الميثاق نت -

الإثنين, 24-مايو-2021
الفريق‮ ‬الركن‮ / ‬جلال‮ ‬علي‮ ‬الرويشان‮ ❊ ‬ -
كنت‮ ‬قد‮ ‬كتبت‮ ‬في‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الأيام‮ ‬وقبل‮ ‬عام‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬الــ22‮ ‬من‮ ‬مايو‮ ‬،‮ ‬ذكرى‮ ‬الوحدة‮ ‬،‮ ‬وإعلان‮ ‬قيام‮ ‬الجمهورية‮ ‬اليمنية‮ ‬،‮ ‬بأن‮ ‬الجيوسياسي‮ .. ‬نصفه‮ ‬ثابت‮ ‬ونصفه‮ ‬متغير‮ ..‬
وفي‮ ‬هذا‮ ‬العام‮ ‬،‮ ‬والعام‮ ‬المقبل‮ ‬،‮ ‬وما‮ ‬بعدهما‮ ‬من‮ ‬أعوام‮ ‬ودهور‮ ‬،‮ ‬وإلى‮ ‬أن‮ ‬يرث‮ ‬الله‮ ‬الأرض‮ ‬ومن‮ ‬عليها‮ .. ‬سيبقى‮ ‬هذا‮ ‬الوضع‮ ‬على‮ ‬حاله‮ .. ‬الجيوسياسي‮ .. ‬نصفه‮ ‬ثابت‮ ‬ونصفه‮ ‬متغير‮ ..‬

وأقول من جديد الجغرافيا ثابتة ، والسياسة مُتغيرة .. ومن أراد أن يقول، أو أن يعمل ، بخلاف هذا ، فسيصطدم بسنن الله التي خَلَقَ الكون والناس والحياة على أساسها .. تمر الدول والأمم والشعوب والحضارات بجميع الأغيار والمتغيرات ، من قوة ، وضعف ، واتساع ، وانكماش .. وبلادنا ليست استثناءً من هذه المتغيرات .. غير أن حركتنا وتقلباتنا السياسية والاجتماعية عبر التاريخ تكاد تكون في بوتقة واحدة هي " اليمن " ، ننأى عن بعضنا حيناً ، ونقترب أحياناً أخرى ، ونجد مع التنائي والاقتراب أننا من الشعوب والبلدان القليلة التي تجمعها الكتلة الجغرافية الواحدة ، والمعتقد الديني الواحد ، والمكوِّن الاجتماعي المتجانس .. فلا أعراق ولا عرقيات ، ولا طوائف ولا إثنيات .. وتجمعنا جميعاً كيمنيين قواسم الدين واللغة والمصير والتاريخ المشترك والأعراف والعادات والتقاليد ..
وتاريخنا كيمنيين ، جذوره ضاربة في أعماق التاريخ .. والآخر يعرف هذه الحقائق ، ويخشاها ، ويخاف منها ، ويُحاول جاهداً أن يعيق تقدمها ، بل وينفي وجودها .. القريب والبعيد ، في الماضي والحاضر والمستقبل ، يدركون ذلك جيداً ، حتى وإن لم يقولوه ..
يتمكن السياسيون والمتصارعون في فترات متباعدة عبر التاريخ من اللعب بالأوراق والمعطيات السياسية وتحريكها مؤقتاً وفق أهوائهم ومصالحهم .. غير أنهم ومهما كانت إمكاناتهم والظروف والمتغيرات الداخلية والخارجية المحيطة بهم ، وأياً كانت دوافعهم .. يقفون عاجزين عن جر‮ ‬الجغرافيا‮ ‬إلى‮ ‬دائرة‮ ‬السياسة‮ ‬التي‮ ‬يعبثون‮ ‬بقطرها‮ ‬ومحيطها‮ .. ‬
من‮ ‬بمقدوره‮ ‬تحريك‮ ‬الجبال‮ ‬والسهول‮ ‬والوديان‮ ‬والمدن‮ ‬والقرى‮ !‬؟
ومن‮ ‬بمقدوره‮ ‬تغيير‮ ‬ملامح‮ ‬وسحنات‮ ‬الإنسان‮ !‬؟‮ ‬
لا‮ ‬أحد‮ ..‬
تأملوا‮ ‬قصة‮ ‬أصحاب‮ ‬الكهف‮ ‬التي‮ ‬أوردها‮ ‬الله‮ ‬سبحانه‮ ‬وتعالى‮ ‬في‮ ‬كتابه‮ ‬الكريم‮ (‬الآيات‮ ‬من‮ ‬9‮ - ‬26‮ - ‬سورة‮ ‬الكهف‮).. ‬
فتيةٌ من شباب المجتمع ، ضرب الله سبحانه وتعالى على آذانهم ، فناموا في كهفهم ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعاً .. وحين بعثهم الله وأعثَر عليهم .. كانت الجغرافيا على حالها .. الكهف في الجبل ، والجبل فوق المدينة ، والمدينة في مكانها .. هذه هي الجغرافيا التي لا تتغيَّر‮ ‬،‮ ‬ولن‮ ‬تتغيَّر‮ ‬،‮ ‬إلَّا‮ ‬إذا‮ ‬أراد‮ ‬الله‮ .. ‬
غير‮ ‬أن‮ ‬أصحاب‮ ‬الكهف‮ ‬،‮ ‬حين‮ ‬بعثَهم‮ ‬الله‮ ‬وأعثَر‮ ‬عليهم‮ ‬بعد‮ ‬309‮ ‬أعوام،‮ ‬لم‮ ‬يجدوا‮ ‬أحداً‮ ‬من‮ ‬أولئك‮ ‬الذين‮ ‬حاولوا‮ ‬أن‮ ‬يفرضُوا‮ ‬عليهم‮ ‬سياساتهم‮ ‬وأفكارهم‮ ‬وعقائدهم‮ .. ‬
هذه‮ ‬حقائق‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬تجاوزها‮ ‬ولا‮ ‬القفز‮ ‬عليها‮ .. ‬
إقرأوا‮ ‬أبجديات‮ ‬اللغة‮ ‬والجغرافيا‮ ‬والتاريخ‮ ..‬
ابحثوا‮ ‬في‮ ‬النقوش‮ ‬والجداريات‮ ‬والمسماريات‮ ‬من‮ ‬عدن‮ ‬إلى‮ ‬صعدة‮ ‬ومن‮ ‬سقطرى‮ ‬إلى‮ ‬الحديدة‮ ..‬
ستجدون‮ ‬أن‮ ‬الجيوسياسي‮ ‬نصفه‮ ‬ثابت‮ ‬ونصفه‮ ‬متغيِّر‮ ..‬
نعم‮ . ‬الجغرافيا‮ ‬ثابتة‮ .. ‬والسياسة‮ ‬متغيرة‮ ..‬
والتاريخ‮ ‬يشهد‮ ‬على‮ ‬ذلك‮ ..‬
الأفكار‮ ‬النبيلة‮ ‬لا‮ ‬تموت،‮ ‬غير‮ ‬أنها‮ ‬تصارع‮ ‬دائماً‮ ‬للبقاء‮ ‬وتنجو‮ ‬في‮ ‬نهاية‮ ‬كل‮ ‬مطاف‮ ..‬
صحيح‮.. ‬أن‮ ‬العدالة‮ ‬هي‮ ‬الضمانة‮ ‬الوحيدة‮ ‬للوحدة‮ .. ‬وصحيح‮ ‬أن‮ ‬الأخطاء‮ ‬التي‮ ‬تمارسها‮ ‬السياسة‮ ‬تطمس‮ ‬بعض‮ ‬جوانب‮ ‬الأفكار‮ ‬النبيلة‮ ‬وتحجبها‮ ‬عن‮ ‬العيون‮ . ‬غير‮ ‬أن‮ ‬تلك‮ ‬الأفكار‮ ‬لا‮ ‬تموت‮ ..‬
الأفكار‮ ‬النبيلة‮ ‬مثل‮ ‬البذور‮ ‬التي‮ ‬تختفي‮ ‬في‮ ‬باطن‮ ‬الأرض‮ ‬حين‮ ‬يحل‮ ‬القحط‮ ‬والجفاف‮ ‬،‮ ‬ثم‮ ‬لا‮ ‬تلبث‮ ‬أن‮ ‬تشق‮ ‬أديم‮ ‬الأرض‮ ‬وتتبرعم‮ ‬وتنمو‮ ‬وتزهر‮ ‬حين‮ ‬يرحم‮ ‬الله‮ ‬الأرض‮ ‬ويهطل‮ ‬المطر‮ ‬وتعطف‮ ‬السماء‮ .. ‬
تحل الذكرى الحادية والثلاثون على قيام الجمهورية اليمنية بين شطرين سياسيين على جغرافيا واحدة . وتأتي هذه المناسبة وبلادنا لا تزال صامدة تصارع أبواق الحقد ، وأمواج الباطل ، وأذيال الفتنة ، وتواجه هذا العدوان الغاشم والحصار الجائر والاحتلال البغيض الذي تشنه وتفرضه‮ ‬علينا‮ ‬دول‮ ‬العدوان‮ ‬ومن‮ ‬يتحالف‮ ‬معها،‮ ‬وللعام‮ ‬السابع‮ ‬على‮ ‬التوالي‮ .. ‬لتنتصر‮ ‬،‮ ‬وستنتصر‮ ‬بإذن‮ ‬الله‮ ‬تعالى‮ ‬ونصره‮ ‬وتأييده‮ . ‬
سبع سنوات من الصبر والصمود ، هي ثمن أن اليمن قررت السير خارج إطار سياسات دول العدوان ورغباتها ومصالحها .. واليمن هي الأقوى ، وستبقى الأقوى بالله أولاً .. ولأنها تدافع عن نفسها .. ثانياً وأخيراً .
إن المُتأمل لخارطة اليمن الكبير ، سيجد بوضوح ، واحدية الجغرافيا والتاريخ .. واحدية واحدة لا تتجزأ ولا تنقسم حتى لو نجحت السياسة في فترات زمنية محدودة أن تُظهرها مجزأة ومنقسمة ، فما ذلك التقسيم إلَّا سياسي ، وما ذلك الانقسام إلَّا صراع مؤقت .. إن تاريخ وجغرافيا‮ ‬اليمن‮ ‬الموحدة‮ ‬الواحدة‮ ‬هي‮ ‬الأمل‮ ‬الذي‮ ‬حمله‮ ‬ويحمله‮ ‬اليمنيون‮ ‬في‮ ‬قلوبهم‮ ‬منذ‮ ‬الأزل‮ .. ‬اليمنيون‮ ‬الذين‮ ‬لهم‮ ‬علاقة‮ ‬بالنصف‮ ‬الثابت‮ ‬،‮ ‬وليس‮ ‬لهم‮ ‬علاقة‮ ‬بالنصف‮ ‬المتغير‮ ..‬
اليمنيون‮ ‬الذين‮ ‬لا‮ ‬يعرفون‮ ‬من‮ ‬الجيوسياسي‮ ‬إلا‮ ‬الجغرافيا‮ .. ‬إلا‮ ‬الــ‮(‬جيو‮) ‬فقط‮ .‬
هذه‮ ‬هي‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية‮ . ‬وهذه‮ ‬هي‮ ‬حقيقتها‮ ..‬
‮(‬وَاللَّهُ‮ ‬غَالِبٌ‮ ‬عَلَى‮ ‬أَمْرِهِ‮ ‬وَلَكِنَّ‮ ‬أَكْثَرَ‮ ‬النَّاسِ‮ ‬لا‮ ‬يَعْلَمُونَ‮)‬
صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم‮ ‬

‮❊ ‬نائب‮ ‬رئيس‮ ‬الوزراء‮ ‬لشؤون‮ ‬الأمن‮ ‬والدفاع‮ ‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-60627.htm