي على الشعب: »ليس من حق علي عبدالله صالح أن يقول أنا وقعت على الوحدة ولازم أظل رئيساً إلى الأبد« وهذا يفسر إصراره على أن ينص الدستور على فترتين رئاسيتين أثناء التعديلات الدستورية.
ولان الانجاز هو أصل حركة القائد السياسي فإن الرئيس صالح تعامل مع الحكم بعقل القائد التاريخي ومن فلسفة ترى من دور القائد السياسي أنه صانع مجد وتاريخ فالعظمة لا تكمن في جعل السلطة إداة لخدمة المصالح الشخصية والمجد الأناني ولكنها صناعة مجيدة تقوم على البناء والتعمير والتأسيس للمستقبل مما يجعل من الحاضر حركة فاعلة ومخلصة وصادقة وممتلئة بالتضحية والعطاء يقول صالح: "أنا أريد أن أكون مؤسساً وليس يعني أقضي وقتاً وأمضي وقتي"، فالقائد السياسي حسب اعتقاده لابد أن يؤثر على العملية التاريخية ويصيغها بشكل إيجابي، فالقائد الحقيقي هو صانع التاريخ، الذي يخدم الناس ويصنع أمجاده بخدمتهم وتحقيق طموحهم فالتاريخ رغم أن من حكموه اعداد كبيرة ولكنه لم يخلد إلا العظماء من تجاوزوا الأنا الفردية وتماهوا بمصالح الناس وخدمتهم يقول صالح مؤكدا تصوره: "والتاريخ لن يخلد سوى أولئك المنتجين والمبرزين‮ ‬الذين‮ ‬يخلفون‮ ‬وراءهم‮ ‬أعمالاً‮ ‬كبيرة‮ ‬وجليلة‮ ‬تذكر‮ ‬الناس‮ ‬بهم‮ ‬وتكون‮ ‬شواهد‮ ‬حية‮ ‬تدل‮ ‬على‮ ‬حجم‮ ‬عطائهم‮ ‬وسخاء‮ ‬ما‮ ‬قدموا‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬أوطانهم‮ ‬وشعوبهم‮«.‬
والفكرة السابقة أسست لسلوك التواصل والاتصال مع النخب والناس فالقائد حسب تصوره عليه أن يلتقي ويكثف اللقاءات والتشاور وتبادل الرأي مع الشعب على اعتبار »أن إرادة الشعب هي التي تملي توجيهات المسيرة الديمقراطية والتنموية لبلادنا« وعليه »لا معنى للمسئولية أيا كان حجمها إذا لم تحطم كل الحواجز وتتجاوز كل الأسوار بينهما وبين من هي مستمدة منهم لأن المسئولية تعنى في صورتها النقية والدقيقة تلاحم المسئول بالمواطنين والعيش معهم والاستماع لهم وحل مشاكلهم والبقاء في مواقع الترجمة العملية للمسئولية« .
وهذا ما جعل العملية التاريخية وقيادة التغيير نحو الأفضل مرتبطة في نهاية الأمر بالشعب فأي منجز يتم تحقيقه لا يمكن للقائد أن يحافظ عليه فالحفاظ عليه لا يكون إلا بواسطة الشعب وهذا لا يمكن حدوثه إلا بمنح الشعب الحرية والمشاركة في صناعة القرار وهذا أسس للديمقراطية‮ ‬في‮ ‬فكر‮ ‬الرئيس‮ ‬صالح‮ ‬وعمل‮ ‬من‮ ‬بداية‮ ‬حكمه‮ ‬على‮ ‬إقرار‮ ‬فلسفة‮ ‬المشاركة‮ ‬الشعبية‮ ‬بمنحه‮ ‬شراكة‮ ‬حقيقية‮ ‬في‮ ‬اتخاذ‮ ‬القرار‮ ‬وتحمل‮ ‬المسئولية‮ .‬
ويبلغ نسق الرئيس الفكري درجة التماهي مع الناس من خلال رؤيته التي تؤكد أن على القائد أن يتعامل مع الحكم بعقلية المواطن وهذا جعله قادر على الاستجابة لحاجات الناس فالقائد السياسي يتحول في اعتقاد الرئيس صالح إلى واحد من المواطنين وجندي من جنود الثورة... فهو كغيرة‮ ‬من‮ ‬أبناء‮ ‬هذا‮ ‬الوطن‮ ‬عليه‮ ‬أن‮ ‬يدرك‮ ‬جسامة‮ ‬المسئولية‮ ‬الوطنية،‮ ‬وأن‮ ‬يعمل‮ ‬لتتواصل‮ ‬انجازات‮ ‬الثورة‮ ‬ويتعاظم‮ ‬مسارها‮ ‬نحو‮ ‬الأهداف‮ ‬التي‮ ‬قامت‮ ‬من‮ ‬اجلها‮ ‬الثورة‮ ‬وحددها‮ ‬الشعب‮ ‬في‮ ‬الميثاق‮ ‬الوطني‮.‬
وهذا التعامل مع الحكم جعل الرئيس يعتقد أن الحق في الحكم هو منحة من الناس ولهم الحق في نزع هذا الحق وبالتالي فالسلطة لا تمنح أحداً حق التعالي والتجبر على الناس بل تضاعف من الأعباء فالدولة تقدم الكثير وعليها مسئوليات والتزامات كبيرة تجاه المواطن وهذا يجعل وظيفة الحكومة ومسئوليتها الاساسية هي خدمة الناس فالمسئول أيّا كان موقعه ليس إلا خادما للوطن وأبنائه لأن الشعب هو الحاكم الفعلي وصاحب الحق يقول الرئيس صالح: »إننا نؤمن أن الشعب هو القائد والشعب هو الحاكم ونحن أجهزة الدولة ورئاسة الدولة أو الحكومة ما نحن إلا خُدام لهذا الشعب، خدام له لا حكام عليه.. الشعب هو الذي (جابنا) إلى الحكم وليس (إحنا) (إحنا جبنا) أنفسنا للشعب فالشعب هو الذي أدى لنا الأمانة والثقة« (23)، وهذا التصور الراقي يتجاوز ما أنتجه الفكر الغربي بأن الحاكم ممثل للشعب،ولكنه خادم، وهذا يعمق لدى القائد فلسفة المشاركة السياسية والقدرة على التعامل مع الناس بالصدق والأخلاص، والبحث الدائم عن مصالح المجموع وليس فئة معينة. كما أن ذلك يعمق لديه القناعة ببذل »الجهود المضاعفة وأقصى ما يملك من طاقة في خدمة الشعب والوطن« ،وأهدافهم المعبرة عنهم، »مكرساً الوقت كله للوفاء‮ ‬بالتزاماته‮ ‬وتعهداته‮ ‬للشعب‮«.‬
فهم‮ ‬الواقع‮ ‬ومواجهة‮ ‬تحدياته
وبما أن كل مسئول في موقع المسئولية هو خادم لهذا الشعب فعليه أن يفهم ويستوعب المشاكل ويتفاعل مع المواطن من اجل حلها ويعمل على تنشيط الإرادة الشعبية للمشاركة في العمل الوطني حتى يسهم المواطن بجهوده مع أجهزة الدولة على أساس أن تلاحم الشعب بالدولة حسب اعتقاد الرئيس‮ ‬صالح‮ ‬قادر‮ ‬على‮ ‬تجاوز‮ ‬كل‮ ‬السلبيات‮ ‬والأخطاء‮ .. ‬
ونجاح القائد معتمد بشكل أساسي على قدرته من فهم الناس كما هم في الواقع، والتعامل مع كافة شرائحه بطريقة متوائمة ومتوافقة مع أفهامهم، وجعل العمل تعاونيا، والعمل على مساعدة الواقع على التغير بما يحقق مصالح الناس، يقول الرئيس صالح: »بالنسبة لنا في اليمن الحكم فيه صعب والحاكم لابد أن يكون قريباً من الشعب وقبل ذلك لابد أن يكون متفهماً لطبائعه وتفكيره وطريقة تعامله وتقاليده وعاداته الاجتماعية ومستوعباً همومه وتطلعاته ولهذا فإن الحاكم في اليمن عليه أن لا يتعامل مع الناس من خلال كرسي السلطة ويعزل نفسه عنهم ولكن ينبغي قريباً منهم وحريصاً على النزول الميداني المستمر لتلمس قضايا الناس ومعرفة همومهم وتطلعاتهم وأن يعرف كيف يخاطب عقولهم سواء كانوا من المثقفين أو الاقتصاديين أو الأمنيين أو القبائل أو العشائر أو الناس البسطاء حتى يتفهم مشاكلهم ويتعاطى معها بإدراك وهذا هو الذي‮ ‬يضمن‮ ‬الاستمرارية‮ ‬والقبول‮ ‬لأي‮ ‬حاكم‮ ‬في‮ ‬اليمن‮«.‬
والحكم في نسق الرئيس الفكري مسئولية صعبة ومتعبة ومرهقة وتحتاج إلى تضحية وجهد كبير وإخلاص لأنه عملية تفاعلية مع الواقع بهدف بنائه وتعميره وتطويره فالتغيير وبناء الوطن عملية صعبة: »أن تحكم (زي) ما تقول على النار« ولكن على القائد السياسي أن يضحي من أجل الوطن؛ وأن يبذل »كل جهد ممكن« ويجاهد بكل ما أوتي من طاقات وقدرات »مع كل المخلصين والأوفياء لهذا الوطن من أجل تحقيق المزيد من الغايات الوطنية والأمنيات الحضارية الطموحة بصبر وعزم لا يلين« وهذه الفكرة ربما تفسر لنا سلوك الرئيس فيما يخص رغبته في عدم الترشح لهذه الدورة ثم تراجعه عن القرار، قال لقد مللت الحكم واريد أن أرسخ التداول السلمي للسلطة، ولكن مطالب الناس وخوفه من سقوط المشروع الوطني الذي عمل له طوال حياته وبذل كل جهده من أجله مازال بحاجة إلى تدعيم من مؤسسه، خصوصا بعد أن أدرك أن النخبة السياسية خصوصا المعارضة منها نتيجة رغبتها الجامحة في السلطة والثروة وظهور اصوات واضحة متحدية للمشروع الوطني وظهور تيارات ذات نزوع سلطوي كل ذلك ربما يقود البلاد نحو العنف ويتم تدمير المنجزات ببعديها المعنوي والمادي وبالتالي فتراجعه كان محتماً ولا يتناقض مطلقا مع اعتقاده بان القائد‮ ‬في‮ ‬وقت‮ ‬الازمات‮ ‬عليه‮ ‬أن‮ ‬يبادر‮ ‬ويتحمل‮ ‬المسئولية‮. ‬
خلاصة
يمكن القول أن العملية التاريخية التي يعمل القائد على الإسهام في صناعتها لابد أن تعبر بالشكل الكامل عن واقع الناس وحاجتهم فالمنجزات في اليمن لا تتحقق إلا إذا كانت متوافقة ومتفاعلة مع أهداف الثورة، وهذه العملية أيضا لا تتحقق إلا بتفاعل وحضور ومساهمة الشعب وتعاونه‮ ‬مع‮ ‬القيادة‮ ‬السياسية‮ ‬والتي‮ ‬يتمحور‮ ‬عملها‮ ‬أساساً‮ ‬في‮ »‬شرف‮ ‬الاضطلاع‮ ‬بتطبيق‮ ‬هذه‮ ‬الأهداف‮ ‬لتتحمل‮ ‬عن‮ ‬اختيار‮ ‬وقناعة‮ ‬تلك‮ ‬المهام‮ ‬الصعبة‮ ‬والدقيقة‮«.). ‬
وعملية التغيير التاريخي والاجتماعي حسب اعتقاد الرئيس هي معركة يخوضها القائد مع الشعب يقول صالح: »نحن نخوض معركة كبيرة بجهود مخلصة مع كل أبناء شعبنا اليمني المناضل المتطلع إلى الحرية والديمقراطية والعدالة للتغلب على كل موروثات عهود الإمامة«.
وتبلغ المصداقية والواقعية لدى الرئيس صالح بالتأكيد على أن القائد السياسي لا يستطيع أن يحقق كل أهدافه ولكن عليه أن يتحمل المسئولية وأن يبذل قصارى جهده من أجل تحقيقها وأن يكون مخلصا في عمله ومتوافقاً مع طموحات الناس يقول الرئيس صالح : »إننا لا ندّعي أننا حققنا المعجزات ولا ندعي أننا نملك عصا سحرية تحول أحلامنا إلى حقائق... ولكننا نعتز بأننا سرنا على درب الثورة وتحملنا مسئولياتنا وخضنا غمار الصعاب وواجهنا تحديات التخلف ونهضنا بأعباء التنمية وتمكنا من أن نقطع شوطاً كبيراً لا يستطيع حتى أعداء الثورة إنكاره«. .
دور‮ ‬جديد‮ ‬للدولة
وعلى الرغم أن الرئيس اعتقد قبل الوحدة أن دور الدولة لابد أن يكون قويا ومسيطرا على أنشطة المجتمع وأن التغيير منوط بها ولكنه بعد الوحدة وتناغما مع التحولات العالمية رأى بأن عملية التغيير والبناء مسألة اجتماعية ودور الدولة دور أضافي ولكن لابد أن يكون فاعل في عمله ودقيقا بالتناغم مع منح المجتمع المدني والقطاع الخاص الدور الأساسي والفاعل في إحداث عملية التغيير ودور الدولة ليس إلا عاملاً مساعداً: »فالدولة ما هي إلا عامل مساعد وليست كل العوامل«، »فالدولة تشجع وتساعد على دعم الحركة التعاونية ولا ينبغي أن نظل متمسكين على ما تقدمه الدولة فالدولة ستظل عاملاً مساعداً«، »لا يجب أن يكون كل شيء على الحكومة بل على القطاع الخاص أن يشارك«، »يجب أن يقوم القطاع الخاص بدوره ولا نوكل كل شيء على الحكومة«، »أنا أريد أن تتغير النظرة بأن كل شيء هو الدولة... أريد أن أمحي من أذهاننا جميعاً‮ ‬أن‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬الدولة‮« .‬
وهذه النظرة لدور الدولة مرتبط بضرورة أن يكون للقطاع الخاص دور أكبر "وأن لا يظل كل شيء مركوناً على الدولة إننا دائماً نتحدث بأن الدولة هي التاجر والمزارع ونحن نقول لنبعد الدولة عن العمل التجاري فليتفضل القطاع الخاص. وهذه النقلة النوعية في فكر الرئيس لدور الدولة دليل قدرة على تجاوز الواقع السابق لصالح الرؤى الجديدة التي تمنح الدولة دورا سياسيا وتنظيميا وترك الاقتصاد للمجتمع، وهذه النظرة وأن كانت متأثرة بالليبرالية السياسية إلا أنها مؤسسة على تجربة واقعية عاشتها اليمن ولعل هشاشة التنمية في الجنوب التي خرجت من حكم الدولة متحكمة بكل شيء عمق لديه هذه الرؤية وهذا لا يعني أن الرئيس صالح تحيز لصالح القوى الاقتصادية التي تدير القطاع الخاص فدور الدولة مازال فاعلا في فكره في الكثير من الجوانب التي يمنحها على إحداث التوازن داخل المجتمع وحماية مصالحه وأهدافه المختلفة فدور الدولة يظل فاعلاً في جوانب كثيرة فمن مسئوليات الحكومة أن تقوم بـ»إزالة أية فوارق أو تباينات والقضاء على مخلفات التشطير وفي إيصال خير الثورة لكل ابناء الوطن وفي كافة مناطقه بدون استثناء وفي تعزيز ثقة المواطن بدولته وتفاعله مع كل توجهاتها المهمة لتحقيق المزيد من التقدم والتطور والخير للجميع« وتضطلع الدولة لإنجاز المشاريع وتقديم الخدمات العامة. وبالتالي فقد اعتقد الرئيس صالح أن الدولة هي صاحبة الحق في جباية الزكاة وإنفاقها في مصارفها الصحيحة بما يحقق المصلحة العامة .وعي المجتمع قبل قرار القائد
والرئيس صالح رغم قناعته بقدرة القائد على التعاون مع الناس وإحداث التحولات الخادمة للدولة إلا أن هناك مظاهر سلبية في المجتمع لا يمكن للقائد السياسي أن يحدث فيها عملية تغيير واسعة وسريعة وأن قدرته مرتبط بشكل كامل بالمجتمع وقناعاته فهناك الكثير من القضايا لا ينفع فيها القرار وأنما الوعي ليأتي القرار كمحصلة لتغيير حقيقي داخل المجتمع فظاهرة مثل تناول القات يقول الرئيس صالح: »من الصعب إنهاء هذه الظاهرة بقرار، وإنما بنشر الوعي وخلق القناعات« وعندما سئل عن ظواهر حمل السلاح ومضغ القات ونقاب النساء أجاب: »في مثل هذه الظواهر الموروثة والمتأصلة أخترنا الأسلوب الديمقراطي عبر الإقناع لتوسيع قاعدة الإدراك الشعبي بضرورة تغييرها«.وعبر الرئيس صالح أيضاً عن عدم قدرة القائد السياسي في إحداث التغيير المطلوب أيضاً فيما يخص مشكلة الثأر وتحديد النسل رغم النشاط المبذول لإحداث التغيير‮ ‬ففيما‮ ‬يخص‮ ‬مشكلة‮ ‬الثأر‮: »‬إننا‮ ‬نبذل‮ ‬الجهود‮ ‬المتواصلة‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬معالجة‮ ‬هذه‮ ‬المشكلة‮ ‬وذلك‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬نشر‮ ‬الوعي‮ ‬والتعليم‮ ‬في‮ ‬صفوف‮ ‬المجتمع‮ ‬اليمني‮ ‬الجديد‮«.‬
والمشكلة السكانية ترتبط بنشر الوعي لأن من الصعب إصدار مرسوم بتحديد النسل ولكن يمكن التوعية بأهمية تحديد النسل وتتحمل مسئولية ذلك وسائل الإعلام وأصحاب الفضيلة العلماء وجمعيات الأسرة و..... واعتقد الرئيس صالح أنه مع وجود الوعي وتوافر الإرادة حول ظاهرة ما فإن‮ ‬الإنجاز‮ ‬يكون‮ ‬كبيراً‮.‬


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-606.htm